نداء تونس

23 نوفمبر 2015

النداء (بالبرّاح) على من يصلح النداء: بابور قديم والابرة ضايعة

نداء تونس

نداء تونس

ها هم في كلّ واد يهيمون بين شعاب الأرياف وأزقّة المدن، بين العرّافين والكهنة ومن قالت الأعراب أنّهم الأعلم بالتنجيم أو ضرب الرمل. ذرعوا البلاد زنقة زنقة، دار دار، حومة حومة، حوش حوش، والله سبحانه لم يوفقهم في العثور على «الخبير» القادر على اصلاح «النداء» أو على الأقلّ من يملك قدرة تقدير الضرر.

هي ليست من «خرافات العروي» أو حكايات «علي بابا والتلفون السحري» أو «على نخبك يا وطن»ـ فقد غاب «باب عزيز»، وضاع في الصحراء كاتب «ألف ليلة وليلة»، ولم يعد من للماغوط قدرة الغوص في خيال أحدهم والتنقيب فيه عن هذا الذي يستطيع المجيء بهذا «المصلح» السحري…

«النداء» سليل التجمّع الدستوري الديمقراطي، وحفيد «الحزب الاشتراكي الدستوري» لا يمكن أن يكون سوى حزبًا «اصلاحيّا»، لأنّ ثقافة البلاد «شدّ مشومك…»، وكذلك «تقطّع بالصحةّ…»، خاصّة وأنّ تجارة «الأشياء المستعملة» (بما فيها الأحزاب) صارت تدرّ ربحا وفيرا وسريعا وسهلا. حزب «روبافيكا» قد يساوي مليون مرّة ما يتكلّف حزب «من الباكو»، لذلك يتمّ البحث عن «المصلح»، وفي التعبير الدارج «الصلاّح» الذي يتقن فنّ التفكيك والعثور على العطب، وعبقريّة الإصلاح، أو هو «التظاهر بالإصلاح» لتعود الماكينة (كمثل حليمة) إلى عاداتها القديمة…

تطوّع ألف فارس وفارس، وجادت ألف جميلة وجميلات أخريات بأنفسهنّ لقاء انقاذ «النداء» من الغرق حينًا ومن الافلاس أحيانًا أخرى، لكن كما يقول عموم أهل تونس «النافع ربيّ» لا ينفع العقّار في ما أفسده الدهريون من «الشقيّن»…

العالمون بدواخل الأمر وبسرائر الامور يدركون بالحدس وبالماهية وبالفطرة، أنّ «اللعبة انتهت» (بالدارجة الصريحة: «امسح مات»)، وأنّ «الّي تعدّى وفات لن يعود» لكنّ الجميع (جميع من تعنيهم المتاجرة بحياة «النداء») يبحث ويفتشّ وينقب عن بعض البصيص، كمثل الجذر الذي منه تنطلق «الشجرة السياسيّة» (القادمة)… إحساس بالمرارة: تخيّلوا فقط، في جزيرة معزولة في أحد بحار العالم، تموت العنزة الأخيرة قبل أن تنجب من الذريّة ما يؤمّن الخلف من السلف…

النداء جاء كالماعز للبلد، أكل الأخضر واليابس واستطاع في مدّة وجيزة أن يفتكّ المرتبة الأولى، البلد جاءت أشبه بالشجرة، والنهضة بالخروف.

تخيّلوا المشهد، عنزة شابّة تقفز إلى أعلى الشجرة، تلتهم «المواطنين» الأشدّ طراوة، في حين لا يزال الخروف يأكل من «مواطني الأرض» أي من هم على ملّته منذ سنين، فجأة تسقط العنزة من علياء ويصيبها كسر قاتل، فيكون البحث عن طبيب، عن بيطري، عن ممرّض… من استطاع إلى الشفاء سبيلا نصّبه «الندائيون» عليهم «ملكًا».

سواء كان «بابور» او «عنزة» لا أمل في الشفاء ولا قدرة للطبّ على ذلك، فقط استنساخ ما يمكن أن يقوم محلّ الأوّل. لم تعد الصناعة توفّر مثل هذا «البابور» وليس في مقدرة العلم أن يقدّم ضمانًا بنجاح عمليّة الاستنساخ…

فقط «بركات» أهل «العزم» من أمهر «العزّامين» قد تفتح باب الأمل على بصيص نور أشبه بأصغر شمعة في أوسع صحراء ممكنة… فقط أن يكون في «النداء» من «النفس» ليقول «الندائيون» في مذكراتهم (يومًا) أنّه «مرّر المشعل» لأنّ الحكاية منذ القديم حكاية «مشعل» يحرق السابق ويجذب (كالفراش) اللاحق…

الاستثمارات ضخمة والاستعداد كذلك، لا يمكن لمن راهنوا على النداء أن يُقال لهم «الله غالب ضاعت الحركة في بلد تاهت فيه المطالب»… يجب البحث عن مُخرج سينمائي يجد لهم مَخرجًا (مهما كان الثمن)، ليشهد «العالم» (تخيّلوا العالم يشاهد)، «مرور المشعل من الجيل السابق إلى الجيل اللاحق».

تجارب رائعة في ديمقراطيّة قلب الموازين والانقلاب من الداخل، لكن دائمًا وأبدًا، كان هناك مُخرج يجد دائمًا وأبدًا المَخرج، لتكون كلمات (ليست كالكلمات) يعاود بها الموالي المبايعة وأهل «البيت» (الندائي) على ما تعوّدوا…

فجأة طالعوا في موقع مهجور عن ساحر من سكّان أستراليا الأصليين يملك قدرة احياء الموتى وبعث الروح في من يحتضرون أرسلوا له طائرة خاصّة وما يلزم من وسائل الإغراء وما يساعد السلطات هناك على قطع خط الرفض من قبل هذا الذي لا أمل سواه.

جاءت الطائرة في كنف السريّة المطلقة لتجد الصحافة ورجال الاعلام ومراسلو القنوات والمحطات في انتظارها، ليقين الجميع أنّ الشفافيّة هي المبدأ والاستثناء للتخفيّ… خرج الرجل شبه عاريا، فأفتى البعض بجواز ذلك، بل هو المطلوب شرعًا وفق بعض الأئمّة. زار الرجل مقرّ «النداء» وفحص المريض فحصًا جيّدا ومن ثمّة ظهر عليه الامتعاض وبان عليه السخط وتبدّلت ملامحه، وقال في لهجة غير مفهومة، لكن البعض من العارفين بلغة أهل تلك البلاد كانوا على عين المكان من باب الاستعداد لا غير،

ماذا قال؟ جاء السؤال من أهل الأرض والدنيا والكواكب الأخرى

تنهد المترجم وقال ودمع العين يسبقه: أن الساحر قرّر الانتحار، هذا هو الساحر الذي أوحي للبريطانيين باحتلال بلده…

هنا تنتهي الحكاية وتبدأ الأسطورة التي لا علاقة لها بالواقع…

 


334 تعليقات

  1. نبيل رميدة

    تشابكت في ما قدمت المعاني بين السخرية و المرارة … و التلف حصاد العنز …
    و الخروف ماشي في بالو فاهم وهو قدّها … وقد قالها الخروف الاكبر في يوم من ايام 2011 — جرِّ بونـــــــــــــــــــــا — فاتي الى “بلده الاوّل” لكي يتبوّل على بني وطنه … هو الآن يُعدّ حقائبه ل – ا ي ك ر ت -…

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي