من الأمور المقبولة «فكرا» وكذلك على «المستوى التنظيمي»، أن يعلن «أبو محمّد الجولاني» قطع الروابط مع تنظيم «القاعدة»، حين جاء ديدن هذه التنظيمات الانشطار والتفريخ دون هوادة، لكن الغريب وغير المقبول أن يقبل (الشيخ) «أيمن الظواهري» الأمر ويعفي الرجل من «البيعة» (في بساطة شديدة)، فذلك يحيل على أسئلة عدّة وتساؤلات عديدة: أنّ الأمر أشبه بعقد «تجارة» أو هو رابط «مادّي ومؤقّت» وليس كما حال البيعة «إيماني ومقدّس»؟؟؟
كذلك (وهذا الأخطر) لم تستطع «قناة الجزيرة» بعليّ مقامها بين القنوات ولا نجمها «أحمد منصور» برفيع قدره بين الصحفيين، الكشف عن وجه الرجل عند اللقاء التلفزيوني الذي أجرته القناة وأمّنه أحمد منصور، منذ ما يزيد عن السنة بقليل، في حين جاءت الأحداث لتجعل الرجل (رغم المحاذير الأمنيّة، حين غدر «الأخّ» أخطر من طعنة «العدوّ»)، يكشف عن وجهه ويخرج للناس شارحًا ومبشّرا ونذيرًا….
فكّ الارتباط والكشف عن الوجه، من الأمور «الانقلابيّة» التي تؤشّر لأمر جلل وكذلك تؤكّد أنّ المعادلة، سواء السوريّة أو الاقليميّة وكذلك التقاطعات الدوليّة، لم تعد كما كانت، خاصّة وأنّ «الجولاني» يؤكّد إلحاحًا ويصرّ تأكيدًا أنّ النسخة الجديدة من التنظيم «لا علاقة لها بأيّ جهة خارج سوريّة»، أيّ بصريح العبارة، نزوع دون «أمميّة الإسلام» (كما تنادي وتمارس التنظيمات السلفيّة الجهاديّة)، وثانيا (وهذا الأخطر)، قبول أو هو التسليم بالحدود «السياسيّة» لما هي «الدولة السوريّة»، ممّا يعني أنّ «فتح الشامّ» صار على نهج التنظيمات «الاخوانيّة» التي انطلقت من «أمميّة» (شاملة) لتنتهي إلى «قطريّة» (ضيّقة)…
لا يمكن لصاحب ذرّة عقل واحدة أن يصدّق أنّ «الجولاني» نام واستيقظ ليقرّر ما قرّر، أو أنّ الظواهري استيقظ ونام، هو الأخر، وقبل (في رحابة صدر) التخلّي عن مبدأ «أمميّة الرسالة الاسلاميّة»، معلنان (هذا وذاك) ليس «فناء» القاعدة تنظيميّا، بل افلاسها (فكريا وفقهيا)…
ما جدّ في المنطقة منذ أسبوعين، يفسّر جزءا هامّا من هذه «الانقلابات» التي جاءت في الآن ذاته صادمة وهادئة: «الانقلاب» (الفاشل) في تركيا وما ينذر به من «تعديل» في السياسة التركية حيال أمّهات المسائل في المنطقة وعلى رأسها «الملفّ السوري»، وكذلك النجاحات المذهلة للجيش السوري الذي استطاع احكام الطوق حول ما تبقّى خارج سيطرته من أحياء مدينة حلب ومن ثمّة اعتبار المدينة «ساقطة» عسكريّا (بفعل الزمن)، دون أن ننسى سلسلة «العمليات الارهابيّة» في أوروبا، التي وإن تبناها (ما يسمّى) «داعش» إلاّ أنّها تمسّ كامل الطيف اللصيق والمشابه (أيّ «النصرة»)…
نزوع الجولاني نحو بعد «أكثر وطنيّة» يعني أنّ الجهة التي تقف وراءه، تريده طرفًا «سياسيّا» قادر على الدخول في لعبة التفاهمات القادمة وموازين القوى القائمة، ومن ثمّة يأتي خروجه من «عباءة» القاعدة وسعيه لإدراك طاقية «التنظيم القطري»…
فشل القاعدة التاريخي، سواء في مشاريعها ومجي (ما يسمّى) داعش في صورة «الانقلاب/القطيعة» معها، جعل «السلفيات الجهاديّة» ليس فقط تحمل «صورة الإرهاب» بل (وهنا الخطورة) تتحوّل من «أداة» يدي من يحرّكها إلى «عبء» على مشاريعه القائمة وخططه القادمة، ممّا يعني أنّ «التغيّرات» القائمة داخل النصرة، تأتي وفق «إكراهات» دوليّة وليس قراءات منطقيّة ومراجعات فقهيّة…
