«الحاج» هتلر، و«أردوغان» الفاتح وبوتين «العظيم»: عرب مرضى يرفضون الحقيقة…

25 نوفمبر 2015

يعاني العرب (حضارة وشعوبًا وفكرًا) من يتم غريب، هم أشبه بأبناء «ارملة» أو هم دون أب «معلوم»، يرمون «الأبوّة» على أوّل قادم على أرضهم (أمّهم)، في سهولة غريبة وفي تبديل أسرع، كأنّ الأمر قضاء حاجة وتلبية نزوة لا غير، أشبه بالحاجة إلى جرعة كوكايين أو هي هيرويين، تلبّي حاجة ساعة، في انتظار التي تلي (الأبّ الذي يلي).

طبيعي أن يكرع العرب من ماضيهم وطبيعي العود إلى الأمجاد، ذلك جزء أساسي، بل مؤسّس لأي شخصيّة حاضرة في أيّ فضاء كان، لكنّ الأغرب على مستويين:

أوّلا: أنّ «اليتم» مسّ المجتمعات جميعها، من جميع الملل (الفكريّة) والنحل (الايديولوجيّة)، في «عدل» أو هو «تعادل» غريب، بين الإسلامي والعلماني، أو المؤمن والملحد…

ثانيا: طلب العرب هذا «الوهم» إلى حدود الصين، ولم يتركوا زعيمًا في العالم، وإلاّ فاخر به بعض العرب بعضهم الآخر، على أنّه منهم بل القائد والسيّد، إن لم نقل «المنقذ»…

 

في تونس، لعب بهذا «الفقر العاطفي إلى الأبّ»، الباجي قائد السبسي ونجح به في الوصول إلى «عرش قرطاج» ولا تزال «سيطرة الغنوشي» على حركة النهضة (في جزء منها) ترجع إلى «عامل السنّ والأبوّة»…

 

الخطير على المستوى «الدولي» هذا التبنّي السريع، بل السعي (كالطفل الصغير فعلا) للاستحواذ على الأبّ دون الأخرين، كمثل دفاع تونسيين عن أردوغان في شراسة عجز عنها الأتراك، أمام هجمات أتراك أخرين، بل الأخطر أنّ هذا «الرهط» (من التونسيين)، صار يتحدّث (من تونس ودون أدنى زيارة لتركية) عن مشروع «العدالة والتنمية» وعن «أحلام أردوغان» عبر «ضمير المتكلّم»!!!!

الصورة ذاتها، مع تغيير بعض التفاصيل، يأتيها تونسيون أخرون هذه المرّة تجاه «بوتين»، جعلوه البطل الذي سيملأ الأرض «عدلا واحسانًا» بعد أن مُليت (من قبل أردوغان ومن معه) «ظلمًا وجورًا»!!!

عند العود إلى التاريخ، نجد «هتلر» قد صار حاجًا، «غلوب باشا» (البريطاني صانع جيش الأردن) وطنيّا أكثر من الأردنيين، دون أن ننسى زعامات «الأبّ» (ستالين) و«الزعيم» (ماو تسي تونغ)، وكذلك (بدرجات متفاوتة) «أنور خوجا» و«شافيز»، وصولا إلى الرؤساء الأمريكيين الذي جعلهم (بعض) العرب، أقرب إلى الروح من الوريد….

 

هذا التبنّي، بل هذا الاستحواذ المرضي، يستوجب أو يتمّ من خلال «تدجين» صورة هذا «الأبّ»، ليصير ليس فقط ملبيا لهذه الحاجة النفسيّة بل (الأخطر) صانعا لها. عندها يتحوّل كل من أردوغان وبوتين إلى «زوز باندية» (اثنان من الفتوات أو البلطجيّة)، يحسمان أمرهما بالسكاكين أو بالهراوات في بطحاء سيدي المشري (في تونس العاصمة)، كما كان يفعل «فتوّة تونس الأوّل» علي شورّب (رحمه الله) مع من أرادوا إنزاله من على عرش «الفتوّة» في العاصمة…

 

اسقاط الطائرة الروسيّة فتح باب الاستنماء العقلي والعاطفي دون حدود، هذا يراه دليلا على دخول «أردوغان» موسكو فاتحًا على رأس جيش من انكشاريي العصر، وذاك يتحدّث (في صدق الانبياء) أنّ غضب بوتين لن يطول وسيجعل تركيا تدفع الثمن، كأنّنا داخل خمّارة من النوع الهابط، ينتهي فيها أيّ خلاف عبر الحسم بالسكاكين والزجاجات المكسورة…

أغرب من التبنّي وأغرب من الاستحواذ هذا الفهم أو هي القراءة الخاطئة للتاريخ (المعاصر) أو الأحداث (الجارية)، حين ينس هؤلاء المرضى ما جرى أمس، وقد سفهت الأحداث أحلامهم ليعودوا دومًا إلى سالف عاداتهم…

 

هتلر - أوردوغان -بوتين

هتلر – أوردوغان -بوتين

الصراع بين بوتين وأردوغان حقيقي، بل هو أصلا بين تركيا وروسيا، صراع نابع من عمق التاريخ، لكن بموازين العصر. لا أردوغان هو «محمّد الفاتح»، ولا بوتين هو «بطرس الأكبر». كلاهما يملك عقلا أوّلا، وثانيا (وهذا الأهمّ) أجهزة تعمل من ورائه، تعدّ له ما يلزم من معلومات، وتشاركه في التفكير ومن ثمّة تضع مع الخطط وترسم معه الاستراتيجيات.

ليس في فكر أو عقيدة أو «مخّ» أردوغان أو «بوتين» أن يتحوّل إلى «فتوّة» ينازل كلّ منهما الأخر (ربّما) ذهابًا وإيابًا، بالسكاكين والهراوات، مرّة في ساحة «تقسيم» (في إستنبول) ومرّة في ساحة «الكرملين» (في موسكو)…

فقط، عمق عربي مريض، والأخطر أنّه لا يريد الاعتراف بمرضه، والأخطر مرتين أنّ هذه «اللوثة» أصابت الصحفيين (بعضهم) وكذلك العديد من السياسيين وقيادات المجتمع.

 

الأكيد أنّ روسيا بقيادة «بوتين» (الأكبر) لن تذهب حدّ تدمير تركية بكاملها، والأكيد كذلك أنّ «أردوغان» (الفاتح لدى العديد) لن يفتح موسكو، بل هي حرب عصريّة تتمّ على ثلاث جبهات:

الجبهة الأولى: الجبهة الإعلاميّة، حين يروّج الروس كما الأتراك، مباشرة أو عبر وكلاء لهم (من الصحفيين المرضى في الدول العربيّة على سبيل المثال)، ما يريدون من صورة وما يبغون من قناعات…

الجبهة الثانية: الجبهة السريّة، وهي تتمّ في الخفاء بعيدًا عن الأعين، حين يطعن هذا ذاك، وذاك هذا، دون أخلاق الفرسان، بل بوسائل «أرذل من وسائل علي شورّب»

الجبهة الثالثة: جبهة تكنولوجيّة، حين السؤال الأساسي لدى الروس، ليس لماذا سقطت الطائرة، بل أيّ سلاح أسقط وكيف الافلات منه في المستقبل، كما يعمل الأتراك بمشاركة شركاء الحلف الأطلسي على فك سرّ الأسلحة الروسيّة وقدراتها الدفاعيّة….

 

من يحلم في فرجة بين الطرفين، على شاكلة «ماتش كرة قدم» بين كلّ من برشلونة ومدريد، عليه أن يترك الحلم لأنّ الروس والأتراك، قد يدخلان في مناوشات أو هي احتكاكات أمّا الحرب المفتوحة على مصراعيها، لإرضاء المشاهدين، أسوة بلاعبي كرة القدم، عليه أن يراجع طبيبًا أو «دجالا» يعالجه بالبخور والعقاقير، لأنّ من ألف الاستنماء لا ينفع مع سوى البخور…


2 تعليقات

  1. أكتبها بمرارة : و لو كانوا ممن يدبر أمره لما صاروا نسل من ليس له نسل.

  2. نسيان لفظة “ليس”
    ليس الخطير على المستوى “الدولي” هذا التبني السريع الخطير بدل الخطير على المستوى “الدولي” هذا التبني السريع الخطير

    ينسى بدل “ينس”

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي