ترمب من «حلاوة الانتخابات» إلى «حديث الرئاسة»: راحت «السكرة» وجاء «الحكم»…

9 نوفمبر 2016

الأهمّ بل ما يفوق التصوّر في انتخاب الرئيس الأمريكي رقم 45 رولاند ترمب ما يلي:

أوّلا: مجيء هذا «المتسابق» من خارج دائرة «الطبقة السياسيّة» (التقليديّة) في الولايات المتحدة، حين يمكن الجزم أنّه الرئيس الأوّل الذي يصعد إلى هذا المنصب، دون أن يكون حاز أيّ منصب «منتخِب» سابق، سواء «حاكم ولاية» أو «نائب» أو «شيخ»..

ثانيا: وصول هذا الشخص (المثير للجدل) عكس جميع التوقعات وكذّب كلّ القراءات، حين اعتبره الجميع منذ الاعلان عن الترشّح للانتخابات التمهيديّة (داخل الحزب الجمهوري) ذلك «المهرّج» الذي جاء مستغلا «الديمقراطيّة الأمريكيّة»، ليغادر السابق بعد أن أثبت الوجود وكسب شهرة لشخصه أو لأعماله.

ثالثًا: نسبة الفوز أو هو الفارق، ينمّ (وهنا الخطورة) عن مدى البون الشاسع والفارق البيّن، بين ما جاءت به «عمليات سبر الآراء» التي (إلى أخر لحظة) رجّحت فوز منافسته، ليكون السؤال (حينها) عن دور «مراكز السبر» وعلاقتها بصنع «الوعي السياسي» عامّة وبما هي (هذه) «الديمقراطيّة» (على وجه الخصوص)..

رابعًا: الفوز في حدّ ذاته، يأتي دليلا عن التغيّرات الكبرى التي عرفها المجتمع الأمريكي، سواء على مستوى «القطيعة» بين «أمريكا النخبة ومراكز الأبحاث» مقابل ذلك العمق الخائف على مستقبل الفرد الاقتصادي ومن ثمّة الاستقرار الاجتماعي، لفئة صوّتت لصالح المشروع «الانعزالي» أيّ «أولويّة الداخل» على حلم «التوسّع الخارجي»…

دولاند ترمب

دولاند ترمب

من نافلة القول الجزم أنّ النفس «الشعبوي» الذي ذهب إليه ترمب، بل وعد به ناخبيه، لن يجد طريقه إلى التنفيذ بالكامل، لأنّ «الوعود الانتخابيّة» لا تلزم سوى «من يصدّقها» [على حدّ قول الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك]. لكن في المقابل يمكن الجزم (كذلك) لن تبقى الأمور على حالها، ممّا يعني أنّ «السياسة» الأمريكيّة، ستكون بحساب «التوازن/الصراع» بين حدّين، أولهما هذا «العمق» المحتاج إلى «خطاب شعبوي»، يتمّ ترجمته إلى أرض الواقع، مقابل «المؤسّسات الرسميّة» وكذلك «مراكز الأبحاث»، التي تعبّر في الآن ذاته عن رأيّ «النخب الفكريّة والسياسيّة» وكذلك «مراكز النفوذ» الاقتصاديّة والماليّة.

 

«إحساس الخوف» في أمريكا جاوز أو هو تفوّق (بالنسب المعلنة في نتائج الانتخابات) على «شعور العظمة»، ممّا يعني أنّ هاجس أمريكا الخارجي سيكون أكثر «واقعيّة» بين رغبة في تحصيل «المنافع» (المباشرة) من جهة مقابل التخلّص من «جنون العظمة» الذي لا يدرّ منافع قابلة للترويج لدى هذا العمق الشعبي (الأمريكي) المتطلّع إلى تحسين (سريع) للحالة الاقتصاديّة…

 

بالتأكيد وما لا يقبى الجدل أنّ الولايات المتحدة ستعود إلى سياسة «الانكفاء»، فقط يكون السؤال عن «الدرجة» وليس «مسألة الانكفاء» ذاتها، ممّا يعني أنّ مجمل خارطة العالم ستعيد حساباتها، وتقرّر مواقفها بناء على هذا «الانقلاب الأمريكي»:

أوّلا: على المستوى الاقتصادي: حين يأتي «الهاجس الداخلي» متجاوزًا بل نافيا لأيّ اتفاقيات أبرمتها الولايات المتحدة، ممّا يعني (وهنا الخطورة والسؤال) أن «العولمة» في شكلها التقليدي والمعروف، ستشهد تغيّرات بل انقلابات (ربّما؟؟؟)، بدءا بما هي «قدسيّة» فكرة «حريّة التجارة» وكذلك «التبادل الحرّ». الشيء الذي سيلقي بظلاله على مجمل الوضع الاقتصادي العالمي.

