«كم كان لنا في الكروم من المجد ورايات وتيجان مقعّرة»، قالت الحبّة على تخوم خوان هزّه الشوق إلى البطون الخاوية، وراحت تناجي الشهوات بحكايات عن أصول من جاء من عنب الليالي البيض وما شابه من عتمة الصقيع الحارقة.
«كم كنا من المجد، حين نبتنا، تحت أشعّة الشموس البازغة، ونور الأقمار الساطعة»، قالت الحبّة الأخرى، وهي تهزّ الحزام وترخي المؤخرة… حينها أقام العنقود مأدبة، دعا إليها سادة الأفواه وأذناب الشياه وما شابه من حطام المعركة.
«كمال الأمور عندي في اعوجاجها»، صاحت في الجمع سيّدة المقام عندما أناخت الأعراب شهواتها وهمّت على العناقيد تستعبد أطرافها. حينها أبانت السيّدة عن جيدها وراحت في الجمع قتلا وفي الأعناب ما أرادت، وهي تردّ صاعا وتردّد أشعارها. حينها نبتت في القرى البعيدة ما قالت الأعراب أنّها دالية، تؤسّس من ريق السيّدة ذريّة خالدة، وتصنع من بقايا العناقيد خمورًا أسكرت سبات المعركة.
حينها أفاقت العنقاء من فجورها، تردّد أن التماسيح كما المسيح، نبتت في نهرها، وراحت تدعو إلى حلّ الوثاق وشدّ العروة، وإطلاق الصبية على كرومنا الشاسعة
حينها أباحت لي السيّدة صدرها.