ناقدو «الحماس» يبحثون عن « حماس » حرباء على مقاسهم

22 ديسمبر 2015

إضافة إلى فرقة «المرجئة» الذين يرفضون الحسم في المسائل الفقهيّة الكبرى، مفضلين «إرجاء الأمر إلى يوم القيامة»، وفرقة «المنزلة بين المنزلتين» الذين جعلوا «الأحكام» أشبه بتراوح بين أبيض ناصع وأسود قاتم وما بينهما من درجات اللون الرمادي، طلع علينا جماعة أمس هم أقرب إلى «فرقة الحرباء»، أيّ أنّهم يبحثون لفاعل لا يشعر بجريمة عن «تأصيل» ينقذه من «جريمة» لا يراها الفاعل. لا هم حكموا ببراءة «مطلقة»، ولا هم ذهبوا حدّ «التجريم»…

منذ البارحة راح خلق كثير، من العامّة ومن أهل الفكر وجمهرة السياسة وخاصّة العلم، في البحث عن «فتاوى» تنزع عن حركة المقاومة الإسلاميّة حماس «إثم التأبين» دون أن ترى في هذا «التأبين» فعلا محمودًا، بمعنى (من باب القياس) أنّ «الفاعل غير مذنب بينما الفعل فعل ذنب»!!!

حماس

حماس

رجوعًا إلى تاريخ الفقه الاسلامي، يمكن الجزم أنّنا أمام حالة فريدة من «تأصيل الفعل» وفق القواعد الفقهيّة أو الشرعيّة البيّنة أو التي هي ضمن إجماع المسلمين، على مذاهب أهل السنّة والجماعة، حين لم نر (من قبل) تجريم الفعل دون القول بجرم الفاعل، أيّ أنّ حركة حماس «لم ترتكب جرمًا» حينما أبّنت «سمير القنطار»، في حين أنّ غيرها «مجرم بالضرورة» في حال أتى نفس الفعل، أو ترّحم أو ذكر الراحل بخير…

 

نحن أمام مشهد فريد، بل هي نقلة نوعيّة، إن لم نقل «فتح» (فقهي وشرعي) جديد، لم يعهد العلماء والفقهاء، بل «أهل العقد والربط» مثله. حين تبيّن من قراءة هذا الكم الهائل من «الفتاوي» أنّها عاجزة عن «اتهام» حركة حماس وكذلك رافضة» أن تنطق «براءة»، فكانت هذا «التخريج» اللفظي أكثر منه فقهي، بحث عن حلّ لا يلقي بلبلة في النفوس ولا يعكّر صفوة الصورة الماثلة…

الغريب بل القريب إلى السريالية، أنّ الجهة الوحيدة التي ليست في حاجة إلى هذا «الاسهال» من التبرير والبحث عن «زاوية ربط» بين «الفعل المذموم» مقابل «الفاعل البريء»، هي حركة حماس ذاتها، حين لا يمكن لعاقل أو غبيّ، أن يتخيّل أنّها لم تكن تعلم موقع بيانها بين العامّة والخاصّة، وكذلك (وهذا الأهمّ) لا ترى حاجة (في نفسها) لإصدار بيانات على شاكلة، أنّ «التأبين أُخرج عن سياقه»، أو «قُرأ مجتزأ» أو غيرها من الحيل البلاغية والخزعبلات اللفظيّة التي تزخر بها المدوّنة العربيّة…

مصيبة الفاعلين أو من كبّدوا أنفسهم مشقّة هذه «القفزات البهلوانيّة» على مستوى التأويل الفقهي أو «الاعوجاج في المفاهيم» أنّهم لا يدافعون عن حركة حماس أو فعل حركة حماس أو سمعة حركة حماس أو موقع هذه الحركة أو حتّى موقعها أو مقامها ضمن فعل «الجهاد»، بل ـ وهنا الخطورة» ـ يدافعون عن «صورة» حركة حماس و«صورة» فعل حركة حماس و«صورة» سمعة حركة حماس، التي صنعوها في أذهانهم ونسجوها في أدمغتهم، من ذلك يأتي همّ «فرقة الحرباء» (وهنا الخطورة على المستوى الفقهي والشرعي) أنّهم ينصبون أنفسهم «ذات» قادرة على تمييز (طبيعة) «الفعل» عن (ذات) «الفاعل»، بمعني أنّ الفعل قد يكون «مشينًا» في حين يكون الفاعل «بريئا»!!!!

الدكتور حسن أبو حشيش

الدكتور حسن أبو حشيش

الدكتور حسن أبو حشيش (فلسطيني من غزّة، قريب من حركة حماس حسب سيرته على الانترنت) حاول أن يذكّر «المرضى» في ما يمكن أن يكون «درسًا»، جاء من 13 نقطة [يمكن مراجعتها أخر المقال]، تلخيصها كالتالي:

أوّلا: قرارات حماس تستند لمواقف شرعية ولمرجعيات اسلامية داخل وخارج فلسطين.

ثانيا: تتحرك حماس في هوامش السياسة الشرعية وفقه الموازنات وهي هوامش أوسع من عقولنا وتفكيرنا

ثالثًا: مصلحة المقاومة الفلسطينية وفي القلب منها حماس أن تبقي علاقاتها متوازنة مع كل مكونات الإقليم بما لا يؤثر على ثوابتها ومبادئها

رابعًا: سمير القنطار مقاتل لبناني في صفوف الثورة الفلسطينية أمضى 29 سنة بين الأسرى الفلسطينيين فمن الاحترام نعيه

خامسًا: لا وجود لدول سنيّة تحتضن مشروع المقاومة وتختضن الحركة بشكل كامل، بل هناك من هذه الدول (السنيّة) من يتآمر على الحركة ويسعى لوأدها.

