النمر مات، و الأسد يفلت، والدبّ يزمجر والكاوبوي يعاند

3 يناير 2016

بعيدًا عن (أعين) الإعلام العربي، ودون أن يثير ضجّة كبيرة، أمضى الرئيس الروسي فلادمير بوتين وثيقة رسميّة يوم 31 ديسمبر الماضي، يتمّ بمقتضاها تصنيف الولايات المتحدة في خانة الدولة «التي تمثّل تهديدًا لأمن روسية»، وهي المرّة الأولى التي تقدم فيها دولة روسية الاتحاديّة على مثل هذا القرار، علما وأنّ الوثيقة تعوّض سابقتها التي تمّ امضاؤها في 2009، زمن الرئيس الروسي السابق ديمتري مدفيدف، حين لم تتم الإشارة لا إلى الولايات المتّحدة الأمريكيّة ولا إلى الحلف الأطلسي في الخانة المذكورة.

إقدام روسية على مثل هذه الخطوة، أو بالأحرى إمضاء هذه الوثيقة علنًا أمام الإعلام وأعين «الصديق» كما «العدوّ» (الأمريكي) أمر مقصود، دون أن ننسى تزامن هذا الحدث ما شروع دولة روسية الاتحاديّة في تطبيق ما كان تقرّر من «عقوبات على الولايات المتّحدة».

هذه الوثيقة وهذا القرار لا يعبران عن واقع، بقدر ما يصنعانه، حين يعلم الكلّ ويدري، بل هو اليقين الذي ليس في حاجة إلى اثبات، عن وجود «توتّر شديد» (جدّا) بين كلّ الولايات المتحدة الأمريكيّة وغريمها الاتحاد الروسي، على الأقل، منذ سيطرة روسية أو هو ابتلاعها القرم دفعة واحدة، وكذلك سيطرة قوات موالية لها على شرق أوكرانيا. هذا الشرق الغنيّ بالفلاحة والصناعة والمناجم.

من ذلك، اتّخذ الصراع في سورية ومن أجلها بعدًا جديدًا منذ «ابتلاع القرم»، حين نزلت روسية بكلاكلها إلى سواحل سورية، وقد جاءت معها بقوّات كبيرة، بل وأهمّ من ذلك أسلحة استراتيجيّة بعضها (أو كثيرها) يغادر الفضاء الروسي لأوّل مرّة.

إنّها الحرب، حين تبدأ الحروب بالاستعداد لها، ويمثّل ذلك جزءا من الحرب النفسية (الاستباقيّة)…

 

FILE - In this June 18, 2012, file photo President Barack Obama and Russia’s President Vladimir Putin, left, go to shake hands during their bilateral meeting at the G20 Summit in Los Cabos, Mexico. Obama will be joining global leaders in Northern Ireland Monday, June 17, 2013, for the Group of Eight (G-8) summit of the world's top industrial nations, where after months of caution he is suddenly positioned more aggressively on Syria. He's expected to prod Britain and France to follow his lead in trying to arm the Syrian rebels, and press Russia to end its support for Syrian President Bashar Assad.(AP Photo/Carolyn Kaster, File)

باراك أوباما ـ فلادمير بوتين

اعتبر الكثيرون أنّ الولايات المتحدة التي افتعلت (حينها) «أزمة أوكرانيا» كانت تهدف إلى تخفيف الضغط الروسي (رغم قلته) على سورية، وكذلك فتح باب المقايضة، أو على الأقل الازعاج حين تعمل الولايات المتحدة إلى خلق بؤر تعفّن في جوار الدول «غير المتعاونة»…

على العكس من ذلك، بل كان النقيض، ابتلعت روسية القرم دون مضغ، وأرسلت من الدعم العسكري والمادي وقدمت من الدعم السياسي، لمقاطعات الشرق الأوكراني ما جعل عديد الخبراء (الذين حفر بعضهم الفخّ) يتعجّب من هذا «الهجوم الروسي»، ممّا يعني أنّ روسية حقّقت فوزا (مؤقتا) في أوكرانيا، الشيء الذي جعلها، تتشجع وترسل قوات ضخمة وعتاد كثيف ونوعي، إلى الساحل الروسي.

 

الخلاصة: لم يأت الروس للخسارة ولن يتركها الأخرون (تركية والسعودية والكيان الصهيوني ومن وراء الجميع الولايات المتحدة) تربح بسهولة، ممّا يعني أنّنا لسنا أمام «مباراة كرة قدم» حيث الفوز بالأهداف المسجلة، بل صار الشرق الأوسط وشرق المتوسط، أشبه بحلبة قتال زمن الرومان: صراع حدّ الموت وسعي كلّ واحد لإيقاع بالخصم أثقل الخسائر وتحمّل أقلّها…

نزول روسية، على الساحل السوري، أفهمت الجميع، أنّ الولايات المتّحدة لم تعد القوّة الوحيدة في المنطقة، وكذلك أفهمت الكلّ أنّ الصراع سجال ومفتوح على كلّ الاحتمالات.

 

ضمن هذا المربّع وتحت هذا السقف يلعب العرب جميعهم، سواء سورية التي جاءت حاجتها إلى «الحماية الروسيّة» أكيدة، أو كامل الخليج وأنظمته التي تعجز عن التنفّس لحظة خارج «الحماية الأمريكيّة»…

 

من ذلك يأتي عبثًا أو هو من وحي «أحاجي الجدّات» أن نتخيّل طرفًا عربيّا قادرًا على دخول المواجهة (مع طرف مثله في المكانة ويوازيه في المقام) دون «الحماية» التي تقف عند رأسه، وكذلك لا يمكن أن نتخيّل هذه الدول العربيّة قادرة على اعلان الحرب (أصلا) على قوّة عظمى دون «إشارة خضراء» من «الحماية» التي تقف على رأسها…

 

من ذلك علينا تنسيب «الصراع داخل الشقّ العربي» أو الصراع بين «الشقّ السعودي» (ومن معه) في مقابلة «الشقّ الإيراني» (ومن معه) واعتباره «فرعًا من الصراع الأكبر» وكذلك (وهذا الأهمّ وهذه الخطورة) رأس حربة في أي حرب يريدها هذا «الراعي الذي يوفّر الحماية»…

 

من ذلك لا يمكن أن نتخيل لحظة أنّ الرياض أقدمت على اعدام «نمر باقر النمر» دون «اعلام» الولايات المتحدة، أو على الأقل على عكس رغبة الولايات المتحدة، التي ترغب دائمًا في توريط حلفائها قبل أعدائها، وأساسًا قطع «خطّ الرجعة» عليهم، لعدم الثقة في أحد مهما كان هذا «الطرف»…

يأتي الطرف الإيراني أكثر قوّة من السعوديّة على المستوى البنيوي، خاصّة في هذه الفترة، حين استطاعت طهران أن تؤسّس أو هي تنتزع هامش مناورة أوسع بكثير أمام الحليف الروسي، ممّا هو للرياض أمام الراعي الأمريكي، كذلك أثبتت المملكة العربيّة السعوديّة، وهي تغرق في حرب اليمن، استحالة أن يوفّر هذا «الجيش» الحدّ الأدنى من الحماية أو الصدّ أو حتّى الردع، وهو غارق في المستنقع اليمني.

من ذلك تأتي السعوديّة الحلقة الأضعف، حين لم تؤسّس اقتصادًا صلبًا كما هي تركية، أو بنية عسكريّة قويّة كما هي إيران، بل تأتي الحاجة السعوديّة إلى هذا «الحلف الإسلامي لمحاربة الإرهاب» أقرب إلى منظومة «دفاع عن المملكة» أكثر منها «الدفاع عن أي هدف اسلامي»…

 

تنفيذ حكم الاعدام في نمر باقر النمر، يأتي الشرارة، وليس الحرب ذاتها، لأنّ تفاصيل هذه الحرب، تأتي متعلقة بالرغبة الأمريكيّة وبالقرار الروسي، لأنّ هذه الدولة وتلك، بما تملك من قوّة، يستحيل أن تتحوّل إلى تابع إلى هذا الطرف أو ذاك العربي.

السؤال هنا ليس عن «غليان القدر العربي»، بل هو يغلي منذ سنين، بل عمّن تركه يفيض أو من يملك المصلحة في أن يفيض هذا القدر، خاصّة أنّ الطرف العربي هو من يدفع ذمن الجمر الذي يحافظ على غليان القدر…

 


4 تعليقات

  1. الخلاصة في الآية الكريمة: ولن ترضى عليك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم. النتيجة كما خلصت لقولها استاذنا ان الطرف العربي هو من يدفع ثمن فتن الجمر الذي اشعله قادة امريكا وروسيا ومن والاهم من داخل الوطن العبي وخارجه ليحافظ على غليان القدر الذي يلتهم يلتهم كل مقومات الامة العربية والاسلامية فكرا وجسدا وحجرا. فافهم يا عربي ويا مسلم فقد تكالبت عليكم الامم كما تداعى الاكلة على القصعة. حرر فكرك وثق بنفسك وقاوم خمولك وفقرك الفكري انما الامم الاخلاق ما بقيت فان هم ذهبت اخىقهم ذهبوا وسنام الاخلاق هو التحرر الفكري والتمسك بالحرية في المطلق الايجابي. فانهض واحترم نفسك وثقافتك وموروثك الحضاري تنال احترام الآخر.
    محبة

  1. تعقيبات: womens emu boots on sale

  2. تعقيبات: mammut jacket womens

  3. تعقيبات: marmot outlet store locations

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي