مهدي جمعة: بدائل «سلطان» في مجامع «الخصيان»…

23 أبريل 2016

في بلد (أي تونس) صار فيه فتح «الدكاكين السياسية» أيسر (وخصوصًا أنفع) من فتح «دكاكين التجاريّة»، يكون من الطبيعي، بل المقبول وحتّى المعقول، أن يركب مهدي جمعة أسوة بغيره هذا «البحر»، حين لم يعد الوصول إلى «شاطئ الحكم» يستلزم التمكّن من «فنّ السباحة»، بل «قدرات» أخرى…

لذلك يكون على الجميعMJ B، من عامّة الناس، إلى المراقب، دون أن ننسى الصحفي، أن يأخذ الرجل (أو هو «المشروع») بما هو أوّلا، أيّ «الماضي» وثانيا (وهذا لا يقلّ أهميّة) بما يقول وما يعلن وما يصرّح به، بخصوص المشروع، الذي لا يزال في مرتبة «القول من القول»…

 

MJ 1تبدو ملاحظة غريبة، بل عجيبة وهي مقلقة بالتأكيد. الرجل أو من يقف وراء «صفحة الفايسبوك» (أحد أهمّ وسائل التواصل)، يستهلّ الأمر (أيّ صفحة المشروع كما صفحة سي مهدي) بالقول الجميل والعبارات الرشيقة وما هو رائع في أدب العرب عند الكلام، خصوصًا أنّ «ضمير المتكلّم» (لسان حال الكاتب) يعود على «نون الجماعة» (أي من يقفون وراء المشروع) في حين (وهنا المصيبة الكبرى والطامّة العامّة) أنّ «الصور» (في نسبة تزيد عن 95 في المائة) هي صور (سي) المهدي جمعة، كأنّ لا غيره (في هذه المجموعة) يستحقّ أن تظهر صورته للعلن.

وجب التذكير أنّ الأخبار راجت، أنّ الرجل (سي جمعة) استجمع أمره وعقد نواياه وقرّر أن يكون «زعيمًا» في بلد صارت الزعامات تصعد وتنزل أشبه بما هي السحب على شاشة النشرة الجويّة، وقرّر كذلك (وهنا المهمّ بل الأهمّ) أنّه «حامل لمشروع» وليس «قاصد للحكم» (فقط)، لذلك جاءت الأخبار (المؤكدة) أنّ (سي) مهدي، اتصل بكلّ «الكفاءات» في البلاد، وأفهمها أنّ قوّته تكمن في الرغبة أو القدرة أو هو العمل على تجاوز الفوارق السياسيّة، لا مقدّس لديه سوى «مصلحة البلاد» دون أدنى استثناء للكفاءات مهما كان لونها السياسي.

 

إلى هذا الحدّ، يمكن الجزم بل القسم بأغلظ الأيمان وأوكدها أنّ الرجل يقول «كلامًا جميلاً لا نقدر أن نقول حاجة عنه» (وفق أغنية الراحلة ليلى مراد)، لكنّ المرور إلى التطبيق أو هو الإعلان عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يبرز بما لا يدع للشكّ أنّ الرجل استثنى «هذه الكفاءات» من الظهور، وجعلها في أفضل الحالات «مجرّد خصيان» في «معبد البدائل»، أيّ أن يعمل هؤلاء في صمت وبعيدًا عن الأضواء، ليظهر سيادته ليس في صورة «الأوحد الوحيد»، بل (وهنا الأخطر) في صورة «الوجود» ومن تجاوزه يكون «العدم»….

MJ 2MJ 3أيضًا، من باب التشخيص الذي ينطق بمفرده (وفق التعبير الفرنسي)، يلاحظ المرء أنّ صفحة «تونس بدائل» عرفت (إلى حدود يوم السبت 23 أفريل 2016 على الساعة الثانية بعد الظهر و54 دقيقة) 59 محبّا أو مشتركًا في حين أنّ صفحة (سي) «مهدي جمعة ـ تونس البدائل» عرفت في ذات اليوم والساعة والدقيقة، 39671، ممّا يعني (وهذا الأمر يدركه المشرفون على الصفحات) أنّ «الشغل» كما الجهد والعمل منصبّ على صفحة (سي) مهدي وليس على صفحة المشروع السياسي…

أيضًا، تأتي صفحة المشروع هزيلة ودون مادّة تُذكر، في حين أن صفحة «الزعيم» شديدة الثراء….

