عثر النُحاة على لوحة سائبة، حسبوها في جزم من بقايا أسباطنا الباقية، وراحوا يوسّعون البحث رغبة في استكمال اللّوح الأكبر وتشكيل المعاني كاملة. من قال بأنّها من لغة الأعاجم صار أضحوكة، ومن قال أنّها لسان الفضاء أصبح مضغة سائغة، بل ربح من تصنّع التعجّب وصاح أنّ الأمر أمورًا خافية. ناوله الخاصّة قبل العامّة ما تيسّر من مال، وزادت النساء من الحليّ ما غطّى الجبال العالية. مسألة «حياة أو موت»، بل الموت أقرب من الحياة في حال عجز الباحثون عن إيجاد الألواح الباقية. معرفة الأصل فضيلة وتدبّر الأصول علوم ثابتة. انتشر الجموع بين الجبال السحيقة والأودية الساحقة، يقلّبون الحجارة ويهزّون المغارات الفارغة، بل قالوا أنّ بها لوح، مِنْ ذَهَبٍ زعموا أو من زمرد حسب العجائز الباقية. كان أن نبت من بين الجموع أرنب، ادّعى أنّ ذريته تغطي الثقوب جميعًا وما كان من الفجوات المارقة. ضحك الأكابر وسخر الأصاغر وراحت الجموع تهذي بهذه الحكاية المضحكة، ليكتشف الجميع فجأة أنّ في الأمر حيلة، بل تحيّل، حين كان اللوح مجرّد تسبيحة من الأمم السابقة. سقط العرش على حين غرّة، وتساقطت الأوراق في عزّ الربيع، حين تبادلت الفصول أدوارها الثابتة.
ترى ما فعل الأرنب؟
انتحر على حافة التاريخ وتخوم الجغرافيا الخائبة، حين لا حديث سوى عن مضيق في زمن انسدت فيه الدروب أمام هذه الأمذة الضائعة