بعد دحر «الانقلاب»: أردوغان سيدفع بالاقتصاد ما ربحه بالانتصار…

17 يوليو 2016

يعلم أردوغان وكامل أركان نظامه أنّ أخطر من الانقلاب ذاته، وكذلك «الجهات الداخليّة» المتورطة، هو حجم «الدعم الخارجي»، الأوروبي كما الأمريكي والخليجي، حين تبيّن بما لا يدع للشكّ أنّ «يد أمريكيّة» تقف وراء الانقلابيين، وأيضًا «دعاء أوروبي»، دون أن ننسى «الإعلام الخليجي» («العربيّة» كما «سكاينيوز»)، حين لا يمكن بل هو الجزم الذي لا يحمل الشكّ بأنّ هذه القناة أو تلك، تأتي التعبير المباشر وكذلك «الترجمان الصادق» (جدا) لسياسة المملكة السعوديّة ودولة الإمارات، أو على الأقلّ هي «الرغبة» (القائمة) أو «المصلحة» (المعلنة)…

مهما طالت «نشوة الانتصار» على الانقلاب، سيستفيق نظام أردوغان وأركان دولته، لتقف أمام حقائق بيّنة:

أوّلا: أنّ لا دولة (من الدول الفاعلة على المستويين الإقليمي والدولي) كانت ستبكي ذهاب ملكه، رغم القراءات في المنطقة بأنّ الجيش (بدعم الأمريكي) كان سيدخل في حرب مباشرة ضدّ النظام السوري.

ثانيا: أنّ «الانقلاب» (الفاشل) لن يكون أخر المحاولات التي لن تكفّ سواء لتحجيم نظامه أو تدميره، ومن ثمّة اليقين قائم بأنّ في «جعبة الأعداء» من السهام ما يكفي لضرب تركية ونظام أردوغان.

ثالثًا: أمام «جبهة الدول الانقلابيّة» يجد أردوغان وراءه، جملة من الدول الأخرى (سورية، إيران، العراق وروسية)، التي وإن كانت في صراع مع «الدول الانقلابيّة» إلاّ أنّها في صراع معه كذلك، ومن ثمّة على أردوغان أن يعيد ترتيب سلّم «العداوات» (القائمة) أو سلمّ «الصداقات» (المحتملة)…

Turkiaيعلم أردوغان ومن معه في الحزب والسلطة، أنّ «البيت التركي» من زجاج (شديد الانكسار)، وكذلك يعلم بل هو اليقين، أن أكثر من جهة بين سعي لضربه بالحجارة أو هي تعدّ لذلك، سواء تعلّق الأمر بالملفّ «الكردي» (الذي أصبح بمثابة خنجر أمريكي في الظهر التركي) أو الأرمني (الأقرب إلى الهوى الأوروبي) دون أن ننسى «احتلال تركية» للشطر «القبرصي»، وختامها «ملفّ حقوق الإنسان» الذي أشار إليه وزير الخارجيّة الفرنسيّ حين صرّح أنّ «الوقوف ضدّ الانقلاب لا يمكن أن يشكّل صكّا على بياض»….

 

هذه المعادلة، التي تأتي أشبه بحكاية «كليلة ودمنة» التي تصف حال من سقط في بئر وتعلّق بالحبل، ووجد جرذانًا تقضم الحبل، وأفاع تترقبه تحت…

«جرذان الناتو» تريد تركية دون أردوغان وكذلك تريد تركية ضعيفة أو على الأقل أضعف ممّا هي، في حين أنّ «الأفاعي القاع» تقف على شلاّل من الدماء التي سالت على مدى سنين «المحرقة السوريّة»، ممّا يدفع أردوغان إلى التفكير في تحييد «الجرذان» أو «طمأنة الأفاعي»، أي السير في طريق «الانحناء» إن لم نقل «الانبطاح»….

 

أزمة تركية وقيادتها تكمن في «القطيعة» (الانفصاميّة) بين «نشوة الانتصار» التي سيركبها «العقل الإخواني» (التركي) لتصفية حسابه مع «طيف المعارضين» (في الداخل)، ودليل ذلك، ذلك الترويج «الخطير» (جدّا) بأنّ «الانقلاب» شاركت فيه أو باركته، أو على الأقل تمّ بعلم «جميع دول العالم» (الفاعلة على المستويين الإقليمي والدولي)….

فكرة «المؤامرة» (الكونيّة) مفتاح استعمله أو هو أسّس للدولة النازيّة، علمًا وأنّ الصراع بين رجب الطيبّ أردوغان وداوود أوغلو، تمركز وتأسّس حول تجميع الأول لمزيد السلطات بين يديه، ممّا يعني أن «الرئيس» (التركي)، سيذهب أكثر في ركوب هذه «النظريّة» محاولا تجميع ما استطاع من قوّة…

 

سيكون هناك تناقض، يؤسّس لانفصام خطير، بين «تضخّم» (الذات الداخليّة) بفعل التغوّل القائم والقادم، مقابل التنازلات التي سيقدم عليها النظام مجبرًا صاغرًا أمام «الجرذان» كما «الأفاعي»، دون أن ننسى أنّ «الثغرات» في المنظومة التركية أكثر من أن يستطيع «العقل التركي» عدّها أو الأقل حراستها…

 

تأسّست «أسطورة» أردوغان على نجاحات اقتصادية حقيقية بل هي أشبه بما هي «الأسطورة» (فعلا)، لكنّ الغرب (الشريك الاقتصادي الأوّل لهذه الدولة) سيواصل من خلال «الاقتصاد» ما شرع فيه من خلال «الانقلاب»، لذلك ستشرع جهات أوروبيّة وغربيّة في تفسير «تراجعها الاقتصادي» (أو هو الفشل)، بما هي «سياسة الإغراق» التي تمارسها «تركية»، دون أن ننسى ربط «الانفتاح الاقتصادي» بالملفّ الأرمني والملفّ القبرصي، أو «أسطوانة حقوق الإنسان»….

فورة «الانتصار على الانقلاب» ستمرّ، ورسائل الدعم أو هي الدعوات على وسائل التواصل الاجتماعي، لن تكون ذات وزن بل هي عديمة الوزن على ميزان المصالح الدوليّة، حين لا دولة (حين نستثني قطر التي لا حول ولا قوّة ولا حريّة لها) قادرة على الوقوف في شدّة وصلابة بجانب «المثال التركي»…

 

تركية ستكون أشبه بذلك «السكران» الذي لا يشعر بحجم «الطعنات» الذي ستصيبه، وهو يتخيّل ذاته (بفعل الانتصار على الانقلاب) قادر على تحطيم جميع «الموانع» (أمامه)…

الملفّ الاقتصادي سيكون «الشبّاك» (الأوّل) الذي ستصيبه أو أصابته «حجرات الإرهاب»، حين تعلم تركية أن (ما يسمّى) «داعش» لا تمثل أكثر من «واجهة» لبعض «الجرذان» الذين لا يروق لهم خروج «الشريك التركي» عن «الخطّ» المرسوم، حين لا قدرة ولا حقّ لرجل تركية الأول رجب الطيب أردوغان أن يرقص كما فعل «زوربا» (اليوناني)…

تنبيه: الرقص يكون على هوى «الجرذان» وإلاّ ضربة قادمة…


error: !!!تنبيه: المحتوى محمي