«هو الخريف في جماله، وهو الجمال في عزائه، وهو العزاء في خريفه»
«هو الجمال في خريفه، وهو العزاء في جماله، وهو الخريف في عزائه»
بين القولين، ترآت الأضواء تتهادى مثل الغربان في وقارها، تماثل الأجنّة في أرحامها، وتعاود الأشجار في أرضها. تسأل عن مصير الأوراق الساقطة ومصائر من مرّ فوقها. على هدي الخُطى جاءت الأسئلة: عمّن حبس الألوان في قواريرها وجعل للخريف ما بين الأفقع المائل إلى سواد المرحلة، وفي نسخة أخرى ما عزّ من شباب لا يجيدون قيادة الألوان في مهدها.
«يا حادي الخريف وما ضاء من أوراق المعاهدة، لا صبح لها ولا الظهير منّا، بل نحن فواضل الأشعّة الباردة»، هكذا أفاق البعبع من نومه، على أشعّة لا برد فيها ولا دفء، بل حنين المرحلة، ليجعل الأوراق قرّة فمه وما جاوز من عبيد المرحلة، حين همّت الأوراق بالرحيل إلى أرض لا عماد لها، بل قيل سموات لا شمس فيه ولا أنواء. حينها، لم يبق سوى بوم المراجعة، ومعها من اقتات من أوراق لا لون لها، بل كان يؤجّر بعضها لبعضها، مقابل بعض الشراب وما تبقّى من ثمالة المعركة.
حينها، أفاقت حروف العلّة من نومها، تلعق جراحها، وتسأل عمّن أمّم الأوراق في غمدها، وعمّن أجرّ الكتاب للقبائل العابرة، وعمّن طرح السؤال وترك الأجوبة لا عماد لها…
حينها، قرّرت الأوراق البقاء في أغصانها، علّ الربيع يتجاوز الفصول إلى ألوانها، فيجعل منها «تاج الملك» أو «ستّ الحسن» أو ما كان من ملكات التاريخ والفصول الهاربة…
وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ.