المراجع لما هي «الانتدابات» التي اقدم عليها الباجي قائد السبسي، «المستقيل» (افتراضًا من رئاسة حركة «نداء تونس»)، في محاولة لانقاض فريقه من «النزول» إلى الأقسام السفلى، يدرك المراقب البسيط كما المتابع الخبير، دون حاجة إلى تحليل عميق، أنها «انتدابات» استهدفت وجوها «تلفزيونية»، أي برزت وبرعت من خلال المنابر الاعلامية أو بالأحرى «حلبات الصراع» (الكلامي) على القنوات، الذي تحولت (وهنا العقدة ومربط الفرس) إلى المجال «الارفع» لممارسة الفعل السياسي والساحة المفضلة (لدى السياسيين) لاستعراض العضلات واثبات «الفحولة» (الكلامية) أمام جمهور ليس فقط يعشق مثل هذه «المباريات» بل أدمنها إن لم نقل صار يعتبرها الاداة الأفضل (أو الارقى) لتحديد موقفه من هذه الطبقة ومن ثمة بناء قراره الانتخابي، ما دامت (إلى أن يأتي ما يخالف ذلك) الانتخابات تشكل الاداء «الظاهرة» (بالتأكيد) لفرز النخبة السياسية الظاهرة على سطح المشهد وشاشات القنوات.
حاجة الباجي أو هي ضرورة اللجوء الى «الوجوه التلفزيونية»، مرده حاجته إلى صناعة «صورة»، تنقذ الموقف وتقف في وجه هذا «النزيف» الذي تعيشه الحركة (الفائزة بالانتخابات التشريعيّة والرئاسيّة)، ومن ثمّة «العود» (ما استطاع) إلى «صورة» نقيّة أو هي «نظيفة» من هذه «الحروب الداخليّة» التي أصابت من خلالها «النيران الصديقة» أكثر بكثير من هي الأضرار التي جاءت بفعل «الأعداء»، ومن بعدها (بعد إنجاز هذه «المهمّة»)، قد (ونقول قد) يتمّ التفكير فعلاً وممارسة في إعادة «ترتيب» الأوراق و«تنظيم» الأوضاع أو هي تعيد صياغة «لب النداء»، أيّ «المحرّك» (أيّ الماكينة) الذي صار أشبه بحبة فول نخرها السوس تحت أنظار غربان جائعة.
إشكال يتجاوز ما يراه الباجي حقّا وحقيقة، من أزمة حقيقيّة داخل الحركة التي أطلقها من عدم، وصنعها من فراغ، وإن كانت الحاجة إليها (أيّ «حركة نداء تونس») تراوحت ولا تزال، بين ضرورة داخليّة وحاجة اقليميّة وتوازنات تراها القوى الدوليّة أكثر من استراتيجيّة، ليس فقط من أجل «حكم تونس»، بل «ضمان» مستقبل البلاد وتأكيد استمرار التوازن داخلها، ليصل هذا «الإشكال» الإعلامي أو في التعامل مع الإعلام إلى مجمل الطبقة السياسيّة وكامل الفكر السياسي الحاكم أو المسيطر على مجمل ممارسات الحكم في تونس.
من ثمّة، من التقصير أو هو القصور، أخذ العلاقة بين الكيانات السياسية في البلاد (أيّ اللوبيات) في علاقتها بالآلات الإعلاميّة (القنوات التلفزيونية أساسًا) على أساس ما يدّعيه البعض من «نجاح» هذا (نجاحًا باهرًا) وما هو «فشل» ذاك (فشلاً ذريعًا)، حين يجلس الجميع (دون استثناء) في القارب ذاته، وبالتالي وجب تنسيب «النجاح» وكذلك «الفشل» ضمن «تكتيكات» المناورة بين الأحزاب والكيانات السياسيّة لا غير.
