يكفي مسح بسيط للخطاب التركي الرسمي أو من تصدّروا للدفاع عن النظام على المنابر الاعلاميّة، للتأكّد بما لا يدع للشكّ، بل هو الجزم العلمي، بأنّ الجميع (الرسميون والدعاة) صاروا يختصرون «عنصر الزمن» وتضيق بهم «زاوية الرؤية» إلى «الزمن الراهن»، بعد أن كانوا عند انطلاق «الأزمة في سورية» يطلقون مواقف ذات بعد استراتيجي، يختصرها «الحتمية» (التاريخيّة) لسقوط النظام في دمشق، أوّلا، بل (كذلك وأساسًا) يؤكدون أنّ ذلك (أيّ السقوط) يأتي أقرب ممّا كان (غير الأتراك ومن معهم) يتصوّر…
صار «الهمّ» التركي مختصرًا (راهنًا) في ملاحقة الواقع، المتراوح بين «إرهاب» (في الداخل) مقابل «انتصار» للنظام السوري (في الخارج)، ممّا جعل الحلم الأردوغاني بالصلاة في المسجد الأموي في دمشق مرتبطا ومشروطًا بالصلاة وراء الرئيس بشّار الأسد. كذلك لم يعد الهمّ التركي، مرتبطا لا بما هو «نشر الديمقراطيّة» أو «حقوق الشعوب» (أيّ الشعب السوري) في «الحريّة»، بل صار الهمّ (ضمن جميع معاني الكلمة) مرتبطا، إن لم نقل منحصرًا بين «درء الإرهاب» أوّلا وكذلك الحدّ من تبعات «انتصار حلب» وما تبعه من «هدنة» تأتي أقرب، أو هي فعلا، اعتراف صريح بعبثيّة «اسقاط النظام»، وتبعات ذلك على علاقة النظام التركي بجماعات ارهابيّة (أو هي مسلحة) زيّن لها نصرًا انقلب انكسارًا…
هذا «الانقلاب» الذي جعل حلم ضمّ سورية إلى «الامبراطورية العثمانيّة» (الجديدة) ينقلب إلى «كابوس» جسدته (ما يسمّى) «داعش» التي تربّت وترعرعت (في جزء كبير منها) في «دهاليز المخابرات التركيّة»، ليكون السؤال (على مستوى المفاهيم قبل الحقائق) كيف انقلب السحر على الساحر وأساسًا من قلب هذا السحر على من كان يحسب بل هو اليقين يديه بأنّ سقوط النظام السوري مجرّد مسألة وقت وأنّ (ما يسمّى) «داعش» أشبه بمحرمة ورقيّة ذات استعمال واحد؟؟؟
تبيّن بما لا يدع للشكّ لدى القيادات التركيّة كما المخابرات، أنّ (ما يسمّى) «داعش» جاءت أشبه بما كانت أسطورة «حصان طروادة»، حين كان الهدف من هذا «الغول» اسقاط النظام السوري، فقط لا غير، ليبقى النظام، بل صار جزءا شرعيّا ومشروعًا من المعادلة، ليقلب هذا «البعبع» سلاحه أو هو يوزعه بين محور «الرقّة ـ تدمر ـ الموصل» من جهة، مع ضرب «الراعي الرسمي» (سابقًا)، حين يرفض (ما يسمّى) «داعش» (أو من يمسك دواليب القرار فيه) أن تكون مغادرة «الحمّام السوري» (بالنسبة للأتراك) مثل الولوج إليه…
لا يزال الأتراك (أو بالأحرى القيادة السياسيّة) أسرى «جنون العظمة»، حين جمعت «الوازع القومي» (التركي)، بما هي «الدولة الحديثة» (علمانيّة الشكل)، بما كان (ولا يزال لدى أصحاب القرار) من «عظمة الارث العثماني»، دون أن تغفل «النجاحات الاقتصاديّة» الكبرى»….
