افزعوا يا «إخوان»: صبأت «الجزيرة» وربّ الكعبة!!!!

24 أغسطس 2017

لا أحد ولا فكر ولا عقل ولا خيال حتّى، يملك ذرّة عقل، للتفكير في حال «الأمّة» (العربيّة والإسلاميّة)، دون وجود قناة «الجزيرة»، بمعنى جملة «التغييرات» التي طرأت على هذ «الفضاء» منذ أن انطلق بثّ هذه «القناة» من الدوحة عاصمة قطر، وكيف تحوّلت «علبة الكبريت» (هذه) ليس إلى «الصاعق» الأوّل والأشدّ فعاليّة، بل إلى «المحرّك» الأشدّ تأثيرًا في مجمل المشهدين الإعلامي والسياسي، وكذلك في وعي الجيل الذي تابعها منذ أن نطق الإعلامي الفلسطيني «جمال ريّان» الجملة الأولى، إلى حين اندلاع (ما يسمّى) «الثورات العربيّة» (على الأقلّ) وما صارت إليه…

مهما تكن الأسباب التي دفعت (الأمير الوالد) حمد آل ثاني إلى إنشاء هذه القناة، فقد تحوّلت فعلا وحقيقة، إلى «الصاروخ» العابر للقارات، بين يديه، ويدي من ورث الحكم عنه، وتحوّلت قطر (الدولة والمشروع السياسي) من «لون على خارطة العالم» إلى أحد الفاعلين الأشدّ «نفوذًا» ضمن المجالين العربي والإسلامي، وخصوصًا فضاء (ما يسمّى) «الربيع العربي»، حين تقدّمت قطر وانتصبت (أو نصّبت نفسها) في صورة «الراعي الرسمي» لهذه الثورات، وأساسًا (وهذا الأهمّ) «المموّل الرسمي» لها، في سخاء غريب وفي كرم فات وجاوز خيال «حاتم الطائي» ذاته.

 

ضمن معادلة «التحّول» أو هو «القفز» من منظومة «الرمل زائد الغاز والنفط» (فقط) إلى منظومة «الدولة الماسكة للقرار» بدءا بما يسمّى «الثورات العربيّة» مرورًا بشراء حقوق بثّ أغلب بطولات كرة القدم، وصولا إلى افتكاك جدارة تنظيم «كأس العالم»،  يأتي دور «الإخوان» (المنظومة والفكر والتنظيم) ليس فقط شديد الأهميّة، بل لا يمكن لأحد أن يتخيّل (هذه) «المسيرة» (المتميّزة والممتازة) دونهم، أو دون وجودهم وبصمتهم في جميع الانجازات، مع ما يقود الأمر إلى السؤال عن «دوافع الإخوان» من وراء «الحلف» مع هذه الدولة الخليجيّة، لأنّ «الإخوان» هم فعلا على شاكلة من يرونه أهل تونس لا يصطاد لوجه الله…

 

الحرب في سورية أو «الثورة» فيها، مسبوق بصعود «الإخوان» في مصر وسقوطهم المدوّي، حوّل العلاقة بين «النظام القطري» من ناحية و«منظومة الإخوان» (بكاملها)، أو هو ارتقى بها إلى ما كانت العرب تسمّيه «حلف الدم»، أي وحدة «المسار والمصير»، في توافق ليس فقط ازداد، بل ترسّخ إلى درجة عدم التفريق أو هو التمييز، إن كان الإخوان اندمجوا بالكامل في (هذا) «النظام» أم «النظام» صار «إخوانيّا» (بالمفهوم السياسي) حدّ النخاع؟؟؟

المشاهد العادي غير المالك لأدوات التحليل، قبل الفطن المتمكّن من «شيفرات» القراءة، يلاحظ بل يتأكّد أن «النفس الإخواني» ليس غالبًا على قناة «الأزرق والأصفر»، بل لا ينقص سوى تغيير «اللونين» إلى ذلك «الأخضر» المجسّد لشعار الإخوان، مع السيفين وأمر التمكين في الأرض.

 

عن ذكاء وفطنة وحرفيّة وكذلك عن دراية وقصد، صارت «الجزيرة»، وانقلبت من «صوت من لا صوت له» إلى صوت «الإخوان» (الأعلى) في المنطقة، مع العلم أنّ «الجزيرة» منذ اللحظة الأولى عملت بمبدأ «التقاطع» أيّ مزج صوتها بما هو «نصيب» من «الصوت المعادي»، ليس حبّا في هذا «المنافس/العدوّ» بل [وهنا الذكاء المفقود عند جّل منافسيها]، يمكّن هذا الكمّ من «العلقم» من جعل المتلقّي يبتلع «خطاب الجزيرة» في صورة «الحقيقة المنزّلة»….

 

عادت «الجزيرة» أعداء «الإخوان» وناصبتهم الكره والمقت ذاته، بل هي الشيطنة وحتّى التكفير، خصوصًا في سورية وأقلّ منه في مصر، وجعلت من سقوط «نظام الأسد» ليس غاية كبرى، بل هو «أساس الوجود وعلّته»… ليصل الأمر بالصحفي والإعلامي «الإخواني حدّ النخاع والخلايا» أحمد منصور أن أجرى حوارًا (أقرب إلى الترويج والدعاية منه إلى العمل الرصين) في برنامجه «بلا حدود» مع زعيم «جبهة النصرة» أبو محمّد الجولاني، علمًا وأنّ هذه «الجماعة» كما «زعيمها» يقعان ضمن تصنيف «الإرهاب الدولي» (من قبل ما يسمّى «الشرعيّة الدوليّة») دون الحاجة إلى نقاش أو جدل أو تحليل.

Becharأفهمتنا «الجزيرة» وأقنعت جزءا غير يسير ممّن يشاهدونها، أنّ «البعد الأخلاقي» يمثّل العمود الفقري لخطّها التحريري، وصار (هذا) الأمر في مرتبة «الإيمان» لدى «العمق الإخواني»، حين يدافعون عن القناة ويذودون عنها، دفاعهم عن «رموزهم» من مرشدين وشهداء على مرّ التاريخ…

 

صدمة «الحصار الثلاثي» على قطر من قبل «الإخوة الأعداء» قلب الموازين «العاطفيّة» كما السياسيّة وحتّى الاستراتيجيّة. صحيح أنّ «ميراث الريبة والشكّ» بين «الإخوة» في الجزيرة العربيّة غير قليل، بدءا بالشهيّة المفتوحة للمملكة العربيّة السعوديّة (منذ التأسيس إلى يوم الناس هذا) لابتلاع جيرانها أو على الأقلّ وضعهم تحت إمرتها. كذلك «المناكفة» بين قطر والإمارات المجاورة لها لا تزال قائمة، لكن (في المقابل) هذه الدول قطعت شوطًا بل هي عديد الأشواط من خلال «مجلس التعاون الخليجي» وأيضًا وأساسًا تشترك في معاداة «نظام الأسد» وإن كان كلّ طرف يلعب ويلاعب «نظام دمشق» دون تنسيق مع بقيّة «الإخوة الأعداء»…

 

للحصار فعله السيكولوجي والعاطفي قبل أن يكون اقتصاديّا وعسكريّا. كيف لنظام تأسّس (أسوة بجميع أنظمة الخليج) على «معادلة/مقايضة» الرخاء بالملك، أن يدخل في «دوّامة» الحصار وشحّ التموين ونقص الكماليات وأوجه الترف قبل الضروريات وأسباب الحياة. ثانيا، مثلت الدوحة (النظام السياسي) ولا تزال «درّة الإخوان»، بل داعهم الإعلامي الأوّل من خلال «الجزيرة» وبقيّة التوابع الإعلاميّة، كما مثلت «المموّل الرسمي والعلني» للمشروع الإخواني وتفرعاته القطريّة، وحتّى لمن (من غير الإخوان) طرح نفسه لخدمة «المشروع» لينال من خزائن آل ثاني مالا وفيرًا [تونس نموذجًا]….

