ابن بطّيخ: في دور الحجّاج بن يوسف الثُقفي!!!
الصورة المثلى والمشهد الأفضل، واللقطة التي لا يمكن وصف جمالها، أن نشاهد، حوارًا (من خيال الواقع) بين «مؤدّب الصبية» الحجاّج بن يوسف الثقفي من ناحية، يقابله «مؤدّب أئمة تونس» معالي الوزير ابن بطيخ. علينا أن نختار المبدع شوقي الماجري للأشراف على المشهد، ونترك له حريّة التصرّف لعلمنا ويقيننا بمدى ما يملك الرجل من موهبة…
تخيّلوا فقط، أغمضوا عيونكم أو افتحوها أمام مشهد تلفزيوني نادر. الحجاّج بن يوسف الثقفي، أمّر عصي دولة بني أميّة، قبالة ابن بطيخ، (الذي سيكون لضروريات المشهد) أمّر عصيّ «الدولة العميقة»، علمًا أنّ شوقي الماجري سيتكفّل بمهارته المعهودة بتصويب اعوجاج التاريخ.
ألقى الحجّاج خطبته الشهيرة على أهل الكوفة في جامعها بعد أن أغلق الأبواب وأقام العسس بسيوفهم على المداخل، فيكون إذن أن يلقي ابن بطيخ (للضرورة التاريخيّة) خطبة عصماء على أهل صفاقس في جامع اللخمي بعد أن أغلق الأبواب وأقام العسس بعصييهم على الأبواب. العصي عوض السيوف، ليتوافق العمل مع شروط «قوانين مقاومة الإرهاب» في البلاد، الذي يمنع السيوف في المشاهد التمثيلية.
بل تخيّلوا، فقط تخيّلوا ابن بطيخ يخطب والحجاج مستشار له، يلقنه الحرف ويمرّر له الأفكار، لأنّ شوقي الماجري أدرك (بالحدس والموهبة والتجربة) أنّ ابن بطيخ عاجز كلّ العجز على أن يأتي بخطبة أصلا، فما بالك بواحدة عصماء أو غير عصماء… خيارات شوقي الماجري غير قابلة للنقاش… تلك شروط العقد وعلينا احترامها…
يشكو شوقي الماجري من خلل في السيناريو، لا أحد من بني أميّة العصر («الدولة العميقة») قبل الظهور أمام الكاميرا أو وافق على تصوير الظل أو حتّى الإشارة له. فراغ سيستعيض عنه هذا المخرج بالإشارة حينًا أو التلميح أحيانًا…
علينا الاستعانة كذلك قبل بدء التصوير بالمبدع الفاضل الجزيري، ليدرك الفنّان/النجم عثمان بطيخ أصول الصعود على المنبر، وإلاّ ضاعت المشاهد هباء، وصار العمل إلى فشل.
ابن بطيخ لا يفقه في الأصول الدراميّة للتاريخ الاسلامي، بل لا يفقه التاريخ ذاته، ليكون السؤال قبل التصوير وقبل أداء هذا «الممثّل» (فعلا) الدور، عمّا يملك من إدراك «معرفي» بتفاصيل تاريخ الأمّة كمثل خطبة «الحجاّج» في الكوفة.
كان لزامًا لثقل الاستثمار وانتظار الشاشات العربيّة جميعها لهذا العمل الدرامي لرمضان القادم، أن نقصد المقابر ونبحث عن قبر عثمان الكعاك، الموسوعة المتنقلة، ليلقن هذا الممثل ليس الكلمات، بل ليجعل في «صحن» هذه الفترة التاريخيّة، كما يقول أهل تونس…
قبل الراحل عثمان الكعاك المهمّة عن مضض، ليس رفضًا للمهمّة في ذاتها، بل سؤالا واستنكارًا لما صار إليه من اختيار الكفاءات في هذه البلاد.
حمحم «سي» عثمان كعادته، ووضع طربوشه العثماني الشهير وشرع في طرح أسئلة على هذا الممثل الذي استعاض عن اليقين في الاجابة بالغموض في الردّ، فكان :«ربّما، يمكن، قد يكون، لا أدري، لا أعلم، الله ورسوله أعلم»، فغضب عثمان الكعّاك وأصرّ على العودة إلى القبر، وهو يلعن من فكّر في مناداته، لكنّ شوقي الماجري، بحكم التجربة وما كسب من دراية، استطاع أن يؤكّد للعالم العلاّمة عثمان الكعّاك، أنّ المشهد التلفزيوني يشترط الترديد وليس العلم بالشيء… حينها صرخ سي عثمان الكعاك قائلا:
ـ تحبوه كيما وقت بن علي إمام يتلو خطبة لا يدرك ما فيها.
التفت عثمان العالم إلى الفنّان وقال له في لهجة الأمر التي لا تخلو من علويّة:
ـ هذا نصّ تحفظه عن ظهر قلب، بل قلوب البطيخ جميعها…
ضحك الجمع، وأضاف صوت من داخل الجميع:
ـ إذا التقى عثمانان من نحذف؟
ردّ بن العكّاك كمثل ما كان الحجّاج يفعل على منبر جامع الكوفة:
ـ أنا الأبقى في قبري وأنفع ممّن يأكلون ولا ينفعون…
تعالت ضحكات أرادها شوقي الماجري في أحد مشاهده لصفائها؟؟؟
تكلّم البطيخ، فنتف شوقي الماجري شعره وصاح في الجمع، أنّ هذا الصوت لا يصلح للتمثيل أصلا، فأخبره أحد من خلف الصفوف بأنّه صوت السلطة وسوطها في الآن ذاته، فزاد غيظ المخرج، فكان قرار الانتاج أن الاستعانة واجبة شرعًا بأحد علماء الصوت، علّه يفلح في تحسين الأداء ويرفع في الكفاءة.
صار لمعالي الوزير «طاقم» من جنس خاص، مخرج ومعلم مسرح وعالم أصوات، وزادوا على ذلك أخصائية لتدليك الوجنتين وخبير في رفع المعنويات المنهارة أصلا…
فوق هذا الطاقم، يبقى الحجّاج بن يوسف الثُقفي أهمّ عنصر بعد «نجم تونس الأوّل» لأنّ الخطبة في جامع اللخمي وجب أن تطابق نظيرتها في جامع الكوفة، من باب احترام التاريخ والوفاء للتفاصيل الدقيقة.
عند هذا الحدّ يمكن الجزم دون أدنى شكّ أنّ إدارة الانتاج وفّرت ما يجب من شروط النجاح بل أفضلها، ليبقى هذا الرهان على مستوى أداء النجم عثمان بطيخ لدوره، علمًا وأنّ القنوات العربيّة جمعاء تريد حقّ البثّ الحصري لهذه اللقطة التي هزّت سوق الاعلانات وقلب الموازين، فقد بلغ سعر الثانية ما يزيد عن عشرين مليون دينار ذهبي، من دنانير بني أميّة، حين اشترط الحجاج دنانير سيّده معاوية لعدم وثوقه في الصكوك أو الأوراق النقديّة أو حتى التحويل البنك إلى صرّاف في الكوفة حينها.
تناقلت أخبار الأوّلين وسير الرواة، أنّ الطاقم الوزاري قضى أشهرًا عديدة في التدريب حتّى صار شعر شوقي الماجري كمثل الثلج والحجاج انقلب إلى مرض السكّري وصار بن العكّاك يرفض البقاء، فكان قرار اهتزّت له بورصات التلفزيونات العالميّة، يقضي بأنّ يتحوّل السيناريو بكامله من عمل درامي تاريخي، إلى كوميديا هزليّة راقصة.
انتحر الحجّاج فعلا
غاب شوقي الماجري عن الأنظار
قالت الأخبار أنّ فاضل الجزيري يهيم في الهند بحثا عن خلاصه من الدنيا…
المفيد: الكوميديا نجحت، بل ضربت الأسواق العالميّة، وصارت الأمم تنسخ التجربة وتردّد مقولة بن بطيخ في جامع اللخمي: يا أهل صفاقس يا أهل الصبارص…
23 تعليقات
تعقيبات: mammut outlet
تعقيبات: jackets north face sale
تعقيبات: parajumpers jackets sale
تعقيبات: vibram five fingers sale womens
تعقيبات: pierre balmain sale