أبعد من القاعدة وطرفها الإقليمي في الشام الذي «تقوقع» داخل الحدود القطريّة، كامل الطيف «الإسلامي» (المعتدل) سبق أن نحا هذا الاتجاه، على اعتبار التنظيمات «الفرعيّة» جزءا من «الأوطان» ودون علاقة بأيّ طرف خارجي…
أسلوب معمول به في مجال التجارة وعلم التسويق خاصّة، من إعادة التعليب أو الإشارة إلى أنّ هذا «الحليب» أو تلك «الزبدة» خالية من الدسم أو أنّها «موافقة للمواصفات المحليّة»…
بعد أن صار (ما يسمّى) «داعش» الشيطان الأكبر الذي اتفقت الأمم (نظريا على الأقلّ) على أنّه «الداء القاتل»، تسعى «النصرة» ومن ورائها «الراعي الرسمي» لها (أيّ قطر) إخراجها من هذا «الجبّ»، بل الذهاب بها إلى «صورة» أكثر «ثوريّة» وبالأخصّ في انفصال عضوي أو هي القطيعة الوظيفيّة مع ما يحمل «الإرهاب» من صورة وما صارت إليه «السلفيات الجهادية» من «شيطنة» لدى الغرب خصوصًا…
العمليّة (إضافة إلى بعد التسويق) تأتي درءا للتهم القادمة والمحاكمات التي ستطال «هذه الجهات» الجهاديّة، بل أن انقلبت «السلفيات الجهاديّة» من «حليف مقبول» (ضمن مسعى إسقاط النظام السوري) إلى ذلك «العبء الثقيل» بل (وهنا الخطورة) «الدليل المادي على جريمة لا يمحوها الزمن»…
تقف البشريّة جمعاء أمام مشهد «الساحر» (دولة قطر) الذي يحاول إخفاء «القاعدة» كاملة وإخراج «فتح الشام» من قبعته، ليس فقط لما صارت عليه (هذه) «القاعدة» من «سوء سمعة»، بل كذلك للعجز الكامل عن تصريف مشتقاتها على المستويين الرسمي وكذلك الشعبي.
قطاعات واسعة من العمق الاسلامي (الاخواني بالأساس) الذي كان متعاطفًا مع أيّ «جهة مسلحّة» تسعى لإسقاط النظام في سورية، أصبح يعبّر عن «اشمئزاز» (متزايد) أمام ما يأتيه (المسمّى) «داعش» أو «النصرة» أو غيرهما.
هي أزمة داخل «الحقل الاسلامي» الذي كان يغضّ البصر عن «هويّة» الجهات المعادية والساعية لإسقاط النظام السوري، لكن مع بروز (ما يسمّى) «داعش» في صورة «الشيطان الأكبر» وكذلك قرب سقوط حلب، وأساسًا ما تبدي تركية من «مراجعات استراتيجيّة»، صار الرهان لدى «رعاة النصرة» (أي دولة قطر بالأساس):
أوّلا: اجراء بعملية «تجمليّة» على هذا الكيان (أيّ «النصرة») والسعي لتقديمه في صورة «الفاعل» (على الميدان) المقبول، وأساسًا الشريك (أو حتّى البديل) «الممكن»…
ثانيا: السعي (استباقيّا) لدفن «الماضي» وتجاوزه على المستويين الفقهي أوّلا وكذلك (وهذا الأهمّ) «المسؤوليّة» عمّا ارتكبت «النصرة» من جرائم بيّنة في حقّ جهات تملك القدرة أو هي المصلحة في التلويح أو حتّى محاكمة هذا «الكيان» وبالأساس الجهات الراعية له..
الخلاصة: بين وأد (ما يسمّى) «داعش» و«قيامة» النصرة (أسوة بالسيّد المسيح عليه السلام) في «صورة» «الحواري» الطاهر الشريف العفيف، تأتي الذاكرة وأساسًا التاريخ، أرفع من أن ينسى أو يغفر أو يرحم…
20 تعليقات
تعقيبات: patagonia outlet sale
تعقيبات: nfl jerseys on sale
تعقيبات: patagonia outlet ohio
تعقيبات: cheap north face
تعقيبات: Mountain Hardwear outlet store