دون الدخول في التفاصيل التي ستحدّدها الأبحاث سواء الأمنيّة أو القضائيّة، ودون استباق سيل المعلومات وارد من أرض «المعركة» يمكن الجزم أنّ عدد الارهابيين المورط في الهجوم على بن قردان، سواء من حمل السلاح أو المكلّف بالإسناد والإمداد، لا يقلّ عن ثلاثين، بين من جاء من «خارج المدينة»، أو هي «الخلايا النائمة»…
عند هذا الحدّ، ونظرًا لأهميّة الجغرافيا وسخونة الأوضاع، وترقّب «ضربات» (ممكنة) تأتي من «العمق الليبي»، يكون السؤال (الحارق) التالي:
لماذا لم تكن «جهة تونسيّة» على علم بهذا الهجوم، أيّ (بلغة الاستخبارات): تورّط قرابة الثلاثين شخصًا قدموا من ليبيا أو مرتبطين بجماعات هناك، دون علم «جهة تونسيّة» يمثّل السؤال الحارق بل السؤال «الفارق»؟؟؟
لم تكن عمليّة «انغماسيّه» أي هجوم مفاجئ من قبل شخص أو مجموعة صغيرة، أرادت الضرب ومن ثمّة الهرب والتخفّي، بل «مجموعة عسكريّة» (ضمن المعنى الاكاديمي للكلمة) أرادت وسعت بكلّ ما استطاعت، كما تفعل (ما يسمّى) «داعش»، للسيطرة على «الجغرافيا» وبسط «النفوذ» عليها…
يبدو من خلال المعلومات الأوّليّة (التي تبقى في حاجة إلى تدقيق) أنّ المجموعة الارهابيّة أو المجموعات الإرهابيّة، جاءت ضمن خطّة «محدّدة» للسيطرة على مفاصل المدينة، سواء بمهاجمة المقرّات العسكريّة والأمنيّة والسيطرة عليها والتحكّم فيها، أو (وهذا لا يقلّ أهميّة) بسط النفوذ والسيطرة على «القلب التجاري» للمدينة، على اعتبار أنّ «التجارة/التهريب» تأتي النشاط الأوّل (والاستراتيجي) في المدينة.
المعلومات الأوّليّة تفيد كذلك أنّ هذه المجموعة القادمة من التراب الليبي، استطاعت تجاوز «الساتر الترابي» في سهولة شديدة، ممّا يدفع «المحلّلين والخبراء» قبل المراقبين وأهل الإعلام للسؤال (وكذلك للتساؤل) عن جدوى هذا «الساتر»، أوّلا، وثانيا (والأهمّ): هل الساتر عاجز بطبعه أمّ أنّ به من «الثغرات» ما يفتح الباب أمام التهريب والإرهاب، على حدّ السواء….
كذلك يمكن الجزم، أنّ أيّ «جهة ارهابيّة» قادرة بالاعتماد فقط على «التقارير الاخباريّة» وكذلك «صفحات الفايسبوك»، على تحديد ليس فقط «نقاط قوّة الجهات الأمنيّة والعسكريّة» بل تحرّكها الميداني واتجاه العناصر وتفاصيل الخطط الهجوميّة، ممّا يطرح أسئلة (بين التعجّب والريبة) عن «الأداء الصحفي» الذي لا يزال يتعامل (في مجال الارهاب) بمبدأ «نقل الحقيقة» (كما هي).
