لا أحد أفضل من «الفنّان» (حين نحتسب صابر الرباعي عند الله «فنّانًا»)، أقدر على إدراك مفهوم «الرمز» سواء في شخصه أو تصرّفاته وجميع ما يقدّم من «صورة» للمتلقين، لذلك، اليقين قائم، بعمد قدرة أيّ كان على القول (أو بالأحرى التبرير) أنّ هذا «الفنّان» أو ذاك «حرّ» في تصرفاته، حين وجب (وفق ذات التبرير) فصل «الفنّ» عن «الحياة الخاصّة»…
في المقابل، لا يمكن بل يستحيل (أخلاقيّا على الأقلّ) أن يحمل صابر الرباعي (الشخص والفنّان) وزر التطبيع بمفرده، ويتحوّل (أو هو ينحطّ)، إلى ذلك «المجرم» (بمفرده)، الذي (أشبه بالسيّد المسيح، مع حفظ المقامات طبعًا) لخّص «آثام المطبّعين» وجعل نفسه (صابر الرباعي) «خلاصًا لهم»…
المعركة القائمة حاليا على وسائل الإعلام ومنتديات التواصل الاجتماعي، هي (بالمختصر) معركة «المقدّس» في مواجهة «المدنّس»، أو ربّما صراع «الحريّة الكاملة غير المشروطة» مقابل «الجريمة النكراء»….
وجب أن نعترف (مع كثير من الألم) أنّ وعي صابر الرباعي بالقضيّة الفلسطينيّة لا يتجاوز (وهذه ليست جريمته بمفرده) وعي الملايين من العرب والمسلمين، أيّ (مجرّد) «إحسان كامن»، إضافة إلى رغبة الفنّانين (الطبيعية والمفهومة) «ركوب الأحداث» بأغنية عن «القدس» هنا وملحمة عن «النصر العربي» (هناك)، دون أدنى عمق «حضاري» وفي قطيعة (وهذه المصيبة) مع أيّ رغبة أو قدرة أو حتّى الإدراك بما يجب من «مراكمة» (تاريخيّة)…
بالملخص والمفيد، تأتي فلسطين (الأرض والوطن والقضيّة) أشبه بطقوس الأعياد والمناسبات لدى صابر الرباعي والملايين غيره: إحساس عابر وشعارات في الهواء، ومن وراء ذلك ومن قبله، سعي متواصل لكي تكون فلسطين أو غيرها «سطر في مسيرة» مع ضرورة مراعاة فارق «الخطوط الحمراء» التي سطرتها الجهة الفنيّة (ذات الخلفيّة السياسيّة) الراعية لهذا «الفنّان» ومن معه من أشباهه…
لذلك، جاءت صورة صابر الرباعي مع «ضابط صهيوني» (مهما تكن «هويّة» هذا الضابط العرقيّة) طعنة للقضيّة الفلسطينيّة، التي يشهد أسراها معركة «الأمعاء الخاوية» بدءا بالشهيد الحيّ بلال الكايد ووصولا إلى سائر أقرانه في سجون العدوّ الغاصب ومحتشداته…
الأزمة هنا لا تخصّ «نوايا» صابر الرباعي ولا تأويلاته أو هي رغبته في التوضيح أو حتّى «التحذير» الذي صدر عنه، أو عمّن كلفهم أو كلّفوا أنفسهم، بالدفاع عنه، بل (وهنا المصيبة أو هي الفضيحة) في حجم الفارق والبون الشاسع، بين أسرى وضعوا صحّتهم وحياتهم، بل هو الوجود (على وجه الأرض) موضع الرهان، في حسم شامل للمفاهيم مع العدوّ الغاصب، مقابل «طائفة» تتعلّل بالنوايا وتتخفّى خلف التفاسير أو هي تعكس الهجوم من باب «الرجم» بالمزايدة أو ربّما «عكس التهم»….
لا تهمّ نوايا (سي) صابر الرباعي، الذي لم يكن مطلوبًا منه أن ينادي بواجب «الجهاد» المسلّح بغية تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، ولم يطالبه أحد (حدّ الساعة) أن ينجز أغنية تعمّق الوعي بأنّ فلسطين (من بحرها إلى نهرها) أرض «وقف» لا يجوز التفريط في شبر منها أو حتّى السكوت عن تدنيس مقدساتها، لكن في المقابل غير مقبول أن يتحوّل صابر الرباعي (الشخص والرمز والفنّان) إلى شمّاعة (عن غير وعي وسذاجة في التفكير وسطحية في التأويل) إلى «ذلك الذي يحمل أسفار التطبيع» (سواء كان الوعي بفداحة الفعل أو هو الجهل به)…
مسألة التطبيع برمتها أوسع من (سي) صابر الرباعي، المسكين والضحيّة (كذلك) الذي لم يجد في الأنظمة قدوة، بل ما شهده هذا «الشخص» وما كبر عليه، هي صورة أولياء الأمر يرقصون على أنغام «المبادرات العربيّة»، ليتحوّل «التطبيع» وجهة نظر ومسألة حريّة شخصيّة، أو ممّا يحتمل النقاش يتحمّل القراءة ويقبل التأويل…
هي أزمة «حضارة» ومصيبة «وعي» لا يمكن اختصارها في «فعلة» (سي) صابر الرباعي، الذي لا يمكن أن يكون (في المحصّل) أسوة بالملايين غيره، سوى نتاج تربية تعليميّة جعلت «الجهاد من أجل فلسطين» متراوحًا بين «الإرهاب» (حينًا) و«المكروه» أحيانًا أخرى.
لذلك تأتي ابتسامة (سي) صابر الرباعي عريضة على الصورة، وهو لا يدري أنّ هذا «الضابط الدرزي» (حسب رواية التبرير) هو من فئة أشدّ عنفا من الصهاينة أنفسهم مع الفلسطينيين، بل يزيدون ويزايدون على «الأوامر» القاسية بالذهاب حدّ القتل (دون حاجة أو أمر من القيادة الصهيونيّة)…
صابر الرباعي (والحديث هنا عن ثقافة الرجل ووعيه بآلام الفلسطينيين) هو «أسير المشهد» وكذلك «حبيس كليشهات» دون أن ننسى الصور النمطيّة التي صنعتها «الآلة الجهنميّة» التي تقف خلف «روتانا» وأخواتها، ومن ثمّة لا يمكن لأيّ فنّان أن يجمع «مجد الغناء» بما هي «مآثر النضال» خارج المنطقة «الحلال» التي رسمتها «روتانا» (هذه) سواء بالتصريح، أيّ «فرك الأذن» عند الضرورة، أو هو التلميح الذي يتقن فهمه أمثال صابر ومن معه من الفنّانين….
هي نقطة أخرى (هذه الزيارة وهذه الصورة) من تراكمات مؤلمة ونضالات أشدّ إيلامًا من غزّة المحاصرة بقرار من «رعاة الإبل» وتواطئ من «حماة النيل» ومباركة من «رعاة البقر» وابتسامة من «صهاينة العصر»، لذلك يمكن الجزم أنّ صابر الرباعي، يتمتّع أمام التاريخ بأقصى درجات التخفيف، حين يأتي فعلا (ودون مبالغة) أشبه بذلك «الغرّ» الذي لا يميّز بين «عسل» (فلسطين) فعلا مقابل «سمّ» الصهاينة الزعاف….
21 تعليقات
تعقيبات: ecco shoe outlet locations
تعقيبات: emu boots sale
تعقيبات: north face backpack sale
تعقيبات: cyber monday balmain
تعقيبات: canada goose outlet online