تحتلّ هيئة «الحقيقة والكرامة» واجهة المشهدين الإعلامي والسياسي، سواء تعلّق الأمر بما هي «الاتهامات» ذات البعد «القانوني» والأخطر من ذلك «الأخلاقي» ضمن مستويات «فردية»، بل هي «شخصيّة»، أو (ما لا يقلّ أهميّة وخطورة) الانتقاد (اللاذع جدّا) للخطوات التي أقدمت عليها هذه «الهيئة» (أو بالأحرى) من يديرها، سواء تعلّق الأمر بأفراد أو هي «الجماعة»…
تجاوزًا لهذه الأبعاد الأقرب إلى «التشويق» (الدرامي) «البوليسي»، وحين نوسّع دائرة الرؤية في هدوء ينفي حال التشنّج القائم وكذلك «تصفية» (الحسابات) المتبادلة، نلاحظ أننا أمام ما يكون وما كانت (ولا تزال) «حروب الثأر» بين قبيلتين أو هي قبائل، لا تنسى ثأرها، بل (ما هو أخطر) تعتبره «هاجس وجودي»…
المصيبة (حين نوسّع دائرة الرؤية أكثر) تكمن في «الهيئة» (ذاتها) كائن من كان على رأسها، سواء كان (أو جاء) في مرتبة «أولياء الله الصالحين» أو (على النقيض) «ابليس» (ذاته)، حين تأسّست (وفق تسميتها) على «ركيزة» (أولى) أيّ «الحقيقة» في أبعادها «المعرفيّة» كما «التاريخيّة» وأساسًا «الأخلاقيّة»، وعلى «ركيزة» (ثانية) أيّ «الكرامة» في أبعادها «الأخلاقيّة» (أوّلا) وكذلك ما تعلّق بمفهوم «المواطنة» العنصر المؤسّس لما هي «الدولة» ذات المشروع «الديمقراطي» (المفترض»
من ذلك تكمن المصيبة (بل هي الفضيحة) في التأسيس على عنصرين أو بهما (أيّ «الحقيقة» وكذلك «الكرامة») يرتكزان (أساسًا) على «بعد سياسي» (أكيد) دون أن يكون للهيئة (وهنا الفضيحة) أن تقوم أو تُقيم «محاكمات» سياسيّة، حين (وهنا الأخطر) ستفتح هذه «المحاكمات» (افتراضًا) «باب جهنّم» (الحمراء) على طيف غير قليل ممّن هم في السلطة راهنًا، سواء طالتهم تهم «المشاركة» وكذلك «التواطؤ» أو (في أشدّ الحالات تخفيفًا) «الصمت» وعدم «التبليغ»…
لا حاجة إلى ذكاء «أينشتاين» للتأكد أنّ سهام بن سدرين وكامل من معها (دون استثناء) وفي تجاوز لما هو قائم من خلاف أو صراع بينهم، يتحمّلون (جميعًا ودون استثناء) «المسؤوليّة» الأخلاقيّة، حين يمكن الجزم أنّهم من «الذكاء» وكذلك «الفطنة» ما يجعلهم يفهمون ويدركون من باب اليقين القاطع، أنّ «الهيئة» بشكلها الحالي ومسؤولياتها القائمة، هي أقرب إلى «تصريف» الملفات، تلبية لاستحقاقات داخليّة وما هو «الواجب» (وفق المعايير الدوليّة) أساسًا في «دول التحوّل الديمقراطي»…
من ذلك نفهم (في سهولة غريبة) اللغط الذي قام حول «ملفّ» سليم شيبوب، الذي لقي استقبالا وتغطية اعلاميّة واحترامًا، تليق جميعها بما هو «الشريك» وليس «مذنب» في حال «مساءلة» قانونيّة كما أخلاقيّة…
سهام بن سدرين، ذات التجربة الأكيدة وكذلك الأليمة في مقارعة الظلم وأيضًا تجربة الأكيدة على المستوى العالمي، وكذلك من معها، يدركون جيّدا، أنّ فتح باب «التفاوض» مع «لصوص» المال العام، وكذلك التعامل معهم (على مستوى الصورة أساسًا) يجعل منهم ويمكنهم من:
أوّلا: التحوّل من «مذنب» لم يسدّد ما عليه للمجموعة الوطنيّة، إلى «شريك» في صنع العدالة، والحال أنّ «الدستور» (المرجعية الأعلى) وكذلك «أبجديات الممارسة القضائيّة» (في العالم) لا يمكن أو يستحيل أن تغير «التكييف» (القانوني) خاصّة بهذا الشكل، أيّ قبل البتّ في الحكم وتنفيذه، ممّا يمثّل «تبرئة» للمجرم، بل اعتذارًا منه، وما يمثّل (هذا) الأمر من تبعات خطيرة، على المستويين القانوني والسياسي.
