لا أحد (في تونس) تقريبًا بقي خارج «البيان» الذي أصدره مجلس وزراء الداخليّة العرب، وجاءت فيه فقرة فيها «توصيف» لحزب الله بالإرهاب، حيث توزّعت المواقف بين اعتبر «ما صدر» في صورة «الاجماع العربي» وكذلك «انتصار للثورة في سورية»، على خلاف من يرى أنّها «مؤامرة» (سعوديّة صهيونيّة) ضدّ المقاومة….
أهمّ من المواقف المتضاربة والمتباينة أشكالها أو الخطاب الذي جاءت ضمنه، تراوحًا بين «نكرات» الفايسبوك الذي تحدّثوا في «جنون العظمة» بمنطق الوجوب أو هو المنع، وصولا إلى «النخب» (السياسيّة والنقّابيّة والاعلاميّة) التي لم تفوّت الفرصة لأمرين:
أوّلا: تسجيل الحضور ضمن هذا المشهد أو هو الأفق الذي خلّفه «البيان» واثبات الوجود، عندما تشكّل مثل هذه المناسبات فرصة «مجانيّة» للحضور سواء منه الاعلامي أو حتّى على المنابر ومن خلال البرامج الاذاعيّة والتلفزيونيّة.
ثانيا: السعي لاستغلال الحدث لتحقيق ما هو ممكن من «تفوّق» على «الخصوم» أو (على العكس) في حال كان للخصوم موقعا أفضل، يكون السعي للحطّ من هذا المقام ومن الخصم من الارتقاء وركوب الفرصة.
ضمن هذه «السوق» (بالمعنى اللغوي المباشر للكلمة) علينا التمييز بين «أهل المبدأ» مقارنة بأيّ «قضيّة» مقابل من «تتصيّدون الفرص» ومن ثمّة قدر ينصرون حزب الله اليوم وهم من ندّدوا في السابق به، أو قد يجعلون (وهنا مربط الفرس) «الصراع الداخلي» مدخلا وسببا وأرضيّة لهذا «الاصطفاف الخارجي»…
دون السقوط في أبعاد «أخلاقيّة» مجرّدة، يمكن الجزم أنّ كلّ «جبهة» هي عبارة عن «قوس قزح» بأتمّ معنى الكلمة، يبدأ من أصحاب «المبادئ الثابتة» وصولا إلى من يملكون قدرة (أو وقاحة) تغيير المكان ألف مرّة في اليوم. كذلك لا حاجة لطرفي النزاع أيّ المملكة السعوديّة وكذلك حزب الله التفصيل في هذه «التفاصيل الأخلاقيّة» لأنّ لا طرف من الاثنين يملك القدرة (أو المصلحة) في أن يدّقق في «هوى» من معه…
هناك من يعادي السعوديّة ومستعدّ أن يتحالف مع ابليس ضدّها، وهناك (في المقابل) من يعادي حزب الله ومستعدّ أن يتحالف مع ابليس ضدّه، في حين هناك من يذهب مع هذا أو ذاك، شماتة أو نكاية في ذاك وهذا (ضمن الساحة التونسيّة)…
هناك من يكره السعوديّة أكثر من حزب الله، لذلك ترى «العمامة السوداء» توشّح صورته على الفايسبوك، وهناك من يمقت الحزب أكثر من آل سعود، فترى «العقال» أو علم المملكة صورة له وهويّة سياسيّة على الفايسبوك.
من الغريب بل من السذاجة «أخلقة» السياسة أيّ النظر إليها من زاوية أخلاقيّة لا تجمع الكلّ، والأخطر من ذلك أن يتمّ هذا الاسقاط من «جانب واحد»، يستبطن أو هو يشترط (في قناعاته) وجوب أن يخضع الطرف «المقابل» إلى هذا «القيد الأخلاقي»…
افتتاحيّة يوميّة جريدة «الضمير» (ضدّ التيّار)، في عدد 893 بتاريخ الجمعة 24 جمادى الأوّل 1437 هجري الموافق لتاريخ 4 مارس 2016، وضمن الصفحة الثانية، بقلم الزميل محمّد الحمروني، قدّمت صورة عن «الاصطفاف» المعلن والصريح، بل المتقدّم على «المبنى اللغوي والمبنى الدلالي»، عندما جاء العنوان: «عندما تنتصر الثورة المضادّة لحزب الله»، كأنّ في تونس راهنًا (أي تاريخ صدور العدد) ما يكفي (في الحدّ الأدنى الضامن للمصداقيّة) من المؤشرات القادرة على تحديد «الثورة» (أيّ أهل الثورة) في مقابل «الثورة المضادة» (وفق المعطيات الداخليّة والمنطق الذاتي التونسي)، لتصبح قضيّة «البيان/حزب الله» الدليل (الخارجي) القادر (فجأة) على تأمين «الفرز» الداخلي.
مثل جريد «الضمير» جرائد أخرى ومنابر عديدة، تحت تعلّة «الصفاء الثوري» (أو الصفاء «الحداثي» أو هو «الديمقراطي» وربّما «التنويري»)، تعيد فرز أو تأكيد الفرز القائم على «الساحة الداخليّة» بناء وتحت أضواء «العوامل الخارجيّة» في قلب للحقيقة (من جميع اللاعبين دون استثناء)، حين يصلون إلى «النتيجة»، أي الفرز بين «طهارة» (الذات) مقابل «نجاسة» (الطرف المقابل)، ثمّ يخترعون من أجل هذا الهدف «طريقًا» (مهما كان المنطق ومهما جاء السبيل).
هذا «الاقطاع الثوري» في مقابل «الاقطاع الديمقراطي» أو هو «الاقطاع التنويري» أو ربّما «الاقطاع التنويري»، قادر على استغلال تعادل في مباراة كرة القدم بين زمبيا والشيلي، ليجعل منه «منارة» يتمّ على ضوئها فرز «الصالح» من «الطالح»، أيّ «الأخيار» في مقابل «الأشرار» على الساحة التونسيّة…
هو منطق عام ولوثة شاملة، ولا أحد من أصحاب هذا «الإقطاع» (مهما كانت تسمية البضاعة) قادر على «مغادرة» منطق «القلعة» (الذهنيّة)، أي الانطلاق من «دون مسلمات» عقائديّة أو أيديولوجيّة والبحث من خلال المنطق «البسيط» عن «خلاصات» تقنع الجميع، لأنّ محمّد الحمروني (في علاقة مع كلّ من «الثورة» وكذلك «الثورة المضادّة»)، سيجد نفسه مجبرًا (مثلا وعلى سبيل المثال لا الحصر)، على طرح السؤال التالي: «هل حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي، من أهل الثورة؟؟؟»، ومن ثمّة يكون السؤال ذاته عن الباجي وحزبه، وعلاقة هذا «الشيخ» بذاك «الشيخ»….
في الضفّة الأخرى، حيث «الحداثة» أغلى من «الثورات»، لا أحد قادر على الاجابة عن سؤال علاقة «اليسار الماركسي» (افتراضًا) بما هي «الفرنكوفونيّة المقيتة والاستئصاليّة» بل العاملة على «تدمير الشعب وتدمير مقوماته الأخلاقيّة والدينيّة»…
حينها، سينزل «السؤال في الحالتين» إلى «المحرّمات» (أي علاقة النهضة بالثورة وعلاقة فرنسا المجرمة بالثورة)، يذهب هذا وذاك إلى «التنسيب» وإلى «التلوّن»…. تنسيب وتلون مرفوض عند الفرز «الثوري» أو «الحداثي» من الجانبين…
في الملخص، هي فرص، تعلم السعوديّة ويعلم حزب الله، أنّها مجرّد وقود (على الساحة التونسيّة)، فيه من هو قابل للتجديد وللتثمين وفيه من هو أرخص من منديل ورقي غير قابل للاستعمال سوى مرّة واحدة…
99 تعليقات
تعقيبات: moncler online shop
تعقيبات: canada goose online store
تعقيبات: cheap Lafuma sale
تعقيبات: patagonia sale
تعقيبات: hermes belt sale online