«هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّم *** أم هلْ عرفتَ الدارَ بعدَ توهم»
«لسنا من الشعر في شيء، بل نحن نغادر لأنّ علينا المغادرة. فقط، من جاء إلى هذا المكان يغادره يومًا»، جاء الجواب كأقصى ما تكون القسوة أو هو نقيض الشعر، بل عدميّة لا مثيل لها.
«كيف تغادرون سويّا وقد دخلتم فرادى؟؟؟»، جاء السؤال محبطا بل قاتلا. «نحن نغادر جماعة وليس سويّا». الجواب من جنس السؤال، ينزع نحو التجريد بل هو البتّ في سرعة وحسم شديدين.
«هل عنترة يعني المغادرة دون عودة؟»، هزّ السؤال الجماعة وقد انقلبوا إلى ضحك شديد. «ما دخل عنترة فينا وما دخلنا نحن في شعره؟. يغادر هذا الشاعر أو يغادره شعراؤه، لا همّ لنا ولا أهميّة للموضوع»…
«هل المغادرة قطيعة أم انفصال؟»، لم يحدث السؤال فعله في الجماعة وكان أن أضاف: «عند المغادرة، هل نحسّ بفصل شيء من ذاتنا، أم هو مجرّد ذهاب فقط؟»… ذهول تامّ وعدم المام واضح، بل شرود كمثل من سمع كلامًا بلسان أعجميّ…
«نحن نغادر المصنع لأنّ ساعة المغادرة حانت. لا يحقّ لنا القدوم بعد موعد الدخول، لا يحقّ لنا البقاء بعد موعد المغادرة»… الردّ جاء قويّا وصريحًا وقاطعًا
«ما الذي يفعل شعر عنترة، أمام عمّال يغادرون مصنعًا إثر يوم من الشقاء والتعب؟»
«ما دخل دار عبلة؟»
«عن أي وهم وأي توهّم، وهؤلاء لا يقين لديهم سوى مواقيت الدخول والخروج؟»