 

إلى هذا الحدّ لم يتجاوز الأمر مجرّد التشخيص الذي لا يمكن اختلاقه وكذلك لا يمكن نفيه، ليكون السؤال الأهمّ (بل الأخطر) متجاوزًا لهذا «التوجه» أي «ماذا»، لنكون أمام «لماذا» حارقة، أي ما هي الدوافع التي جعلت (سي) المهدي يريد أن يصبح (على مستوى التسويق الإعلامي) «الكلّ في الكلّ»، وأيضًا لماذا (والسؤال استفساري فقط) قبلت هذه «الكفاءات العاملة معه» أن تحتلّ دور «الخصيان» أمام من أراد أن يتقمّص دور «السلطان»، علمًا أنّ صفحة «تونس البدائل» خالية خلوّا تامّا من أيّ اسم أو صورة لأّي عنصر «مؤسّس» لهذا المشروع «الذي يدّعي قدرته على تجاوز السائد»… أيّ أنّنا أمام «تنظيم سرّي» أو هو عهد بورقيبة وكذلك فترة بن علي، حين كان المجاهد الأكبر وصانع التغيير يقصف أيّ اسم يسطع من خلال الإعلام…

فعلها (سي) مهدي استباقًا وجعل الجميع (قبل البدء) في «مصاف النكرات» (غير الموصوفة سوى بالتخمين)…

 

MJ 3MJ 5إنّه العقل الاقطاعي العقيم والفاسد، الذي لا يزال يعشّش في صدور الساسة في هذا الفضاء العربي الإسلامي، سواء تعلّق الأمر بمن يملك المال والسلطة والسلاح، أو هو لا يزال «مجرّد مشروع» أشبه بمنيّ يراود بويضة من جملة جيش أمثاله…

أخطر من «الفاعل» (حين نتفهمّ خواء سجله التاريخ) صمت هذه «الكفاءات» التي جاءت أشبه بما جعل بن علي حوله من دكاترة وعباقرة، كبارٌ (أو هكذا يقولون) على مستوى المعرفة والمرتبة الأكاديميّة، لكنّهم أذلاّء أمامه بل عديمي الشخصية والضمير وحتّى العرض والشرف…

 

مهدي جمعة الذي لا شرف (سياسي) له سوى أنّه مثّل «تقاطع المصالح» (كيف ولماذا؟؟) أثناء «الحوار الوطني» عاجز عن صنع «سجلّ» (مشرّف) خارج «التسلطن» (المالي) على من معه (في المشروع) وإذلالهم بين المال السائل والمناصب الموعودة، بل يمكن أنّ «جنون العظمة» (هذا) يتناسب مع «خطورة» الملفّات التالية:

MJ 6MJ 7أوّلا: قرض الوقت الضائع وما هي عليه من ملاحظات منطقية، سواء تعلّق الأمر بأسلوب تحصيله أو نسبة الفائض،

ثانيا: تمكين شركات نفط من أحقيّة التنقيب في قفز على القوانين أو التأويل المضرّ بالصالح العام،

ثالثًا: رفضه تسلّم أحمد الرويسي الذي كان سيعترف حتما بالجهة السياسية التي تقف وراء الاغتيالات السياسيّة،

رابعًا: ملفّ «الستاغ» وعلاقة المناقصة مع شركة «ألستون» الفرنسيّة الموضوعة في القائمة السوداء…

هذا ما ثبت فقط…

 

لا تلمنّ الضباع حين ترتفع، فقد دانت لها الأسود وانكسرت…

MJ AMJ 8MJ C


error: !!!تنبيه: المحتوى محمي