لا نحتاج إلى دراسات علميّة وأبحاث أكاديميّة للجزم أنّ الاتهامات من كلّ جانب، صارت «ديدن» الحياة السياسيّة في تونس، سواء مسّت (هذه) الاتهامات الجانب «الأيديولوجي» أو هي ذات «طابع اجرامي»…
الجميع في المركب ذاته، فقط علينا (أو على الأبحاث العلمّية) أن تحدّد النسب ونوع الاتهامات والتواتر وخاصّة الاتجاهات. هذه الاتهامات، أو هو السيل الجارف، صارت تتوزّع بين «محاور قارّة» وأخرى «موسميّة» أو هي «ظرفيّة»، حين ينقلب «الحبّ الجارف» إلى «عداء مقيت»…
عند رسم المحاور التي أسّستها حالة العداء وفعل الاتهام، نجد أنّ «حركة النهضة» تمثّل أحد الأقطاب الهامّة على المشهد هذا، سواء بتلقيها سيول من الاتهامات أو بردّها (على مستويات عدّة) باتهامات معاكسة.
كذلك وجب التأكيد أنّ الاتهامات تصدر (عموديّا) من أعلى هرم الحزب أو الحركة إلى أبسط عنصر أو متحزّب أو هو مناصر على وسائل التواصل الاجتماعي، الجميع يسبّ ويشتم ويتّهم بحسب «الثقافة» (التي يحملها) وبحسب «الامكانيات» (المتاحة أمامه)…
الهجوم الارهابي على مدينة بن قردان، لا يمكن أن يمرّ دون أن يشكّل «فرصة» (بمنطق كرة القدم) لتسجيل أهداف في «المرمى» (المعاكس). بل هي فرصة لا تعاد، بحسب ما نرى من لوعة أهالي الشهداء والجرحى وأهل المنطقة، وما تأسّس (أو أسّس الاعلام) عن ذلك من «حال من التعاطف» (الطبيعي والمشروع) وكذلك ما ذهب إليه هذا الاعلام مباشرة أو عن طريق «خبراء في الشأن الأمني والاستراتيجي» من اتهامات جاء بعضها «دائريا» مثل قذفات كرة القدم، وبعضها الأخر أشبه بضربة جزاء أمام مرمى دون حارس…
دون السقوط في دويّ هذه الاتهامات (الصواب أو عدمه) يمكن الجزم بأمرين:
أوّلا: أنّ النهضة تأتي المستهدف الأوّل من هذه الاتهامات، على اعتبارها «القطب الاسلامي» (الأوّل في البلاد) وثانيا (وهنا السؤال) مكانتها الجماهيريّة (ومن ثمّة الانتخابيّة) وثالثا (وهنا التساؤل) سهولة الربط بين أيّ حدث ارهابي وأيّ «جهة اسلاميّة»…
ثانيا: تأتي هذه الاتهامات فظّة (كمثل العادة وليست الاستثناء)، بل هي تعبير على حال سيكولوجي أقرب إلى «الرواية» (بمفهوم العنعنة البسيطة) من «تشخيص» موضوعي للمسألة الارهابيّة، أيّ بتعبير علم النفس السريري، تأتي العمليّة أقرب إلى «تفريغ شحنة» من اثباتات موثقة…
علميّا، ودون الذهاب إلى فحص النوايا والسؤال (بالمفهوم الأمني أو القضائي) عن الاثباتات، يمكن الجزم (وما هو حاصل) أنّ حركة النهضة تأتي المستفيد الأوّل من هذا السيل الهادر، كأنّ العمليّة (بقدرة قادر) تحوّل الاتهامات من «طاقتها السلبيّة» إلى «معين إيجابي»
لماذا؟
عند دراسة سيل الاتهامات وحصرها على مستوى «المبنى» (اللغوي) وكذلك «المعنى» (الدلالي)، نجد تأكيدًا على أمرين اثنين لا ثالثة لهما:
أوّلا: النهضة (على مستوى الارهاب) حركة «قويّة» بل يسعى المتهمون إلى الترفيع في «الأرقام» والمزايدة على بعضهم البعض، سواء تعلّق الأمر بعدد «الانتحاريين» في الحركة، أو عدد من أرسلتهم إلى الشام للقتال، أو تدخلها هنا وهناك للتأثير بل لتسيير الأحداث الارهابيّة، أو الاعداد لها.
ثانيا: أنّ النهضة بقدر ما تملك من القوّة، تفتقد إلى «الأخلاق» في معناها الاجتماعي أو أبعادها «الوطنيّة» لتكون منعدمة الوطنيّة والضمير والعقيدة أو حتّى الانسانيّة.
على المستوى السيكولوجي العام، أيّ تلقّي العمق الشعبي، هذا السيل من الاتهامات، يرسّخ أمرين أكيدين، في ادناهما:
أوّلا: أنّ النهضة قوّية فعلا، وهي (بشهادة أعدائها) تحوز هذا القدر من القوّة البشريّة أو التنظيميّة
ثانيا: أنّ النهضة سواء مارست الإرهاب أو لم تمارسه، هي قادرة على ممارسته (بشهادة أعدائها)
عند هذا الحدّ يكون الوعي العامّ الشعبي أقرب إلى «المصلحة» (المباشرة) من «الأخلاق» (الحميدة)، في حين أنّ سيل الاتهامات، أكّد ولعب وراهن على الترتيب المعكوس أيّ أن يفرّ المواطن من النهضة (الارهابيّة) إلى هذه «الجهات» (غير الارهابيّة)… هنا الخلل السيكولوجي عند هذه الماكينة (وهي ماكينة فعلا) حين لم تتأسّس على العقل (بل غابت أيّ ذرّة عقل) وراح «الجوق» فاتحًا حنفيّة «الغريزة» وليس «العقل».
المواطن العادي، يملك حسّ وجود مرهف، وهذه الاتهامات تدعوه مباشرة إلى الاحتماء من الارهاب (الحقيقي أو الافتراضي) بالنهضة، لأنّ عند التعرّض إلى «هجوم» يفضّل «المواطن» (البسيط) أن يجد المساعدة من «القوّي غير المتخلّق» (أي النهضة في عرف أعدائها) على «ضعيف متخلّق» (أي الأعداء)….
هي حالة سيكولوجيّة عامّة، بل مناخ أعمّ أقرب ما يكون إلى «التفريج» عن «وعي» (شخصي) من «خطّة مدروسة» تموّلها هذه الجهة أو تلك بمئات الملايين من الدولارات.
يزيد الطين بلّة ويرفع من أسهم النهضة أنّ الأحزاب التي حولها (القادرة على المراهنة على البطولة السياسيّة) بدأت تتآكل، سواء النداء الذي ذهب «قطعًا» أو الاتحاد الوطني الحرّ الذي يدفع السمعة السيئة لرئيسه أو حتّى «أفاق» التي تأتي أقرب إلى «نادي المنسيين» من الحاضر في الشأن السياسي….
الخلاصة:
سواء توّرطت النهضة في جميع الأعمال الإرهابيّة أو هي كانت بريئة من جميعها، لن يحتفظ العقل الذي سيمارس الانتخاب (لأنّ الرهان على الانتخابات) سوى بصورة «النهضة» (القويّة)….
لا غرابة (حين نؤمن بنظريّة المؤامرة) أن تكون النهضة قد دفعت مالا لمن يشتمها: هذا افتراض وليس شتيمة…
اني اسالك بصدق حتى ولو لم انتمي الى حركة النهضة هل يجول بخاطرك حقا ان لها علاقة بالعمليات الارهابية !!!!!!
لانه ولمدة 5 سنوات لم يستطع اعداءها من الداخل والخارج رغم انهم نبشوا وحفروا و نقبوا و بحثوا … واستعانوا في ذلك بجميع موارد الدولة ، ايجاد حتى بقايا دليل على علاقتها بالارهاب وهو ما زادهم هيجانا واني لمتاكد انهم لو وجدوا حتى همزة وصل لذبحوها و ريشوها و سلخوها و دفنوها و من ثم رقصوا على قبرها
حتى انه من سخطهم يظهرون في الاعلام في حالة هستيريا عجيبة تجعلهم كالحمقى في تحاليلهم وحججهم
واريد ان اختم بماكان يجب ان ابدا وهو السلام ولك مني بالغ الاحترام
سي محمّد العيادي، كنت أتمنّى (والتمني يعني طلب المستحيل) أن يكون الرد مبنيا على المقال، لانني أعرض “مقالا” في موقع، وليس “موضوعًا” في مقهى….
المقال يناقش تأثير الحملات على النهضة ولا علاقة له من قريب أو من بعيد، ببراءة أو تورط في الارهاب