مؤتمر النهضة: بين عقليّة «المؤامرة» والمرارة الدائمة…

15 مايو 2016

لا حديث للعامّة أو الخاصّة، أو هو الموضوع الشاغل لأغلبيّة «المحدثين» (في الشأن السياسي)، حين أصبح «مؤتمر حركة النهضة» الحدث الأهمّ (في تونس)، سواء لأهمّية هذا الكيان السياسي على الساحة التونسيّة، أو هي «سخونة» موضوع «الإسلام السياسي»، سواء في ارتباط بما يعلن أصحابه أنّه «الإسلام التونسي» وصولا إلى (ما يسمّى) «الإرهاب»، داخل البلاد أو خارجها…

إضافة إلى موقع النهضة أو موقفها من السيرورة السياسيّة (القائمة في البلاد)، يمكن الجزم أنّ طرح مسألة الفصل بين كلّ «الدعوي» وكذلك «السياسي»، تأتي أشبه بتلك «الفريسة» (السهلة) أمام سباع جائعة، سواء من داخل «الطيف الإسلامي» مطالبة بالأمر أو مرتعبة منه، أو من خارج هذا الطيف، تطالب به هي الأخرى، أو هي تشكّك في جدواه أو وجوده أصلا (أي مسعى الفصل)…

 

أخطر من طرح المعادلة وجعلها موضوع «المؤتمر العاشر» (هذا)، بل «بيضة القبّان» (كما يقول المشارقة)، أنّ صار الطيف بكامله الإسلامي كما المعادي لكلّ نفس إسلامي، يصف المسألة أشبه بما هي «مباراة كرة قدم» حين تنتهي «المقابلة» (بين المنادين بالفصل والرافضين له) وفق عدد الأهداف المسجلّة في شباك كلّ طرف…

المسألة (لمن يبحث عن التبسيط المبالغ فيه) أشبه بمطالبة عروس بكر لم يمسسها بشر قبل ليلة الزفاف، بأن تضع من الغد مولودها، من باب التأكيد أو التأكّد من «جنس المولود»…

 

ما هو قائم من حسم (داخل النهضة وبين صفوفها) وما هو قائم من جزم (خارج النهضة وبين أعدائها) يؤكّد بما لا يدع للشكّ، أنّنا نعيش والأخطر من ذلك سيعيش المؤتمر (العاشر هذا) «معركة كلاميّة» تتقاطع عند مسألتين خطيرتين:

أوّلا: صراع «الفيلة» داخل النهضة، حين لا يمكن الجزم (داخل كلّ نفس إخواني) بوجود تيّارات جليّة وفوارق بيّنة وواضحة بين «التيّارات» القائمة (افتراضًا)،

ثانيا: المعركة ستكون (دون أدنى شكّ) معركة «تأويل» للنصوص القائمة، وبالتالي، ستنصبّ الجهود على النقاشات داخل الكواليس من باب مقايضة التصويت بالموقف (من اللوائح) وليس التصويت على «المواقف» (ذاتها)، حين لم يخرج العقل الإسلامي من معارك التأويل، ولم تغادر النهضة بعد «الأبستمولوجيا» الاخوانيّة…

سنكون أمام معارك وجوديّة حقيقيّة بين هؤلاء «الفيلة» لكن السؤال، لا يمكن أن يخصّ جدليّة الصراع ذاته، سواء سيروته أو منتهاه، بل (وهنا الأخطر والسؤال) قطر دائرة الصراع، ضمن «النفس الإخواني» المجبول على تدوير الزوايا وتربيع الدوائر، أيّ «استحالة» الظهور في صورة «القطيعة» بين الأطراف المؤسّسة للمشروع «النهضوي» في تونس…

 

nahdha2الصراع (عندما نختصر المعادلة) سيكون بين «الأنا» (داخل كلّ فرد) يطمح للصعود، علمًا وأنّ (هذه) «الأنا» تعيش فعلا عقدة «نقص» تجاه المرشد/المعلّم/القائد/الفيلسوف/الرئيس/الأستاذ/المفكّر راشد الغنوشي، مقابل «حتميّة» صناعة أو اختصار المشهد في لعبة «توافق» عندما صار هذا اللفظ «علامة مسجلة» في حساب المرشد الغنوشي والنهضة بصفة أخص، ومن باب «جحا أولى بحماره» تأتي النهضة أولى بتطبيق (هذا) «التوافق» بين صفوفها…

 

يجب التمييز على مدى الفترة الممتدة بين التفكير في انجاز المؤتمر العاشر (أي مؤتمر 2012) ولحظة ختام هذا المؤتمر (أي القادم) بين هوس صناعة «النفوذ» (الحقيقي) مقابل هوس صناعة «الصورة» (الظاهرة)، حين لم يتخلّص «عقل النهضة» ولن يتخلّص قبل عقد على الأقل، من «عقدة الصورة»، أيّ ما جاءت به «حاكميّة السيّد قطب» بأنّهم ليس فقط «خير أمّة أخرجت للناس»، وبل (وهنا الخطورة) صفوة هذه «النخبة» وقيادتها «الأفضل»، لذلك يسعى النهضويون إلى الفصل بين طبقة الصراع الجدّي سواء في أبعاده الفردية أو العقدية أو حتّى الجهويّة وصولا إلى «الأغراض الشخصيّة»، وصولا إلى «وجوب» صناعة «النهاية السعيدة» على نمط «الأفلام الأمريكيّة» أو التعبير الكتابي في فصول التعليم الابتدائي: «رجع إلى المنزل فرحًا مسرورًا»….

