دخل الدكتور المقيم في عاصمة الضباب لندن، الهاشمي الحامدي على خطّ الصراع/التدافع السعودي الإيراني في تونس وقدّم نفسه في خدمة «أهل السنّة» معاديا ومقاوما «التمدّد الشيعي» في تونس.
إلى هذا الحدّ يمكن الجزم أنّ الرجل (رجل سياسة) يريد أن يجد له موطأ قدم أو ربّما «قاعدة» (في تونس) على خلفيّة (هذا) «الصراع»، وأن يعزف على أوتاره، مهما كانت نواياه والمرجعيات التي يعمل من خلالها، أو حتّى «المطابخ» (العلنيّة أو السريّة) التي قد (ونقول قد) تخطّط له.
مثل هذه الأمور صارت دارجة في عرف السياسة التونسيّة: ركوب الأحداث وامتطاء الصراعات، دون خجل من هذا ودون حياء من ذاك…
واصل الهاشمي الحامدي ضمن مسعاه في هذا «الصراع» (السعودي/الإيراني) بأن صرّح صبيحة يوم 21 جانفي 2016 إلى إحدى الإذاعات التونسيّة، بأنّه قابل وزيرة السياحة «سلمى اللومي» وفهم من كلامها (هكذا قال بالحرف) أنه تمّ «تجميد» البروتكول الذي لا يرقى إلى مرتبة الاتفاقيّة. مضيفًا أنّه سيسعى إلى «جلب 50 ألف سائح خليجي» (إلى تونس)، أي بما معناه تعويض السياحة الإيرانيّة (التي لم تتم بعد) بسياحة خليجيّة (في حكم موافقة مشايخ الخليج)، وأضاف (وهنا المصيبة) أنّه سيعمل على «رفع عدد السيّاح الجزائريين بما قدره 100 ألف»…
من هذا الكلام الموثّق بالصوت، يمكن استخلاص ما يلي:
أوّلا:
أن السيّد الهاشمي الحامدي، وضع العلاقة أو هو التموقع ضمن الصراع السعودي الإيراني من باب النفع المادي المباشر، أي أنّ تونس (وفق قاعدة النفع) ستغيّر رأيها في حال جاء تصريح من «جهة إيرانيّة» أن هذا البلد مستعد لضمان 100 ألف سائح، لتتحوّل السيّدة «سلمى اللومي» إلى ضابطة مزاد علني، تسعى بين الرياض وطهران (بمعيّة السيّد الهاشمي الحامدي) وهي تصيح بلهجة الحماسة ومن يستزيد: «أش زاد؟؟؟»
من هذه الصورة تبدو تونس (بحسب تعبير السيّد الهاشمي الحامدي) أنها تلك التي تقبل «من يدفع أكثر» وهي صورة (مع الاعتذار عن الصورة لكنّها الحقيقة) أشبه ما يكون في محلاّت «الدعارة» حين تبارى حريفان من أجل «واحدة» (كعوب لعوب)، أو عدنا إلى زمن «الجواري» حين يتزايد علية القوم وساداتها من أجل جارية، يصل سعرها عشرات ما تستحقّ….
ثانيا:
الحديث عن الجزائر بهذا «المنطق الواثق»، من قبل رجل يعلن ولاءه بل يعتبر نفسه صاحب قيمة وجاه لدى أمراء آل سعود، حين لا يمكن لمن يعرف (سي) الهاشمي أن يتخيّل أنّه يتحرّك «مجانًا»، ثم يضيف «100 ألف سائحًا جزائريّا»، يعني أنّ الرجل (سي الهاشمي) قادر على «تفويض» علاقة (ما) في الجزائر، ليجعلها تصبّ في الصراع «السعودي الإيراني» أي بمعنى أنّ هذا «الرفع» (الجزائري) يأتي «تعويضًا» عن «خسارة تونس» للسياح الإيرانيين.
السيّد الهاشمي الحامدي، رغم شعبويته المفرطة ولعبه على الصراع الطائفي في المنطقة وسعيه إلى زج تونس فيه هذه الدوّامة، يدرك جيّدا (أو ربّما هو غفل عن) الحقائق التالية:
أوّلا: العلاقات الجزائريّة السعوديّة جدّ متوترة، وأحد أدلة ذلك، الزيارة الفاشلة التي أدّاها وزير خارجية المملكة إلى الجزائر، حين تم الغاء لقاء مع الصحافة وغادر البلاد دون استكمال «الاجراءات البروتوكولية»، أي دون وداعه من قبل نظيره الجزائري، وبالتالي يستحيل على الجزائر أن تزجّ نفسها في «صراع طائفي» (أوّلا) ومن سابع المستحيلات أن تدعم السعوديّة بأيّ صفة كانت، حين رفضت ولا تزال ترفض الانضمام إلى (ما يسمّى) «الحلف الإسلامي لمحاولة الإرهاب» وترى فيه (مجرّد) واجهة لدفاع الأخرين عن المملكة نظير «وعود» (مستحيلة) أو «طائرات خردة» (كما جاء في عديد الصحف الجزائريّة القريبة من السلطة»…
ثانيا: يمكن الجزم أنّ العلاقات الجزائريّة مع أيران متطوّرة إلى أبعد الحدود مقارنة مع علاقاتها مع المملكة السعوديّة وسائر دول الخليج، حيث تربط الجزائر العاصمة وطهران اتفاقيات عديدة، في مجالات عدّة، أهمّها في مجال التعاون العسكري، كذلك لم تخف الجزائر امتعاضها بل رفضها للدور الخليجي عامّة والسعودي الخاصّة في الحرب الدائرة في سورية، ولن ينسى الجزائريون التهديد العلني من قبل وزير خارجية قطر للجزائر بأنّ «دورها قادم»…
الهاشمي الحامدي، شعبوي يهوى الرقص والغناء واللعب على الوتر العاطفي، لكنّه ليس بالغباء الذي يبدو أو بما هي الصورة القائمة من محاولة زجّ الجزائر في صراع محاور، ترفضه الجزائر وإن كانت تحمل مبدأ منه وموقفًا ممّا يجدّ في المنطقة وفي الشرق الأوسط وشرق المتوسط؟؟؟
يمكن الجزم أن دخول الهاشمي الحامدي على هذا الخطّ، وسعيه لجعل موقعه يتقاطع عنده البعد الداخلي بالمعطى الاقليمي بالأوضاع الدوليّة، وكذلك أن يدخل بهذه «الحدّة» وهذه «القوّة»، بل هذا «العنف»، يجعل منه أقرب إلى «المشوشّ» الذي يفسد اللعبة وكذلك «قابض» (الثمن)، أكثر منه ذلك «المستثمر» الذي يدفع اليوم ليقبض (من السياسة غدا)، حين «مثّل» (هذا الدور) في السابق، ودخل الانتخابات الرئاسيّة، من باب «الافساد» على المرزوقي وليس اللعب من أجل «البطولة»…
23 تعليقات
تعقيبات: vivienne westwood outlet online
تعقيبات: marmot outlet online
تعقيبات: outlet barbour