المسألة لا تعني سيطرة «جهات أمنيّة وعسكريّة» على آليات الانتاج الصحفي، وتحويل المقرّات الاعلاميّة إلى «مراكز أمن وثكنات» تعمل تحت إشراف «رقيب أمني أو عسكري»، (سواء مباشرة أو عبر الانترنت) بل السؤال (في منطق البحث عن الاجوبة وليس الاتهام) عن قدرة «الصحفي» التمييز بين واجبه المهني وحقه (الطبيعي) في التفوّق على زملائه، في علاقة بنوعيّة المعلومة أو سرعة تقديمها، وما هي خدمة «مجانيّة» لجهات ارهابيّة تشتغل على نقاط الضعف هذه، بل تعتبرها «رأسمال» تستمدّ منه كمّا هائلا من المعلومات…
كذلك (وهذا الأمر شديد الخطورة)، يبدو من التناقض القائم بين العجز عن «جمع المعلومات»، بل هو «الاخفاق التامّ» (في ما يخصّ هذا الهجوم على الأقلّ)، مقابل حجم بل تسونامي التطوّع الشعبي للخروج إلى الشوارع والمشاركة في المعركة ضدّ الإرهاب بصدور عارية وأيادي مجرّدة من السلاح، ما يلي:
أوّلا: اخفاق (ما يسمّى داعش) في التعويل على «التفاعل الايجابي» معها، وتحويل البلدة إلى «إمارة» مستقلّة عن «شرعيّة الدولة»، ممّا يعني ليس فقط غياب «الحاضنة الشعبيّة» بل استحالة وجود هذه الحاضنة أصلا.
ثانيا: اخفاق المنظومة المكلّفة بجمع المعلومات (من جميع الأسلاك) في استغلال «رأسمال» هذا، وتفعيله ليس فقط في اختراق هذه «المجموعات»، بل (وهنا الأهميّة)، جعله أشبه ما يكون بما هو «جهاز الانذار» القادر على استباق الأفعال وتحديد النوايا، ممّا يمكّن هذه «الأجهزة الأمنيّة» من أسبقيّة الزمن وقدرة كبيرة على التحرّك وقدرة أكبر على المناورة، سواء لوأد هذه «المحاولات في المهد» أو (ربّما) «القضاء عليها» قبل أن يشتدّ عودها ويتغوّل.
أوّل الخلاصات من العمليّة الارهابيّة السابقة وهذه العمليّة هو التالي:
أوّلا: البقاء في «حال الدفاع» أمام الإرهاب هو أشبه باعتماد سياسة دفاعيّة بحتة في كرة القدم، أيّ أنّك تحاول منع «الأهداف» (ما استطعت) دون القدرة على التسجيل، ممّا يعني أنّ «التعادل» (مع الارهاب) هو أقصى الطموح.
ثانيا: إعادة قراءة المشهد القبلي والمجتمعي وكذلك كلّ ما له علاقة بالأنشطة الاقتصاديّة في المنطقة، من باب التأسيس لشراكة فاعلة وفعّالة، تقطع مع «قداسة دولة المركز» التي تدعي «معرفة كلّ شيء عن كلّ شيء»…
ثالثًا: لم تعد طريقة «جمع المعلومات» (التقليديّة) فاعلة أو فعّالة، حين يكون «المخبر» مجرّد مردّد للمعلومة (فحسب)، حيث وجب التأسيس لخلايا جديدة، تكون قادرة على جمع المعلومة والتحليل وتقدير المخاطر والتقرير والتنفيذ، بالسرعة المطلوبة، في تجاوز للإرث «البيروقراطي» الذي يجعل مجرّد «التحرّك» (البسيط) يستوجب «قرارًا» من العاصمة…
بقدر الأسف على سقوط الشهداء من المواطنين ومن جميع الأسلاك، بقدر اليقين أنّ العمليّة الارهابيّة الفارطة وهذه، قدّمتا من المعلومات، بل من الاستنتاجات إلى الطرفين سواء الدولة أو الشعب، أو «الإرهاب» ما يكفي لتعديل القراءة وتصويب الخطط وإعادة النظر في الخطط الاستراتيجيّة، بما يلي:
أوّلا: تيقنت الجهة التي تقف وراء هذه المجموعات، أنّ «السيناريوهات» التقليديّة، أي السيطرة على الجغرافيا، وترهيب المواطنين ودفعهم لركوب الارهاب من باب الخوف أو المشاركة في «الغنيمة» ليس فقط غير مجدٍ، بل يمثّل استثمارًا خاسرًا.
