مؤتمر حركة النهضة: الاعداد الباطني والاستعداد الفعلي

31 ديسمبر 2015

تجاوزت حركة النهضة، منطق «المحبّة» كما «الكره»، أو هي جانبت هذا التصنيف، في تعامل العمق الشعبي وكذلك النخبة السياسيّة، وأيضًا الأطراف الاقليميّة والقوى الدوليّة معها، إلى أن صارت «الرقم الصعب» (في المعادلة السياسيّة)، وكذلك «الشريك الضروري» (من أجل «استقرار البلاد»).
سقوط «حركة نداء تونس» في مستنقع «حرب الإخوة» (الأعداء)، وكذلك تراجع وهج الأحزاب الأخرى، جعل النهضة تعود إلى السطح بوجهين:
أوّلا: الحزب الأقوى (الساحة السياسيّة)، حين يستحيل على «طرفي النداء» (فرادى أو مجتمعين) العود إلى نتائج تقترب من نتائج الانتخابات التشريعيّة الفارطة، وكذلك لا يبدو إلى حدّ الآن (ولن يبدو في المستقبل المنظور) كيان سياسيّ، قادر على تعويض «النداء» والصعود إلى أعلى مرتبة.
ثانيا: تميّزت الحركة بقدرة كبيرة، أو هي أفضل من غيرها على التعاطي مع الأحداث في «عمق» أعجب شركاءها (في تونس) وكذلك (وهذا الأساس) الأطراف الاقليميّة والقوى الدوليّة، وجعلهم (جميعًا) ينظرون إليها في صورة «الضامن» الذي لا يمكن تعويضه وكذلك «الشريك» الذي لا يستحيل الاستغناء عنه…
هذه النجاحات الأكيدة، والتفوّق الذي لا يحتاج إلى برهان، رافقه أو هو خلّف عديد «المصاعب»، على مستوى «فكر» (الحركة) وأسلوب «الحكم» (فيها)، وصولا (وهذا هو السؤال الحارق) إلى علاقة «الأسلوب الحالي» بما هو «المشروع المؤسّس»، منذ «الجماعة الاسلاميّة»، مرورا إلى «الاتجاه الاسلامي»، ووصولا إلى أداء الراهن، مع «ممارسات الساعة»…

النهضة

اجتماع انتخابي لحركة النهضة

مقاربات عديد تهزّ حركة النهضة، بل تشقّها، وقد أحدثت صراعات مفتوحة داخلها، سواء حول اطلاق الغنّوشي مفهوم «المسلم الديمقراطي» أو تصريحات على شاكلة لطفي زيتون حينما قال بأنّ النهضة في تونس هي أشبه بالأحزاب «الديمقراطيّة المسيحيّة» (في أوروبا)…
حين نتجاوز صراع الأجيال وصراع الجهات، ومعارك «مهاجري» (الخارج) ضدّ «أنصار» (الداخل)، وصراع الأجنحة، وكذلك الصراع بل المعركة المفتوحة بين «مؤسّسات الحركة» مع «مطبخ الغنّوشي» (الخاص)، يأتي السؤال (الذي يدركه العقل الإخواني أفضل من غيره)، أو هو سؤال بوجهين:
أوّلا: هل ما أقدمت عليه الحركة من «المراجعات»، كان عن طيب خاطر، أم تحت ضغط «المراجع الغربيّة»، وأين الحدّ بين هذه «الضغوط»، بل هي «التهديدات» (أحيانًا) من جهة، ومحاولة (بعض) العناصر القياديّة «الذهاب» (في التنازل) أكثر ممّا مطلوب؟
ثانيا: هل مسّت التنازلات العمق «الإخواني» لحركة «الجماعة الاسلاميّة» ومن بعدها «الاتجاه الاسلامي» أمّ أنّ (في) المسألة قدرة على «تصريف المطلوب» بحسب هويّة «الطالب»، بل وما يطلب؟