«كان صرحًا» وها هو يتهاوى، وأوّل «بشائره» تهاوي الليرة التركيّة، ممّا دفع النظام إلى مناشدة المواطنين بالتخلص ممّا يملكون من دولارات خاصّة، ليكون ما توفّر قطرة (أيّ 180 مليون دولار)، في بحر المواجهة مع غرب (أوروبا والولايات المتحدة) يريد أن يغدر في عنف شديد، وسورية التي لن تنسى، مقابل روس وإيرانيين أقرب إلى الرغبة في تدجين هذا «العملاق» الذي جاء أو صار يفقد من طاقته الكثير بفعل الإرهاب وكذلك «شماتة» الغرب الاقتصاديّة خاصّة…
أزمة تركية أو هي مصيبتها تكمن في عجزها الصريح عن المحافظة على «عزّة التاريخ» وكذلك «كبرياء الحاضر»، في وجه التحوّلات الدراماتيكيّة التي تعيشها المنطقة، ممّا جعل الأزمة تتأصّل داخل «الذات التركيّة»، أشبه بما أصاب (على مرّ التاريخ) طبقات النبلاء، الذين أفقروا وصاروا أقرب إلى التسوّل، لولا بقيّة ما تبقّى من «عزّة التاريخ» وكذلك «كبرياء الماضي»…
يخدم الإرهاب رغم خطورته على الاقتصاد خاصّة، الكبرياء المتطاولة في تركية، حين يرمي تبعات «المستنقع السوري» إلى مرتبة ثانويّة، مقابل «الترّفع فوق الوجع» وأساسًا عدم الرضوخ أمام «الإرهاب». المصيبة بل قمّة المصائب أنّ استمرار الإرهاب بما شاهدنا من عنف وقسوة، قادر فعلا ودون شكّ على جعله (أيّ الإرهاب) يتحوّل من «منصّة للكبرياء» إلى «سكّة إلى الهاوية» (الاقتصاديّة) أوّلا، وثانيا (وهذا الأخطر) يجعل العمق التركي يتجاوز ما هو «كبرياء الألم» إلى الأسئلة «الحارقة» عن الأسباب الحقيقيّة لهذه المأساة التي لا يمكن نكرانها…
الفارق بين سفينة «تيتانيك» والقيادة التركيّة الحالية، أنّ «الثانية» تدري حجم جبال النار التي تواجه، أوّلها الإرهاب الذي يتزايد ولا يبدو أنّه سيتراجع، وكذلك «المعضلة» الكرديّة التي صارت أقرب إلى سرطان يستحيل حلّه دون «جراحة قيصريّة»، دون اغفال «الكابوس الأرمني» (لدى غرب تأبط شّرا)، ونهاية بما هي «قبرص الشماليّة» التي لا تعدو أن تكون سوى «أرضا مسيحيّة» يحتلّها «مسلمون»، في زمن صار «معاداة الإسلام» الرياضة الأشدّ اقبالا في أوروبا.
تسابق «السفينة التركيّة» الزمن لتحوّل «القوّة الفاعلة» حاليا إلى «طاقة كامنة» في المستقبل، وذلك بأقلّ التكاليف وأيسر الخسائر، ليقينها، أنّ دول الخليج (جمعاء) أعجز أنّ تقدّم أفضل من «الدعاء» (في حال كانت نواياها صادقة) وأنّ «الكيانات الإخوانيّة» (الأخرى) سواء في مصر أو تونس أو المغرب، هي (تباعًا) تصارع الموت أو المحاصرة أو حتّى المؤامرة…
من الأكيد أنّ القيادة التركيّة تمسك بما هو الجزم «أوراقا ضاغطة» لكن عدد هذه الأوراق في تناقص وكذلك طاقة الأوراق في تراجع، ممّا يعني أنّ السباق ضدّ الزمن قد بدأ للانتقال إلى «الضفّة الأخرى» تحت سقف تلك «الكبرياء» التي حملها (الطاغية) جمال باشا جزّار الشام…
بمفهوم ألعاب الكمبيوتر أو هي لعبة «سوبر ماريو» الشهيرة، يأتي أردوغان ناظرًا إلى طاقة تتناقص بفعل الزمن مع ضرورة القفز إلى «الضفّة» (الروسيّة ـ الإيرانيّة ـ السوريّة)، مع تفادي مطبّات الغرب وأحابيل «العُربان» دون أن ننسى «كبرياء» قد تخذل صاحبها…
216 تعليقات
تعقيبات: cartier love ring replica
تعقيبات: moncler outlet online
تعقيبات: parajumpers for sale
تعقيبات: lafuma聽clothing
تعقيبات: merrell for sale