يأتي المشهد «مثيرًا» بل شديد «الاغراء»، طالما شهدت تونس مثله في السابق، نسخة أولى وثانية، فيكون السؤال إنّ كانت الثالثة «مضمونة»؟؟؟
أسقط الزعيم الحبيب بورقيبة باي تونس «الأمين باي» آنذاك وأبعده عن الحكم، رغم ما كان من وشائج الودّ بينها، الأوّل قبّل يد الثاني وأقسم له البيعة والولاء، لكنّ «نهم السياسة»، بل «جشع الحكم» أقوى من أن يُقاوم…
أسقط الجنرال زين العابدين بن علي الحبيب بورقيبة رئيس تونس «مدى الحياة» آنذاك، رغم ما كان من وشائج الودّ بينها، حين انحنى الأوّل أمام الثاني وكاد يقبّل يده، أو هو قبّلها فعلا، لكنّ «نهم السياسة»، بل «جشع الحكم» أقوى من أن يُقاوم…
ما الذي يمنع محسن مرزوق من أن يعيد السيناريو ذاته؟؟؟
قطعًا لكن يكون على شاكلة «الكمبيوتر» (أي «نسخ ـ لصق»)، خصوصًا أنّ دوائره أشارت بالتلميح أو في المجالس الخاصّة أنّ «العجوز» (أي الباجي قائد السبسي) جاوز (كمثل الظالمين) «المدى»، أوّلا حين لم يعد «في صحّة جيّدة»، وثانيًا حين «انحاز الرجل إلى ابنه تمامًا» ضمن «معركة الاخوة الأعداء»…
الباجي قائد السبسي، الذي عاصر الانقلاب الأوّل (انقلاب الحبيب بورقيبة على آخر باي حسيني في تونس)، وعاش «الانقلاب الثاني» (انقلاب بن علي على الحبيب بورقيبة)، بل ساهم في هذا وكان له نصيب في ذاك، يعلم علم اليقين أنّ الحلّ الأمثل لا يكمن في الترقّب والانتظار، بل في مسح الساحة بكاملها والتعرّف على كلّ الامكانيات المحتملة والأدوات التي ستعمد إليها أيّ جهة «انقلابيّة» ومن ثمّة وأدها في المهد، بل في أفكار أصحابها. لا يمكن للباجي أن يقبل بأن تلدغه هذه الحيّة (أيّ الانقلاب) وهو الخبير والعارف والمدرك لكيفيّة انجاز الأوّل واستفادة من الثاني…
يدرك الباجي أنّ الماكينة الوحيدة القادرة على «صناعة الانقلاب» هما «وزارة الداخليّة» أوّلا، وثانيا «الأجهزة الاعلاميّة»، الثاني يمهّد ويعدّ الأرضية، فينقلب الأوّل، فيعود الأمر إلى الثاني ليبرّر ويقنع بل يشرّع ويجعل العمل من صلب الديمقراطية ومن أصول الوطنيّة، بل هو الخطوة التي تستقيم به الدنيا وبدونها لا يستوي به الوجود…
جاء عبد الرحمان الحاج علي ومن معه، في مهمّة «احتلال» الداخليّة، أو معاودة «احتلالها» (بالأحرى)، بعد أن «حلّوا» بها وبالمنظومة الأمنيّة سنوات (زمن بن علي) خبروا دهاليزها وعرفوا خباياها وأتقنوا لعبة الكواليس، بل لهم فيها من «العيون» وكذلك «الأتباع» ما يجعلهم على يقين، بل هو اليقين ذاته، أنّهم لا يدخلون «أدغالا» لا يعرفونها، ربّما (فقط) يستحقّون وقتًا قصيرًا جدّا لتعديل عقارب ساعاتهم على توقيت التغيّرات الجادّة والجديدة، أوّلها موازين القوى القائمة والقادمة، وثانيًا، طبيعة الصراعات التي كانت زمن بن علي تدور في السرّ وقد صارت في العلن…
لا يأتي «الانقلاب» في تونس استثناء أو طارئا أو حالة مفاجأة، حين غادر كلّ من حكموا تونس منذ الاستقلال إلى الآن إمّا بفعل «الانقلاب» (المادّي) أو بفعل «الانقلاب» (الاعلامي والتشجيع الشعبي).
