جدل مع نصر الدين بن حديد

لا تدري الأصوات العربيّة المدافعة عن حزب «العدالة والتنمية»، أو هي لا تفقه في أصول الدعاية (السياسيّة)، أنّها عندما تلحّ إصرارًا وتصرّ إلحاحًا، على أنّ الأمور داخل «الحزب» أو هي بين طرفي الصراع «عابرة» وغير ذي قيمة، فهي لا تفعل سوى تأكيد العكس، بل الجزم بأنّ «الخلاف» (الظاهر) في أقصى درجاته، لا يعدو أن يكون شيئا أمام «ما وراء الأكمة»…

لم تعد السياسة فعل وممارسة، بل أصبحت صورة وصدى هذا الفعل في الإعلام ومن خلاله، ومن ثمّة لم يعد السؤال أو هي مسؤوليّة السياسي عن فعله، بل في الصورة التي يصنعها هو من خلال الإعلام، أو يصنعها الإعلام من خلال هذا الفعل.

فجأة وعلى حين غرّة، استفاق «العالم» (أو هي الأصوات المتباكية على الإنترنت) بين نواح وعويل، كأنّ حلب كانت (قبل هذا العويل وهذا النواح) مدينة هادئة تنعم بالسلام والاستقرار، وكأنّ سورية بأكملها (البلد والشعب) أشبه بما هي سويسرا في رغد العيش، وكأنّ الشرق الأوسط وشرق المتوسط واحة ديمقراطيّة أو هي جنّة (العرب) على الأرض.

الغنوشي أو بالأحرى عقل الغنوشي العابر للتجارب القوميّة والبعثية مرورا بالصراع مع «دولة» بورقيبة وكذلك «نظام» بن علي، استطاع في «مكر» (سياسي) شديد، أن يرتدي «جبّة» الأوّل وأيضًا «سطوة» الثاني، حين بدأت حبّات «السبحة الدستوريّة» تكرّ بين أصابع «الشيخ» الذي يتمتّع بملامستها دون أن يكون طلب شيئا (لنفسه) أو وأصدر وعدًا خارج «التمنيات» الناقصة وأيضا «الأماني» المنقوصة….

خلافا أو على عكس البيان الخليجي المغربي الذي جاء على مستوى المبنى كما المعنى «ملكيّا» أكثر من ملك المغرب ذاته في ما يخصّ قضيّة «الصحراء الغربيّة» (الهاجس الأوّل للسياسة الخارجيّة المغربيّة والمحدّد الأوّل للتحالفات كما العداوات)، يمكن الجزم عندما نعرّي التاريخ قليلا، أنّ لا شيء (تقريبًا) يفسّر هذا «الحلف» (الطارئ) أو (بالتأكيد) لن يذهب أبعد (أو أعمق) من البيانات «الخطابيّة» ...