يمثّل راشد الغنوشي، الرجل، والبطانة ونمط التفكير وأساسًا ميزان القوى الذي يمثله، أحد أكبر المحدّدات بل أكبرها، خصوصًا في هذا المؤتمر، حين لا يمكن قياس قيمة الرجل بعدد محبيه أو كمّ الخصوم، بل (وهنا الخطر) أنّه «لغّم» النهضة (الحزب والفكر والتنظيم) على مقاسه، ومن ثمّة، سيحاربونه بأسلحة صنعها ويخاصمونه بقانون ابتدعه، ليجعلهم (وهنا الخطورة) بين «ذلّ الانحناء» (أمامه) أو هي «مرارة تفجير» النهضة من الداخل….

 

أسئلة ترقى أو هي أعوص من معادلات الفلسفة في امتحان الباكالوريا، بل أشبه بمن عليه أن يغيّر إطار سيّارة سباق وهي تسير، أي محاربة الغنوشي بسلاح الغنوشي والانتصار على الغنوشي من خلال منطق الغنوشي ذاته…

الرجل يعلم أنّ عليه أن يعلن (من باب العقل) «خطبة الوداع» خلال هذا المؤتمر، ألاّ أنهّ (على شاكلة بورقيبة وبوتفليقة) أقنع نفسه أو أقنعته بطانته، أنّهم بدونه «يتامى» ومن ثمّة يأتي وجوده أشبه «بالغمامة» التي «تظلّ» النهضة بكاملها، وفي رواية أخرى «تضلّ»….

 

جزء من الصراع الدائر داخل النهضة يتمّ «تحت» نظر الغنوشي، وهذه الدونيّة، تجعل من الجميع (دون استثناء) يلعب من أجل «تحسين الموقع» والارتفاع في الترتيب، وخصوصًا «ملء الفراغات» التي من «الواجب» أن يجلس فيها «اللاحقون» (يومًا) إثر «السابقون»…

 

سؤال (في غاية البراءة):

هل سيكون الغنوشي في «عظمة» بورقيبة فيكون «الانقلاب» (من الداخل)، أم في «ذكاء» أزنافور؟؟؟

ما العلاقة بين الغنوشي وأزنافور؟؟؟ لا إجابة لمن لم يجد الإجابة بمفرده….


7 تعليقات

  1. محمد الناصر الفرجاني - تونس

    السّؤال المركزي، و بعيدا عن رغبتهم في الشّماتة ببعضهم من منافسيهم، و التّباهي بمؤتمر باذخ، قلت السّؤال المركزي يبقى: من أين كلّ هذه الأموال التي سيتمّ تبذيرها، بعد كلّ ما تمّ تبذيره لتأجير/شراء مقرّ مونبليزير، و كلّ مكاتب التّنسيقيّات الأخرى، و جيوش الموظّفين، و العمّال، و أساطيل السيّارات من الفاخرة المصفّحة إلى العاديّة مثل ال KIA الفريدة التي أهديت لإبنة حمّة النّصراوي!؟ لا تحاولوا إستبلاهنا بالقول إنّها متأتّية كلّها من قطر، إضافة لإشتراكات المنخرطين بالنّهضة، متناسين أهمّ مصدر ألا وهو إكراميّات الفاسدين القدامى الذين وعدتموهم بإدخالهم الحمّام البخاري العربي الذي سيخرجون منه “نظافا، لا وسخ عليهم، كالفرفوري بعد غسيله، أو كما خرج منه أعضاء وفد شارلمان ملك فرنسا لهارون الرّشيد”!!؟؟ آه، يا تونس، ناري عليك. الله يحميك من شرور كلّ منافق، آمين، سلام.
    Riadh Chebbi
    لفلوس فلوس هم
    و زيدة أحكي علي فلوس اللي إتصرفت علي صنب موش بذخ هذا ؟
    حسيستني أن النهضة معقداتك.
    لعلمك يا Riadh Chebbi، الذي عقّدته النّهضة، و سلبته بصيرته هو أنت، ههههه. نعم، لإذا كان تبذيرن و صرف الموال على طريقة غربان الخليج، و شيوخ بول البعير هو تصرّف تراه حكيما، و عاقلا، فأنت إذا فاقد للعقل، و للبصيرة!؟ هههه. يكفيك هذا، و إستمرّ في تلحيسك لهؤلاء الهبل، الله معاك. أمّا صنم المفسد الأكبر فذلك دليل على فقدان الصّواب عند أربابك المتواجدين بالحكم، و يقبلون مثل هذا التّهريج، و فرعنة الأنجاس المناكيد مثل “جلاّدهم، و خنّاقهم!؟، حقّا القطّ يعشق خنّاقه، هههه.

  1. تعقيبات: nfl store near me

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي