«هل هدوء القطّ وداعة المنتظر أم سؤال إلى فأر يتوثّب؟»
«هل الفأر أحسن حالا من القطط، أم أنّ هذا لذلك يترقّب؟»
من أشار على السماء أن تنزل بمائها لم يكن يدري أنّ القوم لا يأذنون للقطط بأن تبتلّ تحت لعاب الفئران الحائرة، أو تسير على هدي الأبواب المغلقة، طالما السحاب يأتي دون إشارة، وطالما الفئران لا تنتظر. حينها، أطلّ من وراء الجدران حارس، حسب القطط تتوجّس وحسب الفئران مريضة، بل من أجل اللقمة تتمارض. ذاك زمان لا أمان فيه ولا أمن يترقّب، بل شعارات رفعها النبلاء، من غير نبل على صفيح يتقلّب. هي شعارات جاءت، من غير موعد أو هي ما زاد عن قناعة المتزوّد. كلمات للذكرى وأخرى للذكريات بين قطط جاءت تتوثّب وفئران لا تلوي عمّا ينتظر.
«هي كلمات لها في العين وقع، وفي عيون ناس تتوهّم»، هكذا نقل الحارس عمّن حضر الوغى أو هو في الغرام يتقلّب. كلمات جاءت بها القطط، وأخرى بها الفئران تتوجّس، مخافة انقلاب المواعيد وذهاب القطط إلى فئران في بلاد تتلبّد. بركات القطط جاءت موجوعة وما عند الفئران لا ينقطع. منذ ذاك اليوم، رفضت القطط أكل اللحوم وصارت إلى العشب تترحّم عمّن أنار العقل فيها بعد أن كانت في الفئران تمرح، بل صارت إلى البكاء حينًا وعلى ما فات تتحسّر. لم تكن في الجاهليّة تذكر للفئران غير لحمها الطريّ وراحة أذكى من حمام يتبختر. هكذا الأيّام صارت إلى مستقرّ، بل على ما فات تندب، من فرط ولع بالحشائش، صار مع الخرفان تتسابق.