الأغبياء، لا يميّزون بين ما «يملك» وما «يتصرّف فيه» الغنوشي…

25 مايو 2020

من الطبيعي، كما هو حال جميع التنظيمات العقديّة، أن تولي حركة النهضة منذ أن كانت «الجماعة الاسلاميّة» ومن بعدها «الاتجاه الاسلامي»، المال أهميّة خاصّة، حين ثبت منذ اليوم الأوّل أنّ المصاعب التي تحول دون «التمكين»، ليست هيّنة، وأنّ المال يمكّن من تذليل العديد منها.

من الطبيعي كذلك أن تتّخذ حركة النهضة أسوة بجميع الحركات التي تعرّضت للاضطهاد والمحاصرة، جملة من الاجراءات التي تحول دون وصول «الطاغوت» إلى أموالها، وذلك في احترام ظاهر للقوانين السارية في الدول الغربيّة التي استقبلت قيادتها، بين «واجب الشفافيّة» من جهة، مقابل ما توفر المنظومة الليبراليّة من عشرات «الملاذات الضريبيّة» التي تمكّن (مع بعض الحيل) من «اخفاء المال» عن الضرائب وجميع أشكال المتابعة.

من ذلك تأتي حيازة حركة النهضة لحسابات خارج تونس، أمرًا طبيعيا بحكم وجود القيادات لأكثر من العقدين في خارج البلاد، وثانيا، من الأكيد أن يعجز أيّ جهاز تحقيق في العالم على العثور على حسابات بنكيّة بإسم «حركة النهضة» أو «راشد الخريجي» (الغنوشي)، باستثناء حساب أو حسابات ظاهرة للرجل، تأتي من مستلزمات العيش في المملكة المتحدة، حيث يأتي حيازة حساب بنكي والتعامل المالي عبر البنوك، من لزومات العيش هناك.

الأغبياء والسذج ومن يمارسون «النضال» بمقابل أو بحثا عن الشهرة (أو الاثنين معًا)، يتخيّلون أنّ بالمقدور تأكيد الأمر واثباته من منظور إعلامي قبل القضائي، لأنّ ليس من السهل دخول هذه «الملاذات الضريبيّة» والخروج منها بنتائج ذات مصداقيّة، لا لُبس فيها ولا غبار عليها، على المستوى الصحفي أو القضائي، دون قرار نافذ من ماسكي دفّة القيادة في المنظومة الرأسماليّة.

imagesأيضًا على مستوى القانون التونسي، لا جرم على أيّ كان من النهضة (الحركة والتنظيم) في حال ثبت (افتراضًا) حيازة حساب بنكي خارج تونس، لأنّ «القيادة الماليّة» الماسكة لحسابات النهضة في الخارج، هم ممّن يحملون إقامات (قانونيّة) خارج البلاد، ومن ثمّة يكون من حقّهم حيازة هذه الحسابات.

المشكلة تكمن في أنّ الطبقة السياسيّة في تونس، بجميع من فيها، على الأقلّ رجال الصفّ الأوّل، هم على صورة «العراة في ذات الحمّام»، لا يمكن لأحد منهم أن يعاير الأخر بالعري، بل الأخطر من ذلك، يكون فتح الملفّ المالي لهذا فرصة أو هو تشريع (أخلاقي على الأقل) لفتح الملفّات جميعها، عندما اليقين قائم بأنّ جميع «العراة» يملكون من الأسرار ما يخجلون أو بالأحرى يخافون شيوعه بين الناس…

السؤال الأولى بالطرح بخصوص الغنوشي، عوضًا «عمّا يملك» يكمن «في ماذا يتصرّف»، عندما تأكّد أن الشيخ/الزعيم احتفظ بملفين منذ وجوده في الغربة ورفض التفريط فيهما بعد الرجوع إلى تونس، وهما حسابات النهضة في الخارج وكذلك العلاقة الخارجيّة.

أبعد ممّا يتصرّف فيه راشد الغنوشي، يأتي مقدار الدعم المالي الذي سيأتيه من حلفائه التاريخيين، في حال جاءت الحاجة إلى المال، مثل حدوث «صدام» بين النهضة وخصومها داخل البلاد.

الذي ابتدع فكرة «محاسبة الغنوشي» أشبه بمن فتح قبر الزعيم المنغولي تيمورلنك الذي تقول الحكايات، أنّ ذلك سيورّث العالم «مصائب عدّة».

بعض من هو سائرون على درب «محاسبة الغنوشي» يفعلون ذلك من باب المجاراة وحبّ الظهور، مع خوف عميق من أن يكون القادم على طاولة التشريح تحت الأضواء الكاشفة.

عائلات المافيا الصقليّة، سواء في نسختها المحليّة (في الجزيرة) أو التي استقرّت في الولايات المتّحدة، كانت تبلغ في صراعاتها حدّ القتل والتنكيل، دون الجرأة على فضح ثروات بعضهم البعض، لأنّ اليقين قائم لديها، أن فضح أيّ عائلة من قبل عائلة أخرى، سيجلب الأضواء على من انفضح أمره أولا، ومن بعده سيبحث الجميع عن ثروات بقيّة العائلات…

الخلاصة : طبقة سياسيّة لم ترتق بعد إلى مستوى المافيا الصقليّة في أردى مراحلها…


error: !!!تنبيه: المحتوى محمي