عند النظر إلى المشهد، على الأقل في صورة «الثنائي» الأقوى (على مستوى الصورة)، أيّ «النهضة» وكذلك «النداء»، وما هي علاقة كلّ منهما بالإعلام وطرائق استعماله وأسلوب التعاطي معه، نجد (وهنا القطيعة) أنّ «نداء تونس» نجح في استقطاب «أدوات إعلاميّة» سواء منها القائمة قبل 14 جانفي أو هي المستحدثة منها، وفشل في استقطاب أخرى، في حين فشلت النهضة، فشلا ذريعًا ليس فقط في إطلاق مؤسّسات إعلاميّة حين صرفت ولا تزال أموالا طائلة على مشاريع عليلة، بل فشلت (كذلك) في استقطاب «القائمة منها»، فقط حقّقت بعض «النجاحات» (نسبيّا) في «كفّ الأذى»، أيّ عدم التعرضّ لها، دون القدرة أو هو النجاح في تطويع هذه الأدوات وهذه القنوات.
لجوء القناة العموميّة (الوطنيّة 1) إلى إعلامي من «غير أهل البيت» بغية إجراء «حوار» مع رئيس البلاد، ينمّ أو هو الدليل المادي، كما هو حال اللجوء إلى «برهان بسيّس» في صورة «الفاعل السياسي» داخل النداء، على أنّ الإعلام برمّته وما هي القنوات وكذلك المؤسّسات العموميّة أو الخاصّة، لا تتجاوز في نظر الباجي (الشخص والرئيس وصانع النداء) أكثر من كونها «عدّة شغل»، أيّ مجرّد درجات سلّم، يتمّ الارتقاء فوقه بغية الوصول إلى الغاية وتحصيل المطلوب، أيّ ضمان السلطة السياسيّة، بمفهوم الشخص والعائلة ضمن وعاء «اللوبي» الحاكم و«الدولة العميقة» (أو الجزء الموالي منها)، ضمانًا لاستدامة السلط ودوام الملك أبعد ما يكون، دون تقاسم مع أيّ كان…
الفارق الأكبر والبون القائم، بين مقاربة كلّ من الباجي والغنوشي في التعامل مع الإعلام، يكمن في سعي الأوّل أو أنّ هاجسه محصور في «النتيجة»، دون التعاطي مع الكيفية سوى على اعتبارها «وسيلة» لا غير، يمكن اللجوء إليها أو التخلص منها (الآلة أو الأفراد) عند الحاجة، في حين يعتبر الغنوشي ومن ورائه النهضة، على النقيض من ذلك، أنّ التعاطي مع هذه «الوسائل» (الآلة كما الأفراد) مطلوب لذاته، أيّ صناعة صورة «التلميذ النجيب» أو «الحزب المثالي»، على مستوى الإحترام (الظاهر) «المثالي» لهذه الآلة وهؤلاء الأفراد.
لذلك، لا نرى صدامًا أو هو الصراع بين كلّ من النهضة والنداء، أو الباجي والغنوشي، على مستوى الإعلام، أو بسبب الإعلام، إن لم نقل داخل المجال الإعلامي، هذا يبحث من خلال «الصورة» (المفعول بها) على صناعة «صورة » (فاعلة)، وذاك يبحث عن «صناعة» صورة جميلة عن تعامله مع هذه «الصورة»….
من السذاجة أو هو الغباء، اعتبار أنّ هذا فشل أو ذاك نجح، بالمعنى الاستراتيجي، سواء بالمفهوم المطلق أو النسبي، أو قياسا لهذا بذاك، فقط الباجي يبحث عن «مجد غابر» عاش الرجل جزءا منه زمن بورقيبة وذاق بعضًا منه أو هو عاشر جوانبه زمن بن علي، في حين أنّ هذه «اللذّة» (أيّ لذّة الحكم) لدى الغنّوشي ومن معه (أيّ كامل الطيف الإخواني) لا تزال حالة «ذهنيّة» بمعنى أنّها «متخيّلة» (بفتح الياء)، حين لم يستوعب الرجل (أيّ الغنوشي) ومن معه، زمن الترويكا أنّهم يمارسون «الحكم»، بل تصرّفوا وتكلّموا في صورة «من لا يملك»، في حين تصرّف الباجي (ومن معه) منذ الفكرة الأولى للنداء في صورة من «من يملك»، لذلك نرى التعامل مع برهان بسيّس دليلا على ذلك، الأوّل يعتبره مجرّد «خمّاس» في حضرة صاحب «الأرض»، في حين يراه الثاني في حال من «يملك» أدوات العمل…
20 تعليقات
تعقيبات: ugg store near me
تعقيبات: ralph lauren online
تعقيبات: marmot down jacket women's sale
تعقيبات: ugg boots on sale
تعقيبات: true religion brand