سادسًا: لا أحد يلوم الحركة حين تبحث عن مصلحتها.

يبدو صريحًا من خلال هذا النصّ، أنّه ردّ «شرعي» على ما ذهب إليه البعض من «خروج حماس عن قاعدة العمل الإسلامي المستقيم»، أوّلها بتنزيل التأبين ضمن «المتجانس مع مواقف شرعيّة وفقه الموازنات»، وثانيا «جواز تأبين القنطار» وثالثًا أن دولا سنيّة «تتآمر على حماس»…

كلّ هذه «التفاسير/التبريرات»، وإن سعت (لغة) إلى الكثير من «اللطف والكياسة» إلاّ أنّها جعلت حدودًا على مستوى «الانتماء» (الوجداني) إلى حركة حماس، هذا «الانتماء» (الشكلي) الذي يعتبره الكثيرون «مبرّرًا ومسوّغًا» ليس فقط لتخيّل أن الحركة هي كما يتخيّل هذا «الفرد»، بل (وهنا المصيبة) أنّه يحقّ له تأنيبها وتأديبها ومعاقبتها (مثل أيّ قاصر)…

 

ردّ الدكتور حسن أبو حشيش [اضغط هنا للحصول على سيرته الذاتيّة]

 

الأخوة الكرام. .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته… تباينت مواقف الأحبة والغيورين والأنصار والأصدقاء من تعزية حماس لسمير القنطار. ..إنني مدرك أن كل الآراء والاعتراضات جاءت حرصا على موقف وسمعة حماس. ولكن دعونا أن نوضح النقاط التالية :

1- علينا ان نطمئن أن قرارات حماس تستند لمواقف شرعية ولمرجعيات اسلامية داخل وخارج فلسطين.

2- تتحرك حماس في هوامش السياسة الشرعية وفقه الموازنات وهي هوامش أوسع من عقولنا وتفكيرنا.

3- وعليه فإن الأمور تخضع للنقاش الداخلي وتوضيح لنقاط القوة والضعف وترجيح الأمر حسب ما يغلب على الأمر.

4- حماس تتحرك ضمن مصالح الشعب الفلسطيني وحماية المشروع المقاوم السني الذي يعتبر وسام شرف لكل الأمة الإسلامية.

5- الجميع يدرك أن من أهداف الارتداد على خيارات الشعوب هو القضاء على حماس كرأس حربة للمقاومة وعليه من حقها البحث في كل البدائل والاتجاهات للحفاظ على نفسها لما في ذلك حفاظا على مقاومة المنهج الوسطي في الأمة.

6- تعرضت حماس منذ عامين لتجفيف منابع المال والسلاح وهذا يؤثر على كيان الحركة لذا وجدت نفسها مضطرة لعدم قطع علاقاتها مع الجميع سعيا لتوفير العجز ولو نسبيا.

6- لا أحد ينكر دور حزب الله وإيران قبل التورط في المنطقة في دعم الحركة ومشروعها العسكري والحكومي فليس من مصلحة الحركة القطيعة معها الآن وخاصة أن العلاقة من طرفهما موجودة وان تأثرت نسبيا.

7- مصلحة المقاومة الفلسطينية وفي القلب منها حماس أن تبقي علاقاتها متوازنة مع كل مكونات الإقليم بما لا يؤثر على ثوابتها ومبادئها.

8- علينا ان نستحضر موقف ياسر عرفات عندما وقف بجانب صدام حسين ضد الكويت وكيف انعكس ذلك سلبا على مئات الآلاف من الفلسطينيين في منطقة الخليج وخاصة الكويت والعراق بعد سقوط صدام. ..حماس تحاول جاهدة تجنب هذه المواقف والوقوع فيها. وخاصة أن هناك مئات الآلاف من الفلسطينيين في سوريا ولبنان.

9- سمير القنطار مقاتل لبناني في صفوف الثورة الفلسطينية أمضى 29 سنة بين الأسرى الفلسطينيين فمن الاحترام نعيه.

10- ونعيه لا يعني أننا نقر له بعمله في سوريا ضد المعارضة السورية ولا نقر لإيران ولحزب الله تدخلهم في سوريا أو العراق أو اليمن وأعلنت حماس موقفها صراحة انسجاما مع ثوريتها ومع مبادئها. ..

11- تحاول حماس البحث عن المشترك خدمة لمشروع المقاومة لتحرير الأقصى.

12- ونترك للتاريخ وللأجيال وللظروف المقبلة نقاط التباين والاختلاف.

13- واخيرا لو أن دول السنة تحتضن مشروع المقاومة وتختضن الحركة بشكل كامل لما اضطرت للبحث عن بدائل تبدو مشاكل من ورائها. ..بل العكس هو الموجود من قبيل أن دولة سنية وازنة تحارب حماس و تحاصرها وتتالب عليها. ..فهل نلوم حماس اذا ما صبرت على من يعاديها واذا ما بحثت عن طرق لدعمها تضمن صمودها أمام العدو الصهيوني الصف والارهابي والمدعوم من كل دول العالم! !! لهذه الاعتبارات وغيرها نرجو أن نفسر نعي حماس للقنطار أو أي سلوك مع حزب الله أو إيران أو حتى روسيا…

 

 


error: !!!تنبيه: المحتوى محمي