صنعت النهضة أو هي ابتكرت «فقه المتناقضات»، سواء على مستوى القناعات الفكريّة أو الممارسات السياسيّة أو التصريحات الاعلاميّة، أو حتّى التعاطي مع كلّ جهة على حدة. برع الغنّوشي مؤسّس هذا «الفقه» حين يعطي لكلّ جهة «ما تطلب»، ممّا يعني أنّ الرجل ومن ورائه الحركة، طوّرت «قدرة استقرائيّة» وكذلك «طاقة (على) تقسيم الزمن» وأيضًا «تفتيت المفاهيم»…

العيش ضمن المتناقضات، ومن خلالها صعب ومكلف جدّا على المستوى السيكولوجي على مستويين:
أوّلا: مستوى الاستيعاب «الداخلي» (للحركة)، حين يمكن الجزم دون أدنى نقاش، أنّ عديد «الجهات» (داخل الحركة) رافضة أو هي في قطيعة (إيمانيّة) مع ما يطرحه الغنوشي من «المسلم الديمقراطي» وتابعه لطفي زيتون من «الديمقراطيّة الإسلاميّة» (على شاكلة الأحزاب «الديمقراطيّة المسيحيّة»)…
ثانيا: مستوى الصورة العامّة والشاملة للحركة، سواء للمراقبين العاديين أو الخصوم والأعداء الذين (لأسباب أيديولوجية أو سياسية) يتصيّدون «هفوات» النهضة، ويشيرون إلى هذه «الازدواجيّة» أو هي «التقيّة» أو ربّما «عدم القدرة» على «دخول النادي الديمقراطي»….

من الصعب جدّا (سواء داخل النهضة أو خارجها) الجزم بعدم بلوغ «الحركة/المشروع» ما يمكن أن نسميه «نقطة التمدّد الأقصى»، أي عدم القدرة على إرضاء العمق النهضوي الذي لم يغادر أغلبه (على مستوى العقيدة) الجذر الإخواني، وما تطلبه وما تصرّ عليه «لزوميات» (الساحة الداخليّة) وكذلك «اكراهات» (البعد الاقليمي والعمق الدولي). لذلك، على النهضة في مؤتمرها القادم، أن تختار بين وجهتين، ومن الممكن المزج (جزئيا بينهما):
أوّلا: التخلّص من الجناح المتشدّد، الذي يشدّها عن بلوغ مرتبة «المسلم الديمقراطي» وتقديم صورة أشبه بما يطلبه الغرب من «ديمقراطيّة اسلاميّة»،
ثانيا: توزيع اللعبة في «انفصال» ظاهري (أكبر) بين كلّ من «الجناح الدعوي»، مقابل «الجناح السياسي»، أي أن يتخلّص «الجناح السياسي» من «اكراهات» المقارنات بالجذر (الإسلامي) وينتقل «مركز ثقل» النظر واللوم والنقد والمتابعة إلى هذا «الجناح الدعوي»، الذي سيكون «أقرب» على مستوى الصورة والممارسة إلى «الحركات السلفيّة» ومن ثمّة ستنجح في لعبة «الإلهاء» وكذلك «نقل الثقل»،

يبقى راشد الغنوشي، رجل «الحلول جميعها» داخل الحركة، لكن كذلك «رجل العقد جميعها». من ناحية هو «صانع التحوّل» (النهضوي) نحو هذه الصورة التي يشهدها الخاص والعام ويشاهدها، بل ويثمنها الخارج والداخل، وهو كذلك الرجل الذي أمسك المال والقرار والسلطة والتنفيذ، وقيّد البقيّة (باستثناء الحاشية)، ممّا يعني، أنّ المؤتمر القادم (في حال وقوعه نهاية مارس) لن يكون مؤتمر «الاعتراف بنباهة (الشيخ) راشد»، بل (وهنا الأخطر) لطرح سؤال: ما الذي تملك الحركة على فعله بدون هذا الرجل وبدون المفاتيح الذي صنعها على ليس على مقاسه فقط، بل هو الأوحد من يملك «كلمة السرّ»…


21 تعليقات

  1. تعقيبات: giorgio armani sale

  2. تعقيبات: coach cyber monday

  3. تعقيبات: cheap oakley sunglasses

  4. تعقيبات: mont blanc bags

  5. تعقيبات: parajumpers on sale

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي