«المعنى زئبقي والدوران دائم»، هكذا قالت سيّدة المقام وهي تفرك العينين والفم منها إلى ابتسامة حزينة قاتلة.
«يا حلوة العينين، يا سيّدة الثرى، ليس لنا من الطين ما نؤسّس به موقدًا، نُداري به البرْد لحظة العواصف الصاخبة»، هي كلمات مبحوحة فاضت من شعر بلا بحر، ومن بحر بلا ماء، ومن ماء بلا قافية، بل اختلط فيه الصدر بالعجز فانتحرت بحور الشعر، حين صار الدوران سيّد المرحلة…
«غرفة التوقيف عادت والزنزانة ذاتها»، ذلك ما باح به السجان أمام سلالم الدهر قاطبة، وراح يناجي النفس لحظة كذب وما بينهما تصّعدت الروح إلى أسفلها.
«يا هذه، أنت منذ الأمس ذاتك، وأنا ذاتي، عندما حَسِبتُ الذوات ذابت في ذات واحدة»، توقّف السلّم عن الدوران مخافة غيبوبة، هزّت الكلمات ودكّت المعاني الناقصة.
«من فصل الأدوار عن بعضها، نصبنا له سدّة للحكم فيها راية قانية»، على هذا أجمع المجلس وهو يدور، دون أن يدري صعود هو أم انهيار إلى الطوابق السفليّة الخانقة.
«قبّرة طارت من على سلّم، تحاصر الأدوار في عشّها»، كذلك قالت العنقاء حين وجعٍ، بل راحت تراقص الممحاة من ورائنا. كلمات هي ذات معنى حينًا، وأحيانًا أخرى غسلناها في مائنا. لم يكن الصبر مدادًا للصاعدين، بل قيل للصابرين، حين لا فوارق بينهما…