محسن «الموازي» والغنوشي «البديل»: دليل عن فشل قائم…

23 فبراير 2017

بين راشد الغنوشي الذي لا يهدأ له بال من زيارة حتّى يعاود مسك عصا الترحال والتجوال، ومحسن مرزوق الذي يريد اللعب في المساحات المتروكة أو المهجورة، أسئلة كثيرة وحارقة عن موقع السياسة الخارجيّة (عامّة) في تونس، سواء على مستوى الموقع والموقف، أو (وهنا السؤال) القيمة والقدرة، أيّ القيمة التي توليها (كلّ) «الجهات» (الأخرى أي الاقليميّة والدوليّة) لهذه السياسات (التونسيّة)، وأيضًا مدى «القدرة» على تحصيل المنافع ودرء المكاره، لأنّ الدبلوماسيات جميعها وفي كلّ الأوقات وجميع الأمصار، تحاول وتسعى لتحصيل المنافع ودرء ما المكاره؟

تحوّل راشد الغنوشي بل هو ارتقى من مجرّد «رئيس» طرف (سياسي) في تونس إلى لاعب «مباشر» على خارطة المنطقة وعلى الأخصّ ضمن الفضاء الإسلامي، بل حاز مساحات (مع السعوديّة مثلا) عجز عن دخولها أمثاله من الأطراف الإسلاميّة ذات المرجعيّة الإخوانيّة. سواء نفى ذلك أو أكّده الخصوم، يأتي فعل رئيس حركة النهضة، في صورة التأكيد والنفي. تأكيد الحاجة إلى هذه «الحركة الإسلاميّة»، في صورة «نقطة اللقاء» بين أطراف متناقضة (في ليبيا خصوصًا)، وكذلك نفي «صفة الإرهاب» التي التصقت بكامل الطيف الإسلامي وصعد دونالد ترمب ليؤكدها بل يسعى إلى ترسيخها ومن ثمّة توظيفها والعزف على وترها.

 

كما في الحالتين (محسن مرزوق أو راشد الغنوشي) سواء نفى هذا أو فنّد ذاك، لا يمكن نفي القدرة أو هي الرغبة في «توظيف» هذه «الدبلوماسيّة الموازية» ضمن المربّع التونسي، سواء على مستوى تحسين الصورة أوّلا أو (وهنا الخطورة) الاستقواء بطرف «غير تونسي» ضمن المعارك العلنيّة والخفيّة على الساحة السياسيّة في البلاد.

في تجاوز وفي ارتقاء فوق جميع التأويلات الممكنة والقراءات القائمة، لا يمكن الحديث عن «دبلوماسيّة موازية/بديلة» إن لم يصفها البعض بالنقيضة، دون الإقرار بالفراغ أو العجز الذي تعيشه « الدبلوماسيّة الرسميّة» سواء على مستوى الخطاب أو الموقف أو الأداء، أو حتّى (وهذا الأهمّ) عدم الاستقرار وغياب التخطيط والعجز عن المراكمة.

RachedMohsenهذا وذاك (أيّ الغنوشي والمرزوقي) ينفيان «نيّة» اللعب «ضدّ الدولة» بل يصرّان على مستوى الخطاب، على أنّ كلّ منهما، يلعب ضمن المجال «الحلال» وثانيا لا يمسّ مصالح الدولة (التونسيّة)، بل أصرّ راشد الغنوشي أنّ «رفيق التوافق» الباجي قائد السبسي على علم وعلى دراية بكلّ هذه التحرّكات، سواء قبل أداء الزيارة أو النتائج والمنجز من خلالها.

 

يلتقي راشد الغنوشي ومحسن مرزوق في السعي لتوسيع دائرة الفعل وتعميق مدى التأثير، ومن ثمّة تحصيل الفوائد، لكن مع فوارق عدّة:

أوّلا: راشد الغنوشي يتّكل على موقع داخل تونس (لا حاجة إلى تأكيد) واشعاع اقليمي (ضمن المراتب الأولى) وتأثير دولي (مرتبط بمكانة «الإخوان» ودورهم)، ما يفوق أو يتجاوز بكثير ما لمحسن مرزوق من موقع في الداخل واشعاع في الاقليم وتأثير في الخارج.

