مسؤول جزائري رفيع جدّا: معاملة تونس بالمثل وقرارات أخرى قريبًا…

1 سبتمبر 2016

الجزائر العاصمة ـ جدل.أونلاين ـ خاصّ وحصري:

«عندما برّر الجانب التونسي عدم القدرة على حذف ضريبة الثلاثين دينارًا المفروضة على السيّارات الجزائريّة، بأنّ القرار صادر عن «قانون الماليّة»، فهو بالتالي نزل بالعلاقات الثنائيّة من مستوى الأخوّة والتاريخ والماضي المشترك، إلى مستوى التعامل الدبلوماسي والقراءات السياسيّة القائمة على المصالح الذاتيّة، بما في ذلك القرارات السياديّة والحقّ المطلق وغير القابل للنقاش بالمعاملة بالمثل»…

هكذا بدأ مسؤول جزائري رفيع جدّا، وعلى اطلاع وثيق وضمن دائرة صنع القرار في كلّ ما يتعلّق بالعلاقات مع تونس، اللقاء معه، علمًا وأنّ سفير الجزائر في تونس، السياسي المخضرم والدبلوماسي صاحب الخبرة، عبد القادر حجّار حاول إثناء الجانب التونسي عن قرار «الضريبة» (هذه) مستندًا إلى القيم الجامعة للشعبين والأخوّة الضاربة في التاريخ، وخاصّة المصالح المشتركة، خصوصًا مصلحة الجانب التونسي، المستفيد الأوّل من انتقال البشر والسلع بين الطرفين….

 

وجب التذكير أنّ قانون الماليّة (التونسي) لسنة 2014، كان قرّر فرض ضريبة قدرها «ثلاثين دينارًا» على كلّ سيّارة غير مسجلة في تونس عند دخولها التراب التونسي، ممّا أثار امتعاضًا شعبيا جزائريّا، لم يكن ذاته لدى الجانب الرسمي الجزائري الذي «تفهّم الخطوة»، وإن لم يكن مقتنعا بجدواها على المستوى المالي، وقرّر (وهي من المّرات النادرة جدّا في تاريخ الدولة الجزائريّة، ربّما تكون الأولى) عدم «الانجرار وراء آلية المعاملة بالمثل»، التي تأتي من المبادئ «المقدّسة» لدى «العقل الدبلوماسي الجزائري»…

 

جهات تونسيّة [اقتصاديّة خاصّة] شكّكت في قدرة هذه الضريبة على أن توفّر تلك الإرادات القادرة على «انقاذ الاقتصاد»، علمًا وأنّ كلّ سيارة [أيّ ما يعني عائلة، تقريبًا] تزور تونس من الجزائر، تصرف على الأقلّ ألف يورو في الأسبوع، أيّ ما يقارب أو يزيد عن خمسة مائة وألفين دينارًا تونسيّا (2.500)، وهو مبلغ جدّ مرتفع مقارنة بقيمة هذه الضريبة، دون أن ننسى «سياحة الاستشفاء» التي تكلّف الجزائري أحيانًا ما يفوق آلاف الدنانير التونسيّة في الأسبوع.

846de29d-aa6f-413a-a422-ea68a40977fd_16x9_600x338الاجماع قائم في تونس، أنّ هذه الضريبة لا يمكن أنّ تشكّل الفارق على مستوى إيرادات الخزينة التونسيّة، بل شكّلت (كما الذبابة في كأس الماء) نقطة جعلت العديد من الجزائريين (سواء عموم الشعب أو حتّى عديد المسؤولين) يعتبرون أنّ تونس (الرسميّة) تنظر إلى الجزائر والجزائريين في صورة «البقرة الحلوب» التي لن يجفّ ضرعها مهما سحبت تونس منه…

 

وجب التذكير أنّ مسألة «الثلاثين دينارًا» لم تقسم الصراع بين «جزائريين» يقابلون (على الجانب الأخر من الحدود) «تونسيين»، بل تفرّق هذا الطرف وذاك، حسب «المصلحة»، حين تظاهر على الجانب التونسي «تونسيون» اعتبروا أنّ «الثلاثين دينارًا» أحدثت ضررًا شديدًا بمصالحهم (داخل تونس)، وهم يتوزعون بين أصحاب النزل في المنطقة السياحية في طبرقة، الذين يستقبلون كلّ نهاية أسبوع مئات الحرفاء من الجزائريين، وكذلك صغار التجار وحتّى تجار العملة ومن معهم من العاملين في التجارة الموازية…

 

«كان على الجانب التونسي قراءة المطالب الشعبيّة بإلغاء هذه الضريبة قراءة جيّدة، والنظر إليها في صورة «الإنذار» وليس هوى عابر وغضب سريع الانقشاع»، هكذا عبّر المسؤول الجزائري أو هو قرأ التظاهرات التي أقدم عليها عديد الجزائريين سواء على مستوى المعابر الحدوديّة أو أمام القنصليّة التونسيّة في تبسّة…

وجب التذكير أنّ هذه «المظاهرات» أقدم عليها الجزائريون القاطنون في المناطق الحدوديّة، بحكم كثرة تردّدهم على تونس سواء للسياحة أو لاقتناء السلع التونسيّة (سواء للاستعمال الشخصي أو المتاجرة بها)، معتبرين أنّ هذه الضريبة المفروضة على كلّ عمليّة عبور تمثّل نزيفًا ماليا لم يعودوا قادرين على تحمّله…

 

المسؤول الجزائري صرّح خلال هذا اللقاء الحصري والخاص، أنّ القراءة الجزائرية لهذا الملفّ، كانت تأمل بل تمنّت أن يقرّر الجانب التونسي (من جانب واحد) الغاء هذه الضريبة، تفاديا لأيّ «اشكاليات لاحقة»، مضيفًا أنّ القرار الجزائري، فضّل إرجاء الحسم إلى حين انتهاء موسم السياحة الجزائريّة في تونس، الذي يوافق العودة المدرسيّة من كلّ عام، ومن ثمّة وأمام «الردّ غير المقبول» على طلب السفير الجزائري، سواء على مستوى «تقدير» العلاقات بين البلدين أو قامة هذا السفير المخضرم وماضيه النضالي، قرّرت الجزائر، معاملة الجانب التونسي بالمثل، أيّ فرض ضريبة على دخول السيّارات التونسيّة إلى الجزائر، وثانيا (وهذا الأهمّ) «اتخاذ جملة من القرارات التي تهمّ العلاقات بين الطرفين»…

 

أكّد المسؤول الجزائري أنّ قرار المعاملة بالمثل راعت فيه الجزائر عدم الإضرار بالاقتصاد التونسي وعدم المسّ من حريّة التنقّل بين البلدين وكذلك تأتي أبعاده «الدبلوماسيّة» أرفع بكثير جدّا، من اعتبار الأمر مجرّد «جباية» لن تكون الخزينة الجزائريّة في حاجة إليها البتّة، حين تمثّل السيارات الجزائريّة نسبة كبيرة جدّا من العدد الجملي للسيارات العابرة في الاتجاهين بين البلدين…

رفض المسؤول الجزائري الكشف عن «القرارات الأخرى» معتبرًا أنّ المسألة تهمّ القراءات السياسيّة وليس نوعيّة هذه القرارات في ذاتها.

 

يمكن الجزم دون أدنى شكّ أنّ رفض الجانب التونسي التخلّي عند هذه الضريبة مثّل «القطرة التي أفاضت البحر» (الجزائري)، في حين يأتي قرار المعاملة بالمثل دليلا على «الانكماش الجزائري» دون المسّ بحريّة التنقّل أو سيولة الانتقال بين البلدين.