ثانيا: على المستوى الاستراتيجي: انكفاء الولايات المتّحدة، بالشكل الذي يريده ترامب، سيعيد مفهوم «الدولة العظمى» من ذلك «المسعى الاستعراضي» لصناعة «المجد والتفوقّ على الأخرين» إلى (ذلك) «المجد» المربح على الأمد القصير (جدّا)…

ثالثًا: على مستوى الشرق الأوسط: ستعمد الولايات المتحدة أو هي ستعيد الاعتماد على «الكيان الصهيوني» في شكل «الحليف الرسمي»، مع تراجع في العلاقات مع «الدول الخليجيّة» التي (كما قال ترمب بخصوص السعوديّة) «تجد الحماية بالمجان» ممّا يعني أنّ دول الخليج (التي تعيش أزمة تراجع سعر النفط) عليها أن تموّل (مباشرة وربّما بشكل مفضوح) «الجهد التنموي» الذي جاء في الوعود الانتخابيّة للرئيس الأمريكي الفائز.

رابعًا: على المستوى العالمي: ستكون الولايات المتحدة أكثر براغماتية في رسم سياستها أو هي أكثر براغماتية في تحديد جبهات الصراع، التي ربّما وفّرت في السابق ما يلزم من «شروط العظمة» إلاّ أنّها جاءت مكلفة للاقتصاد الأمريكي، ممّا يعني أنّ «هاجس التنمية المحليّة» سيغلب على «جنون العظمة» (المزمن)…

دون الحاجة إلى الكثير من البحث، نرى على مدى العالم من أقام الأفراح بمناسبة هذا الفوز، وكذلك من لا ينقصه سوى إقامة «مواكب العزاء»، حين ستضرّر كلّ من راهن أو وضع «بيضاته» (جميعها) في سلّة الديمقراطيين (أوباما وكلينتون) بدءا (ضمن الواقع العربي والإسلامي) بكلّ الطيف المعني بتسمية «الإسلام السياسي المعتدل» (تنظيم الإخوان بالأساس)، الذي دخل (منذ بدء هذا القرن على الأقل) في علاقة «ودّ» بل «زواج مصلح» مع الولايات المتحدة، وجب «تنفيذه» إثر (ما يسمّى) «ثورات الربيع العربي»، وكذلك ما يجري في سورية والعراق، ليكون السؤال عن مصير هذا «الزواج» مع مجيء «زوج الأمّ» (الجديد) هذا؟؟؟

 

سينزع دولاند ترمب قبّعة المترشّح ليرتدي قبّعة الرئيس، ممّا يعني أنّه سينتقل من «لغة الشتم» وكذلك «توزيع الوعود» إلى مرتبة «القول الملزم» ووجوب التنفيذ، خاصّة وأنّ الجمهوريين سيطروا على الغرفتين، ليكون السؤال عن المدى الذي سيسير فيه «رجل الأعمال» (هذا) في تنفيذ وعوده بتحسين الأمور الاقتصاديّة (في سرعة كبيرة) وكذلك مدى أو هي نتيجة هذا الصراع الذي سيكون بين «النخبة» السياسيّة التي ترى نفسها في صورة «المفكّر الأوحد» مقابل خطاب شعبوي، يسأل عن مدى «تجسيد» الحلم وليس عن سعة الواقع؟؟؟

 

لجأ ترمب أثناء الحملة الانتخابيّة إلى تلميحات جنسيّة والحديث عن عضوه التناسلي، ربّما تكون لغته هذه صالحة في الشرق الأوسط، حيث لهذه التلميحات تراث ولهذا العضو انجازات!!!!

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي