«يدور الزمن مثل الساقية، يروي العطشى من أصحاب العيون الجاحظة»
«يثور الزمن مثل العاصفة، يدمّر العشّاق من أصحاب الأفواه الفاغرة»
هو ذاك كما كان أو كما يكون الكيان، جسر للعابرين نحو أفق فقد صوابه، حين همّ الطائفون بجولة فوق مساحات فقدت أصلها، فكان الدوّار أصل الحياة عند منبت الحروف الحائرة.
«من أين مبتدأ العجلة، ومن أين انطلقت أوّل عهدها؟»، جاء السؤال مثل جلمود طريّ على وقع النقرات الهادئة، وراح يؤرّخ لمرور الغزاة أو من انعطفوا قليلا عند طريق العشق فوق الثروات المائلة. هو من أفتى بقبول العابرين شريطة مقايضة الجدائل بتذاكر المرور إلى صحراء عامرة. حينها جاء الأفق دوّار والسراب دائرة. حينها كان الأفق كمن لا فراق بعد لقاء الأحبّة ومن مثلهم يصلّون نظير قطرات ماء غالية.
«يا من جاءت به عجلات الراكضة، روما مدينة الدوران دون توقّف السيوف عن طعن القياصرة، ومن قال بغير علم، جعلوه الرومان مثالا على صلبان المرحلة».
«يا من رحلت به العجلات الراكدة، القسطنطينية مربض الدوران دون سبب، حين عنّ للسيف أن يبارز الترس في غمد أجوف، بشهادة خصيان السلاطين وممالك فقد صوابها».
هكذا جاء القول يدور بين السامعين، علّه يجعل الآذان تقرّ بالانقلاب على احتمالات لا أصل لها، بل قالوا أنّها خزعبلات لا تورث سوى الحقد، أو هي الضغينة المزمنة. هي كلمات للذكرى وأخرى للذاكرة، ومنطق الدوران عاد بالكلمات إلى مهدها، تداور اللسان برهة، وتعجّل بقيام القيامة القائمة…