ثانيا: راشد الغنوشي وحركته في عين العاصفة أو هو لم يغادر بعد «منطقة الخطر»، سواء على مستوى «التورّط» الثابت والمساهمة الأكيدة في «الإرهاب» الذي شهدته كلّ من سورية والعراق، في حين يلعب محسن مرزوق منذ عودته إلى تونس ودخوله المعترك السياسي، ضمن الفضاء المعادي للإسلاميين، بل هو ضمن «الكفالة» المعلنة والصريحة وغير الخفيّة، لدولة الإمارات العربيّة المتحدة، التي لا تخفي عداءها للنهضة في تونس وللطيف الإخواني عامّة، كما تخفي (بالكاد) دعمها المادي (خاصّة) لكلّ من محسن مرزوق وشريكه خليفة حفتر.

ثالثًا: تملك النهضة عديد «الأوراق» منها ما تستفرد به، في حين يأتي أرقى حلم لدى محسن مرزوق بأن يكون مجرّد «قطعة غيار» ضمن «محرّك» إماراتي التركيب، حين تعجز هذه الدولة النفطيّة عن تجاوز دور الممول، تاركة لجهات أخرى (الولايات المتحدة) مهمّة التخطيط ورسم السياسات في بعدها الاستراتيجي.

يمكن الجزم بل هو اليقين، أنّ «الشهادات» التي قدمتها الجزائر وكذلك «التبجيل» الذي يلقاه راشد الغنوشي في عاصمة الدولة الجارة لتونس، تأتي جميعها مكاسب تدعم موقف النهضة (داخل تونس) وموقعها (في الإقليم)، وكذلك (وهذا الأهمّ) يدفع النهضة وزعيمها إلى «مزيد البذل» ضمن «عقد» (التفاهمات) القائم مع الجزائر، خصوصًا على مستوى الملفّ الليبي.

 

في المقابل، نرى محسن مرزوق عاجز عن «تثمين» أيّ علاقة (مع أيّ جهة كانت) ضمن الواقع الليبي، بمعنى تحويلها إلى «نفع» (لأيّ جهات كانت)، وكذلك عاجز عن القول بحيازة ثقة الجهات الفاعلة (أو أوسع طيف منها)، ممّا يجعل زيارة محسن مرزوق إلى بنغازي، ترقى في أحسن حال وفي أفضل حساب، إلى إمكانيّة تحسين العلاقة المتوترة، بين خليفة حفتر وبعض الجهات التونسيّة، وعلى رأسها رئاسة الجمهوريّة (أيّ الباجي قائد السبسي)، ممّا يدفع للسؤال (مع ما يلزم من التجرّد الصحفي): هل سيتخذ محسن مرزوق بوّابة حفتر لدخول قصر قرطاج، أم سيستعمل هذه «الورقة» وسيلة ضغط على «رئيس» حركته الأسبق؟؟؟

يعاني الواقع السياسي التونسي، من عقدة «الارتجال» (بدرجات متفاوتة) ممّا جعل الكلّ (دون أدنى استثناء) يغرق في مستنقع «ردّ الفعل» أوّلا، وثانيا (وهذا الأخطر) يعجز عن «النظر» أبعد ممّا هي «غريزة» الوجود، سواء الغنوشي المرعوب من «تهمة الإرهاب» وتبعاتها على المستويين الاقليمي (سورية والعراق) أو العالمي (ما يعدّه ترمب ومن معه)، أو محسن مرزوق الخائف أو المرعوب هو الأخر، من أن يضيع بين زحمة الأيّام وتدافع الأحداث، خاصّة وأنّ «البدائل» عنه عديدة، لأنّ أهميّة هذا الرجل لا تكمن في ذاته (كما يعتقد)، بل في قدرته على تقديم الخدمات (أفضل من غيره) ضمن مجال الطاعة (بالمفهوم السائد لدى حكام الخليج) ومستلزمات الانضباط (القائم ضمن الواقع المعادي للإسلاميين)…


22 تعليقات

  1. تعقيبات: marmot for sale pet

  2. تعقيبات: birkenstock sale online

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي