«يا صبر أيّوب، وما جاوز من جَلَد الأمم السابقة، أين المفرّ وقد صارت الجموع إلى أكل الأشواك على حافة الصبّار الحارقة»، هكذا صاحت العنقاء حين شاهدت من أشباه الأشباح من تناول الصبّار على حافة الأشواك، وراح ينظّر لزواج النمل من الفيلة.
من عمق الأشواك العقيمة القائمة، جاءت الأخبار عن حدوث المعجزة. شوكة جاوزت المدى وأقامت من نواح مولدها عرسًا لمن قدم من أشباه المقاومة. هو سؤال عن أصل الصبّار ومولد الصبر ومجيء الجَلَد على سكك لا عماد لها، بل مؤانسة لا وجود لها سوى في عقول أشباه الثمار ممّا نشتهي عند نومنا. حينها، تتدفق الأحلام على أهدابنا، وتسرح بنا إلى أدوار لا عهد لنا بها، بل هي إضافات لا لزوم لها، ممّا ابتكر الأوّلون أو قيل سنن خالدة.
«هي، كما قالت العنقاء على حين موعد»، هكذا صاحت الصبايا على أطراف أثوابنا، وراحت تخيط من الشوك تاجًا لمن جاء بالأنباء من أجوارنا، بل جعلت منها كراسي وفي رواية أخرى سدّة للملك دائمة.
«هو صبر أم صبّار، أم بينهما؟»، هكذا صاح السادة وهم على سّدة بين ألم دائم وحلاوة عابرة. من لهم بمثل ما يريدون من أشباه الأساطير الموروثة عن أمم لا وجود لها، بل قالوا كلمات خطّتها النار على لوحنا، علّنا نراجع التنّور ونبارك خبزنا. علّنا نراود الأشواك وتؤاخي بعضها. علّنا نبارك الدماء وما سال على جبين رسولنا. علّنا نسأل النفس عمّن أوحى لها. علّنا نداوي بالزهر بعض ما سال من حبرنا. علّنا نداور ما استقام من كلماتنا الصادقة. علّنا نصمت بين ثنايا الشوك وما باركت العنقاء من دمائنا.