«وحل» جمّال و«صفعة» المعتمد: أخر جيوب «هيبة» الدولة…

4 أكتوبر 2016

قراءة سريعة للردود على وسائل التواصل الاجتماعي لما كان من اعتداء «امرأة» على «معتمد» في منطقة السيجومي، يظهر في جلاء كبير أنّ حجم «الشماتة» وكذلك «التشفّي» في هذا الذي «يمثّل الدولة» جاء أكبر بكثير جدّا من حجم المنتصرين لما هي «هيبة الدولة»، بل لا غرابة أن تتحوّل هذه «الفحلة» (تأنيث صفة الفحولة) إلى «أيقونة» أو هي زعيمة، إن لم نقل «الرمز» المقابل أو هو «النافي» لهذه «الهيبة» المهدورة….

كذلك يمكن الجزم أنّ الصراع انحصر بل تقوقع بين «كرامة امرأة» في معارضة أو هو نقيض «هيبة الدولة» وليس هناك من ذهب إلى البحث عن «الأسباب العميقة» التي تجعل «امرأة» (من عامّة الناس، كانت نكرة إلى حدّ الحادثة) تمارس مثل هذا «العنف المادي» وتسعى إلى «نزع سروال» الرجل، مع ما يعني الفعل في «المخيّلة» (الجمعيّة) من «إذلال» ليس بعده إذلال…

 

مهما تكن «خفايا» المسألة وما هي (أو قد تكون) «نظرية المؤامرة» عن ارتباطات حقيقيّة أو مزعومة لهذه «المرأة» يمكن الجزم بل هو اليقين أنّنا أمام «جزء ظاهر» من جبل «خفيّ» عجزت الحكومات المتعاقبة منذ 14 جانفي عن قراءته أو حتّى الاحساس بوجوده….

 

أّي دراسة اجتماعية أو تحليل سيكولوجي لعامّة المجتمع التونسي، تظهر بما لا يدع للشكّ:

أوّلا: أنّ حجم العنف داخل هذا المجتمع في ارتفاع كبير وكذلك مسّت ظاهرة العنف قطاعات وفئات كانت (في السابق) أبعد ممّا هي الأن عن هذه الظاهرة.

ثانيا: صار «التونسي» (وكذلك «التونسيّة») أسرع من ذي قبل لممارسة العنف، أيّ اعتباره الحلّ «الأسرع» ومن ثمّة «الأفضل» سواء لتحصيل «الحصول» أو درء «المهالك»…

تراوحت حكومات ما بعد 14 جانفي بين حديّن في تعاملها مع «عنف المجتمع»:

أوّلا: السعي لشرائه أي تلبية طلباته أو هي طلبات الفئات القياديّة المتزعمة للتحركات الاجتماعيّة [أيّ الزبونيّة]

ثانيا: ممارسة «العنف» (التقليدي) على اعتبار أنّ «الجهاز التنفيذي» (لهذا العنف) يمارس دوره، تحت رعاية «سلطة ديمقراطيّة» [أيّ العنف المادي]

تأرجح الحكومات وتخبطها، وأساسًا سعيها لتحصيل نتائج سريعة قابلة للتصريف الاعلامي ومن ثمّة التسويق السياسي، جعلت «محمّد الغنوشي» وصولا إلى «يوسف الشاهد» في عجز شديد، عن الخروج بمعادلة «عنف المجتمع» من دوّامة «الزبونيّة/العنف»…

 

في المحصّل وعندما نرى ما جدّ أثناء «الزيارة التفقدية» التي أدّاها يوسف الشاهد إلى مدينة «جمّال» (منطقة الساحل التونسي) وما لقي من «ترحاب» (سيء)، يمكن الجزم أنّ منسوب «الثقة» في الحكومة (الرمز والجهاز والتنفيذ) في انحدار شديد، ممّا جعل التطاول على رئيس الحكومة والاعتداء على المعتمد، ليس فقط من «الأمور المعتادة»، بل (وهذا الخطير) من الأمور «المطلوبة» إن لم تكن «المحمودة» سواء ممارسة للحقّ أو هو من باب التشفيّ الذي تنضح به وسائل التواصل الاجتماعي…

الطبقة السياسيّة، منذ 14 جانفي، مارست «العنف اللفظي» تجاه بعضها البعض من خلال التصريحات وعلى المنابر الاجتماعيّة، لذلك لا غرابة أن تأتي صفة «الكاراكوز» ردّا على صفة «الطرطور»، حين تحطّم «حائط الاحترام» بين الجميع…