ثانيا: السقوط بالجريمة (في بعدها الاجرامي) من أبعادها القانونيّة (حين لا تكييف سياسي) إلى مجرّد قضيّة «كمّ مالي» قابل للنقاش، أيّ «مفاوضات» تشبه ما يدور عند بيع عقار أو انتقال ملكية مصنع من يد إلى يد…
لم تع سهام بن سدرين وكامل الفريق الذي معها، سواء من يواليها أو من يعاديها، أنّ «التفاوض» على هذا «الكمّ المالي» بمثل هذه «السريّة» وما يدور من «غموض» مجلبة للشكّ (بطبيعة الأمر)، ويكون من حقّ أيّ كان أن يشكّ في تلقّي قيادات «الهيئة» لرشوة (مهما كان شكلها) ساء كان هذا الفريق على رأس «الهيئة» أو جاء غيرهم. المسألة في علاقة بإجرائيات «المنطق» وليس «التشخيص» في علاقة بما هي «الصداقة» أو هي «العداوة»…
الذهاب بما هي «الحقيقة» (المعرفيّة) وكذلك «الكرامة» (الاعتباريّة) بعيدًا عن «المحاكمة السياسيّة» سينتهي بالهيئة إلى التحوّل إلى «صندوق» لرشوة الدولة ذاتها (دون الحديث عن ارتشاء الأفراد)، وكذلك (وهذا الأخطر) نفي التهم (السياسيّة) عمّن قامت «الثورة» ضدّهم، إن لم نقل أن هذه «الثورة» (أو ما يسمّى كذلك) لا تعدو أن تكون سوى «عمليّة سرقة بالخلع»، مع قبول «الضحيّة» بالتفاوض مع «اللصوص» بغية استرجاع ما تيسّر من «المسروق»، وليس المسروق بكامله…
الجريمة (لأنّ في الأمر جريمة) تخصّ أو هي تعود إلى «المخبر» الذي خرجت منه هذه «الهيئة» أوّلا، أيّ من أراد أن يجعل هذا «المولود» يأتي إلى الدنيا «معاقًا» بل «مشوهًا»، وعاجز عن المشيء، في حين أنّ «الضحايا» يترقبون أو هم يأملون أن يكون على شاكلة «عنتر بن شدّاد» القادر على «انتزاع الحقوق» ومن بعدها «العفو» من موقع «القوّة»
المشهد السياسي تحت قيادة النداء والنهضة وإمرة «الشيخين» أراد أن تكون «هيئة الحقيقة والكرامة» مجرّد مسرحيّة، يدخلها (سي) سليم شيبوب (وأمثاله) مجرمين ولصوص، ويخرجون منها «أبرياء» مع «دفع ما تيسّر» (في الخفاء كما في العلن) أو ما تمّ الاتفاق بشأنه.
جريمة سهام بن سدرين وكامل فريقها، أن تحوّلوا (جميعهم دون استثناء) إلى «ممثلين» في «مسرحيّة» لا يملكون مفاتيحها، بل هم جميعًا (دون استثناء) يعلمون أنّ «من يملك الأوراق» وكذلك «يمسك الخيوط»، ومن ثمّة «يحرّك الدمى» (من شيبوب وغيرها) أبعد ما يكون عن «الهيئة»، وأنّ المعركة الدائرة داخل الهيئة وبين «شقوقها» رغم أهميتها (الظاهرة) على المستويين الأخلاقي والقانوني، لا تعدو أن تكون «مأساة» في شكل «ملهاة» بين «رعاة» يسرحون على سفوح «الأولمب» في حين أنّ «الآلهة» هي من تعطي الحياة وتنتزعها.
عندما نوسّع الرؤية ونعدّلها على موازين تستثني هذا الارباك الغالب على المشهد، يمكن الجزم أنّ «الهيئة» العاجزة عن «التوصيف» السياسي لجرائم سياسيّة، ارتكبها سليم شيبوب ومن معه، لا تعدو أن تكون سوى «عمليّة تبييض» لجرائم فترة بن علي، وكذلك (وهذا الأخطر) ماكينة لصناعة «شلال الدم القادم» لأنّ الموظف البسيط قبل العاطل عن العمل، لا يدرك لماذا يتمّ تبرئة سليم شيبوب والقبول بمناقشة «المسروق» معه، في حين أنّ البنك يرفض إعادة جدولة دين اقتناء منزل بسيط…
الخلاصة: أن تكون لصّا تحترمك «الهيئة»، شرف أبعد ما يكون عن متناول من سيقدمون على حرق الأخضر واليابس…
23 تعليقات
تعقيبات: Millet sale
تعقيبات: canada goose outlet sale
تعقيبات: patagonia com sale
تعقيبات: discount jimmy choo
تعقيبات: buy barbour