الأمين باي غادر الحكم (مكرهًا) بفعل اعلان الجمهوريّة وارتقاء بورقيبة إلى سدّة الحكم
بورقيبة غادر الحكم (مكرهًا) بفعل بيان «7 نوفمبر» وارتقاء بن علي إلى سدّة الحكم
بن علي غادر الحكم (مكرهًا) لأنّ أصحاب «القرار» وصنّاع الانقلاب قرّروا ذلك،
المبزّع غادر الحكم (مكرهًا) لأنّه (بكلّ بساطة) كمثل البطارية (غير القابلة للشحن) يلعب (حينها) في «الوقت الضائع)
المرزوقي غادر الحكم (مكرهًا) لأنّه لم يكن راضيا على «النتائج» وإن قبل بها من باب التسليم
جميع من حكم تونس منذ الاستقلال غادر دون إرادته أو دون القدرة على المواصلة… لا أحد قرّر التخلّي وهو في تمام العزّ والأبّهة (أو الهيبة)…
من الأكيد أنّ دخول عبد الرحمن الحاج علي، جاء لإعادة ترتيب «بحر الداخليّة» وفق ما يشتهيه ربّان البلاد الباجي قائد السبسي، ومن الأكيد كذلك أنّ المعلومات التي قدّمها الصحبي الجويني إلى الباجي قائد السبسي، هي التي عجلّت بإقالة رفيق الشلّي من منصبه واستبدال 4 من أعمدة الداخليّة دفعة واحدة. إنه «قلب» (للأوضاع) قد يراه البعض (كما هو تعبير هنري كسنجر) «الانقلاب المضاد» أيّ سحب البساط من تحت أقدام محسن مرزوق!!!
بدا خطاب الباجي الأخير واضحًا، ودون لبس، هو فصل مقنّع لكلّ من «تاه من أبناء النداء»، حين خيّرهم بين طأطأة الرأس والانكسار أو هو الذهاب في مواجهة ستكون «ماكينة الدولة» (الداخليّة أساسًا) الأداة والساحة في الآن ذاته…
لم يختر الباجي لهذه المهمّة رجل «سياسة» ولم يضع على رأس هذه «الكتيبة» سوى من حسبه «المحترف» القادر على «بسط الأمن» وجلب «الطمأنينة» للجالس على «عرش قرطاج»…
لم تضع الحرب بين النداء والحزب القادم على عجل وحرقة. كذلك ستكون التحوّلات الجادة على هرم الداخليّة طرفًا في هذه الحرب أوّلا، وثانيا، أحدهما يلعب من أجل تحديد شكل الانتصار والثاني يراهن على مفهوم «ربع الساعة الأخير» (الذي ابتدعه بورقيبة لقلب الأوضاع)…
الأكيد والذي لا يقبل النقاش، أنّ شق الباجي قائد السبسي (بعد أن تسلّم الأب شارة القيادة جهرًا) يبحث عن تجسيد «الاطمئنان التام والطمأنينة دون حدود»، في حين يبحث شقّ محسن مروزوق عن لكمة «الضربة القاضية» أو «اتقاء ضربات المنافس» (الشريرة)….
أحداث مؤلمة و موجعة و محبطة و مخجلة و مقرفة. متى ينزاح هذا الهم عن هذا الشعب المسكين. و الله سيغادرون الدنيا كما ولدتهم امهاتهم وسيلقى هؤلاء الاوغاد ربهم و يسألهم عن اعمالهم و سينتقم منهم
الشكل:
الرجاء إصلاح الخطأ:
“والاستفادة من الثاني” بدل “واستفادة من الثاني”.
المضمون:
لقد تنكر صاحب المقال لدماء الشهداء عندما اختزل فرار المخلوع في صناع القرار و غيب إرادة الشعب التونسي الذي ثار وانتفض وطرد المخلوع وجعل من الشعب مجرد اداة عند بعض صناع القرار فجعلنا مصنوعين لا صانعين.
أطالبك بالاعتذار للشعب التونسي.
والسلام
سنية تومية
الشكل:
الرجاء إصلاح الخطأ:
“والاستفادة من الثاني” بدل “واستفادة من الثاني”.
المضمون:
لقد تنكر صاحب المقال لدماء الشهداء عندما اختزل فرار المخلوع في صناع القرار و غيب إرادة الشعب التونسي الذي ثار وانتفض وطرد المخلوع وجعلب الشعب مجرد اداة عند بعض صناع القرار فجعلنا مصنوعين لا صانعين.
أطالبك بالاعتذار للشعب التونسي.
والسلام
سنية تومية