 

نقف أمام مشهد وعند معادلة، امحت فيها الفوارق بين «المجال الشعبي» وكذلك «المجال السياسي»، لذلك على الطبقة السياسيّة العاجزة عن صناعة «مشروع مجتمع» وكذلك العاجزة عن «الحفاظ على الحدّ الأدنى من الاحترام بينها» أن تقبل بما تفعله هذه «المرأة» في سيدي حسين وما فعله سكّان جمّال تجاه يوسف الشاهد. حين سبق لسياسيين أن دفعوا بالناس إلى الشارع إلى ممارسة العنف تجاه رموز سياسيّة منافسة…

homme-battuبمنطق الفلاحة، لا غرابة أن تعتدي امرأة على معتمد أو أن يهتف سكّان جمّال بشعارات نابية تجاه يوسف الشاهد. طبقة سياسيّة زرعت العنف وأصّلت له في صورة الأداة الأفضل لتحصيل الحقوق، لا يمكن لها أن تترّقب احترامًا خارج منطق «الزبونيّة» المباشرة، أيّ النفع الشخصي والآني ومن ثمّة تأخذ العلاقة مع السلطة (الرمز والأدوات) بعدًا غريزيّا مباشرًا…

 

دون السقوط في سوداويّة قاتمة، يمكن الجزم أنّ الأخطر من العنف الفردي (كما فعلت المرأة) أو العنف الانفعالي (كما جدّ في جمّال) أن يسقط المنطق السياسي (أيّ تحصيل الحقوق) ضمن منطق «الافتكاك» الصريح أو (على الأقلّ) التهديد به…

 

التفسيرات السياسويّة عاجزة عن تفسير الظاهرة، سواء صدقنا أنّ هذه المرأة (العنيفة) جزء من «مؤامرة» أو نفينا ذلك، أو صدقنا أنّ هناك من حرّك «سكّان» مدينة جمّال (مسقط رأس نور الدين بن نتيشة) أو نفينا ذلك، لأنّ التفسيرات «الأخلاقيّة» (أيّ تجريم الأخر وتبرئة الذات) صالح (فقط وحصرًا) للاستهلاك العاجل والسريع (أشبه بالياغورت) على منابر اعلاميّة صار همّها المراوحة بين منطق «الفرجة» من ناحية، مقابل «فعل التنفيس» الذي تراه «الدولة العميقة» ضروريّا أو هو خلاصها الأخير أمام  الانفجار….

يمثّل النظام الصحّي (العمومي) خير صورة عن المشهد الاجتماعي في تونس، مجرّد حبوب تسكين لأمراض اجتماعيّة خطيرة، وكذلك جهل (أو هو عمى) طبقة سياسيّة ترى أنّ العمق الشعبي عاجز عن الارتقاء فوق «عصا البوليس» من ناحية مقابل «الاعانة الاجتماعيّة» من جهة أخرى….

 

عجز العقل السياسي القائم (حكومة وائتلاف ومعارضة) عن فهم أنّ منسوب العنف الباطني، أعلى سقفًا من «عصا البوليس» وكذلك (وهذا الأخطر) أن «عين الشعب» أصبحت أوسع (تعبير تونسي دارج)، أيّ أن المواطن البسيط صار يريد بل هو يشترط جزءا من «الثروات» التي يجزم العمق الشعبي أنّها «منهوبة» سواء من قبل الدولة ذاتها أو خارج الدولة….


22 تعليقات

  1. محمد البهلول

    كل يحصد ما يزرع
    فاتهم في حربهم لإسقاط هيبة من سبقوهم أنّ الدّور آت عليهم.حتى المسكنات التي أشرتم لها في مقالكم لم تؤت أكلها بل لعلّها منتهية الصّلوحية فكان تأثيرها عكسيا
    احتراماتي

  2. ماجدة الهذلب

    العدل بين جميع الفئات وتطبيق القانون على الجميع ..هو الدواء

  1. تعقيبات: moncler outlet uk

  2. تعقيبات: Mountain Hardwear outlet store

  3. تعقيبات: hermes bag sale

  4. تعقيبات: rene caovilla yoox

  5. تعقيبات: cheap barbour jackets

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي