«من أفق الأفاق البعيدة الهادرة، جاءت الأنباء عن وقوع المعجزة، سحاب أعرج يغازل سماء ويراود زرقتها»، هكذا صاح في الأعراب غراب أعرج، وراح يسبّح بما جاء في دفاتر الأوّلين من خرافات صادقة وما حمل الرعاة من أقاويل مارقة، وما بثّت الإذاعات من برامج عن هطول الأنواء وسقوط الأمطار على صحاري على وجود لها، بل قالوا فاضت القلوب بما حملت وكيف لقلب ألف الدمع أن يذوب في هذه الآهات الكاذبة؟
«مَنْ مِنَ السحب أقدم على قبلة ممنوعة ساخنة وجعل السماء تعاود غيّها، وتباشر التواريخ في سنواتها وتعكس الشمس على أرضنا؟»، سؤال طرحه الوافدون بأضاحي سمينة ساخنة، وما فاض من بين أيديهم من تسابيح الفَجْر الساحرة، وما أهلك الطغاة من سفن في سموات فقدت أعمدتها.
حينها تراوحت الريح بين صرير لا معنى له وصبا فقدت الذاكرة، وما عرّج عليها الأسباط من رياح السموح وما جاءت به الرمال القاسية.
حينها، جاءت القوانين على غير عاداتها، ترهن التبر مقابل أتربة وسخة، وتقايض القبلات بما فاض عن وادنا، علّ الزمهرير يراود جهنّم القارسة، وتكون بين الذريّة ما انفردت به الذاكرة، وما كان على عجلة وما جاء في سرعة سلاحف الدهر الماكثة.
«يا قارئة السحب في فناجين السماء والناظرة في قهوة لا ماء فيها ولا شفاه تلتقط الكلمات من أصولها، هل من دواء نشفي به النفس من عشق الامطار بعد أن صرنا إلى صحراء ربعها عامر بما طاب من خرافات المرحلة؟»، من هذه الكلمات، اشتقّ السامعون آهات هُمْ أدرى بمعانيها الخفيّة المتوارية، بل جاءت كمثل قينة تجود عند الوصال مرّة وتتمنّع مرات أخرى والنفس متراجعة، كما جاء في خرافات العهد وما مالت عليه الأنباء في افتتاحيات الصحافة القابضة، وما كان من تهريج في افتتاح موسم الأمطار من قبل ذريّة من غير صلبنا…