تحرّكت «غريزة» الوجود لدى «القيادة القطريّة» بفعل الحصار، في تناغم وتوافق وتطابق مع خوف الإخوان وجزعهم أمام الحصار. لذلك انقلبت المعادلة وصار الانقلاب في سلّم الأولويات، أسوة بأيّ «كائن حيّ»، «غريزة البقاء» (على قيد الحياة) أسبق وأبقى من جميع «الغرائز» القطريّة والإخوانيّة الأخرى، خاصّة وأنّ «قيادة القطريّة» تأكدت أنّ السعوديّة والإمارات لا تمزحان وأنّهما فعلتا المستحيل سّرا وعلانيّة وبذلتا ما بذلتا، من أجل «إسقاط النظام» في الدوحة…

 

يمكن فهم عمق «الخوف القطري/الإخواني» بمدى «الانقلاب» الحاصل في «خطاب (قناة) الجزيرة» التي بعد أن كانت تطلق صفة «مجرم البراميل المتفجرة» على بشّار الأسد، صارت «الجزيرة مباشر» تنقل خطابه وتطلق عليه صفة «الرئيس السوري»… التمرير والوصف رسالتان مقصودتان في عمد وإصرار وعن سابق تفكير ورويّة، بل يمكن الجزم دون أدنى نقاش [مع الاحترام الشخصي للزملاء والأصدقاء العاملين في القناة] أنّ قرارًا بمثل هذه «الخطورة» يكون نابعًا من «أمير البلاد» (شخصيا) أو طرحه أحد المستشارين مع موافقة الأمير ومباركته. لا يمكن لعاقل أن يحصر القرار في «اجتهاد» صحفي، فكّر ونفذّ…

 

لأنّ النظام القطري منذ وجود «الجزيرة» يقول من خلالها وبين ثنايا كلام المقدمين، أعمق من آلاف الخطب، يمكن الجزم أنّنا أمام «انقلاب» بل هي «ردّة» خاصّة وأنّ «الخطاب الإخواني» أسّس منظومة العلاقة مع «النظام السوري» قبل «الحرب/الثورة»، وأساسًا بعدها، على أساس «الثأر التاريخي» (منذ مذبحة/واقعة حماة) مع النظام ذاته و«حزب البعث» [الكافر] وكامل المنظومة الفكرية التي يتأسّس عليها النظام السوري وبها يسير..

السؤال (ضمن أبعاد سيكولوجيّة بسيطة ومباشر): كيف سيكون ردّ «العمق الإخواني» الذي لا يزال على مستوى صفحات التواصل الاجتماعي يردّد كمثل ما يفعل الصغار في «رياض الأطفال» شعارات على شاكلة «صبرًا أهل الشام، إنّنا قادمون»؟؟؟

 

بمفهوم علم النفس السريري، يملك العقل الإخواني المجبول على الخوف وغريزة البقاء بفعل الملاحقة والسجون وتأسيس بل تأصيل «شريعة المظلوميّة» قدرة الكبيرة ومتميّزة ورائعة على «القفز بين المتناقضات» [راشد الغنوشي نموذجًا، بل بطلا دون منازع]، وحتّى «تأصيل الفعل» بالرجوع إلى «سند ديني»، لكنّ الجموع الإخوانيّة (في تونس وغير تونس) التي تقول أنّها «ترى الشام (أي سقوطها) قريبًا» لن تستفيق في هدوء، عندما يعلمها «العقل الباطن» أنّ «الجزيرة» قد «صبأت» عن «ديدن مرشدهم» (أو مرشديهم)، حينها وجب مراجعة [الكافر] سيغمونت فرويد لمعرفة الإجابة، من خلال حلقة خاصة من برنامج «الصندوق الأسود» [على قناة «الجزيرة» طبعًا]…

 


error: !!!تنبيه: المحتوى محمي