 

رفض المسؤول الجزائري الاستفاضة في الحديث وربط هذه الخطوة (الجزائريّة) بالتحوّل السياسي في تونس من حكومة الصيد إلى حكومة الشاهد، معتبرًا أنّ التعامل بين الدول (أو الدولتين بالتحديد) «أرقى وأرفع من ربطه أو توظيفه في مثل هذه «التحوّلات» التي تهمّ «الجانب التونسي» حصرًا»…

عند سؤال المسؤول الجزائري، عن المسؤولية التي تتحمّلها حكومة الشاهد في هذا الملفّ، وهي القادمة على عجل، وسط إرهاب يضرب البلاد وشلل في الحوض المنجمي وغليان في جهات عدّة، ردّ أنّ الجزائر تتعامل مع الدول وتتفاعل مع المؤسّسات، ومن ثمّة ليس لها تفضيل لهذا المسؤول على ذاك، ومن ثمّة ـ يضيف ـ أنّ بقاء أيّ حكومة أو رحيلها، شأن تونسي خالص، يكون للجزائر موقف منه بحسب سياسة (هذه) الحكومة وليس هويّة من يرأسها أو تشكيلة الوزراء…

 

ختم المسؤول الجزائري التأكيد على تونس تحتلّ مكانة متميّزة، على مستوى التاريخ والعاطفة، لدى الجزائريين، سواء الشعب أو القيادة، مؤكدا أن الجزائر قدّمت ولا تزال ما استطاعت لتونس، سواء على المستوى المالي بين هيبات وقروض عديمة الفائدة تقريبًا أو تشجيع السياحة الجزائريّة في تونس، حين اعتبر هذا المسؤول أنّ تعصير المراكز الحدوديّة الجزائرية يدخل ضمن خطة مستقبلية هدفها تشجيع انتقال البشر وسهوله التبادل الاقتصادي…


13 تعليقات

  1. سليم بن حمّاد

    أنا تونسي، وأقدّر، بل وأجلّ المواقف الشهمة والكريمة للإخوة الجزائريين حكومة وشعبا من تونس… لم أشعر أبدا أنّنا شعبان، بل شعب واحد بتاريخ واحد وثقافة واحدة، لكن تفرّقه الحدود السياسية.
    ضريبة الـثّلانين دينارا في اعتقادي أخذت أبعادا أكثر ممّا تحتمل… لو كانت مفروضة على الإخوة الجزائريين لوقفتُ ضدّها لأنّه ستكون ظلما ومهانة لا يرضى بها أيّ تونسي، لكن إخوتي الأعزّاء هي ضريبة على كلّ سيّارة غير مسجّلة في تونس وتستخدم الطّرقات التّونسيّة. هي مفروضة على التّونسيين أنفسهم الذين يعيشون بالخارج سواء أوروبا أو الخليج، أو يستعملون سيّارات بلوجات منجميّة أجنبيّة لفترات معيّنة. وهي مفروضة على اللّيبيين أيضا الذي تجوب سيّاراتهم الطراقات الـتّونسيّة وهم إخوتنا ومرحب بهم في تونس.
    التّونسيّون يدفعون ضريبة تتراوح بين 250 و1000 دينار سنويّا حسب قوّة محرّك السيّارة مقابل استخدام الطرقات التي تبنيها الدّولة.
    فما هي قيمة 30 دينارا (12 دولار) هي ثمن 20 لتر من البنزين مقابل استخدام هذه الطّرقات… لماذا يدفع المواطن التّونسي بسيّارته التّونسيّة كلّ الضّرائب عوضا عن كلّ مستخدمي الطريق من سيّارات غير مسجّلة في تونس؟
    لن يصدّق أحد أنّ هذه الضريبة ستساعد الاقتصاد التّونسي في شيء، بل هي مسألة عدل بين كلّ من يستخدمون الطرقات فلماذا يأخذها البعض بعصبيّة وكأنّها تستهدف طرفا دون آخر وتُصبح مزايدة سياسيّة؟ لا نحتاج إلى ذلك… تونس متنفّس للجزائر، والجزائر سند دائم لتونس، فرجاء لا تعطوا المسألة أكثر من حجمها.
    عاشت الجزائر، وعاشت تونس.

  2. حمزة مبارك

    نتفهم جيداً الخطوة التي أقدم عليها اخواننا الجزائريون والتي تنبع من شهامة وعزة لسوء الحظ تكاد تفقد بالكامل في تونس.

    هذا يحيلنا على السطحية التي يتعامل بها دبلوماسيونا مع الملف الجزائري رغم خصوصية العلاقة والمرحلة التي نعيشها

  1. تعقيبات: buy millets in bangalore

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي