في شأن العدالة ومسائل القضاة وعُصاة المدوّنين: ما لن يقرأ القضاة.

22 سبتمبر 2018

???????????????????????????????????????????????????????????????????????????????????????

يلاحظ الفقيه في التشريعات كما الجاهل بالقوانين أنّ المحاكم والقضاء وما هي العدالة، صارت جميعها في عجز عن أمرين: مواكبة الانفجار المرعب والمهول في كمّ المخالفات وما هي «تجاوزات»، وثانيا (وهنا الخطر بل المصيبة) في تحوّل هذه «التجاوزات» إلى أمر مألوف وعادي بل من «الحقوق المكتسبة»، بدءا من بيع السجائر خارج الأكشاك المرخّصة وبالمفرق، وصولا إلى «التهريب» الذي وجب أنّ نسمّيه (من باب الأمانة في التوصيف والصدق في التعبير) «تمرير» خارج إطار التشريعات المكتوبة وتحت أنظار المكلفين بإنفاذ هذه التشريعات، الذي هم في عجز (فعلي وفاعل) عن تطبيق «التشريعات» سواء من باب نقص إن لم نقل غياب الامكانيات البشريّة ناهيك عن الوسائل الماديّة، دون أن نغفل «غضّ الطرف» من السلطة السياسيّة الخائفة، بل المرعوبة من الكلفة الاجتماعيّة وبالتالي السياسية لتطبيق «القانون بخذافره» على الجميع دون استثناء ودون مهادة، سواء من باب الخوف على «مكتسبات الدولة» أمام «ثورة» (جياع) قادمة لا محالة، أو هو الخوف عن كراسي يجلسون عليها وقد أردوا الاستفراد بها إلى يوم الدين، إن استطاعوا إلى ذلك سبيلا. هذا حين نغضّ الطرف (بدورنا) عن تحوّل التهريب (بعض المهربين أو كثيرهم) إلى شركاء «محترمين» جدّا يجالسون علية القوم، ولا أحد (من السلطة المخوّلة قانونًا) يملك قدرة مساءلة جميع، أو طرح ذلك السؤال السحري: «من أين لك هذا»، سواء لبائع السجائر علانيّة أمام قصر العدالة بشارع باب بنات، أو أباطرة التهريب الذي (بحسب بطاقة التعريف) يشتغل «عاملاً يوميا»….

لذلك إحساس متزايد ومتفاقم لدى عمق شعبي يتوسّع ويتعمّق بأنّ «ماكينة الدولة» ليست عادلة، بل هي (بحسب هذا العمق الشعبي) تُعمل ميزانها بحسب «وجوه الحرفاء»…

يتعمّق هذا الحذر وتشتدّ الريبة حين يخصّ الأمر «جرائم السياسة والإعلام»، حين من النادر جدّا جدّا جدّا جدّا أن تحرّكت «النيابة العموميّة من تلقاء ذاتها» (وفق ما يقتضيه القانون بالنصّ وصريح القانون) ممّا يجعلنا حسابيا نعدّ ونحتسب حالات «التحرّك» لصعوبة عدّ وتعداد حالا «عدم التحرّك»…

سؤال إلى السادة القضاة [لا يطالعه أحد منهم لأنّ لا أحد منهم سيردّ]: ما الذي يجعلكم غير قادرين (أو راغبين ربّما) في ملاحقة كلّ شاردة وواردة وفق ما يقتضيه الضمير قبل القانون، والحسّ الوطني قبل الوظيفة؟؟

ساداتي القضاة،

أعلم أنّ جرائم الأنترنت تمثّل التحدّي الأكبر أمام جناب عدالتكم، لا لشيء سوى حين [وهنا أحدثكم في صلب الاختصاص] أصبح مجال ممارسة الجريمة أوسع بكثير من مجالكم الترابي وبالتالي القانوني، ليتزايد هامش جديد لعجز عدالتكم عن ملاحقة أمثال جلال بن بريك [مثلا] حين لا يجرّم القانون الفرنسي ما تجرّمون من فعله، إضافة إلى تسييس القضيّة وهو ما يرعب السياسيين الواضعين «أرواحهم» على كراسي قرطاج والقصبة وباردو.

المدوّنون صاروا بعبعًا ليس فقط لأنهم يخالفون قوانين لا يحترمها المهربون وطائفة عريضة من السياسيين، بل (فقط وحصرًا) يريدون اللعب في مجال (غير قانوني وغير أخلاقي) مفتوح ومباح وحتّى «حلال» أمام غيرهم ومغلق أمامهم خاصّة (وهنا الخطورة على البلاد والقضاء) لا شرعيّة في مجال السياسي إلاّ من خلال القوّة والعربدة، وما نراه في نداء تونس يستوجب أن «تنتفض النيابة» ولا تتحرّك.

سؤال إلى السادة القضاة [لا يطالعه أحد منهم لأنّ لا أحد منهم سيردّ]: ما الذي يجعل جناب عدالتكم تلاحق الصحبي العمري (مثلا) ولا تلاحق يوسف الشاهد (مثلا) حين شتم أمّ (الرئيس السابق) محمّد المنصف المرزوقي بصريح الشتم؟ أي لماذا تثورون لكرامة قاضية (وهذا واجب وحقّ) ولا تثورون لكرامة والدة المرزوقي؟؟؟ هل من العدالة (والسؤال معرفي ومعاذ الله أن يكون استنكاريا) أن تثوروا لشرف بعضكم من باب «العصبيّة» [الخلدونيّة] المحمودة ولا تأتون الأمر ذاته مع سائر المواطنين الذين وجب تذكير القراء وليس جنابكم أنّ العدالة في خدمة الجميع؟؟؟؟؟

كلام موجه بالحصر والتشديد إلى قاض استنطقني ذات مرّة:

وعدتني مؤكدا في قسم شديد أن نلتقي في مقهى نتحدّث من باب المساواة، ولم توفِ وعدك. لأتأكّد (مع قليلا من النرجسيّة المحمودة طبعا) أن قلم الصحافة ينتصر على مطرقة العدالة حين يكون اللقاء في «ملعب محايد»… لأجدّد السؤال والعرض:

هل من قاض يشرّفني بمناقشة ما سبق أمام كاميرا؟؟؟؟ أم أنّ قدري أن أترقب كما ينظر سيزيف؟؟؟؟


error: !!!تنبيه: المحتوى محمي