ثانيا: يقين الجهات الليبيّة التي أغمضت العيون وغضّت الطرف، من باب «ابتزاز» الجهات التونسيّة، أنّ الابتزاز غير مفيد، بل صار أن «انقلب السحر على الساحر»، أيّ أنّها في موقع الاتهام (على الأقلّ)…
ثالثًا: يقين الجهات الأمنيّة والعسكريّة التونسيّة، وكذلك الجهات الماسكة للقرار في البلاد، أنّ أساليب العمل التقليدي غير مجدية، سواء على مستوى جمع المعلومات أو التنفيذ، ممّا يدفع (من باب الحتم والضرورة) إلى إعادة النظر (بالكامل) في شبكة «جمع المعلومات» أوّلا، وثانيا (وهنا الأهميّة الكبرى) تأسيس «قوّة ردع» من أبناء المنطقة، تكون الأقدر (في ارتباط بالأسلاك القائمة) على جمع المعلومة، والتصرّف فيها واستباق الارهاب والقضاء عليه في المهد…
ثبت بما يدع للشكّ، أنّنا أمام الحلقة الأولى من مسلسل (قد) يطول، وجولة أولى من «مباراة»، لا يعلم أحد عدد جولاتها…
لم يجف دم شهداءنا من امن و جيش و مواطنين وللاسف مزايدات فى الاعلام و تصفية حسابات ايديولوجيه فى الاستيديوهات المكيفة. اهل بنقردان تصدوا و شعب تونس كله معه لكن السؤال ما دور هوءلاء المحللين و دعنى اذكر سلوى الشرفى و اقول لها ارجوك فكرى و اعتقدى بما تشاءين لكن دعى الدماء تجف. و ارد على عليه العلانى و اقول اذا قلت انك تريد مراجعة التعينات يعنى انت تشكك فى مؤسسات الدولة و اقول سخرية اصبت فى التوقيت
أرى استنتاجا آخر لو ربطنا عملية اليوم بالعملية التي سبقتها قبل ايام و سرعة وجود قناتين تلفزيتين في مواقع العمليات لعلهم كانوا على اطلاع بما سيحدث. ثم لا تنسوا التوطئة التي حدثت في القصبة باقتحام امنيين لرأس السلطة و تجسيم الدولة بمطالب تعجيزية. ألم يكن الهدف اقحام الجيش و الأمن في قتال لتمكين الإرهابيين من الدخول؟ لست خبيرا في الأمر لكن من له معرفة فليدلني كي أتأمل في نسق الأحداث و تتابعها و هل يمكن لدولة و لأصدقائها أن يكونوا على قدر من السداجة و العقم حتى لا يروا عملية في هدا الحجم أي كان الجواب فان العملية حددت بدقة و بما لا يدع مجالا للشك خائنان اثنان بوعي أو بغير وعي و هما من حركوا الأمنيين في القضبة و القناتين المدكورتين.
صديقي ربما تكون كتبت مقالك قبل ان يتكلم مدير شمس فم ويستعرض عضلاته بوثيقة منشورة علىالنت مكتوب فيها كالعادة سري مطلق تفيد اعتراف ارهابي في اواخر ديسمبر بان الجماعة في ليبيا تحضر لهذه العملية.
ثم لو لم يكن الامن والجيش في جاهزية قصوى لكانت كارثة فلنفرض انهم 20 مسلح فقط ولكل منهم مخزنين كل مخزن فيه خمسين طلقة بعنصر المباغتة والضرب العشوائي كانوا يسيطرون على المدينة لكن الاجابة كانت فورية عكس حساباتهم جعلتهم يهربون وكانوا مهاجمين فاصبحوا يحاولون الدفاع على انفسهم وبالخوف كانت النتيجة بعض اخوتنا المدانيين.
اما في خصوص الوضع الدفاعي فمثل قول الغنوشي لو هاجمناهم بالتعاون مع الاخوة الليبيين في صبراته لكان خير من ان تضربهم امريكا
اما الكارثة الحقيقية فهي اعلام العار المؤجور يحاولون كالعادة ايهام الناس انهم مع البعلول كانوا افضل وهذا هو الارهاب ومصنعه هذا يبعث الشباب الى داعش بما انهم يحطمون فيه نفسيته بان الثورة فشلت وانهم هزموا الثوار
سي دبدوب، الصورة غير تونسية أصلا
اهم ما أشار اليه هذا المقال هي نقطة على قدر من الدقة والاجابة وهي التي تنص على خذلان شعب الجنوب الكرام للدواعش بعدما كانوا مصد تخوف للعديدين