وثيقة حماس: صانع «السراب» يبيع «الوهم» لعاشق «الخيال»…

3 مايو 2017

منذ أن تسّرب إلى الشأن العام، بعض مقاطع «وثيقة حماس» انحصر الاهتمام (أو هو كاد) ضمن دائرتين:

أوّلا: «تأويل» النصّ، سواء ضمن «فقه اللغة» المعتمد من قبل حماس أو ما هي الدلالات المسقطة على الواقع،

ثانيا: «قراءة» نوايا، ما ظهر منها وما بطن، لدى الحركة، ضمن فعل استقراء «الباطن» واستشراف «المقاصد».

قليلون هم، أو فئة نادرة بحثت وقرأت وتساءلت عن «الربح» الذي يمكن أن تحققه الحركة على الأرض (من وراء هذه الوثيقة)، أيّ الفارق (الإيجابي أو السلبي) بين ما «استثمرت» (الحركة)، وما هي جنت أو يمكن جنيه أو حتّى الإيحاء به…

بحكم التكوين (الإخواني) والواقع (الجهادي)، وكذلك ظروف (الحصار)، تكوّنت لدى «حماس» (العقل والقيادة)، ما يشبه «التقطير» في الفعل و«الاقتصاد» (في الطاقة)، أشبه ما يكون بكائنات الصحراء، التي تقتصد في الفعل وتصرف الطاقة بمقدار. من ثمّة لم تمارس حركة «حماس» (سوى في الخارج أحيانًا)، ما يمكن تسميته «جماليّة الحركة» (المجرّدة)، أيّ صناعة «الصورة» من أجل «الصورة» [خالد مشعل أنموذجًا]، ليكون اليقين أنّ «الوثيقة» جاءت نتاج مخاص «طويل» وكذلك الكثير من «الجهد»، ومن ثمّة السؤال ليس عن «النوايا» (الظاهرة) أو «المقاصد» (العلنيّة)، بل (وهذا الأهمّ) ما هو «الرجاء والأمل» من وراء هذه «الوثيقة»؟؟؟؟

 

ردّ الفعل الأهمّ جاء من قبل قيادات الكيان الصهيوني، التي لم تهلّل ولم ترقص، بل مزجت الشكّ والريبة، بما هو الرفض والاستهزاء، في حين رأت قيادات من «الإخوة الأعداء» (أيّ حركة «الفتح») أنّ الوثيقة «تأخرت عشرين سنة» وأضافت (ما هو أهم) أنّ «على حركة «حماس» أن تعتذر»… يمكن الجزم لمن طالع «الوثيقة» أنّ «الجديد/التجديد» أو «الخرق» (على المستوى السياسي)، يكمن في نقطة وحيدة/يتيمة، أيّ «القبول» بما هي «دولة» على حدود 67، دون أن يشكّل هذا «القبول»، وفق الوثيقة، (بأيّ شكل) ذلك «الاعتراف» بما هو الكيان الصهيوني…

 

هنا يكمن «الفخّ الفقهي» وكذلك «عقدة التأويل»: بمعنى السؤال والتساؤل عن الرابط (الأبستمولوجي والمعرفي، وحتّى الفلسفي) بين تأكيد «القبول» (المرحلي [قطعًا بالمفهوم السائد داخل حركة حماس] بدولة على حدود 67)، مقابل تأكيد «عدم الاعتراف» (بما هي «دولة» الكيان الصهيوني). لا تقع «الأزمة» (لأنّ في الأمر أزمة) على مستوى التأويل، أو الدلالات أو حتّى الإسقاط، بما في ذلك كلّ درجات «التأويل» وكلّ ألوان طيف «التفسير»، بل في الداعي والدوافع التي جعلت «الحركة» تتمخّض بمثل هذا «العمق» ثمّ «تلد» ثنائيّة «القبول المرحلي» المرفود بما هو «الرفض المبدئي»… وثيقة حماس، عاجزة كلّ العجز، عن إيجاد أيّ موقع لمثل هذا «الخطاب» (الإستدراكي) لدى العمق الذي انتظر هذا «المولود»، سواء «العدوّ الصهيوني» الذي لن يرضى عن حماس، سوى مسلّمة بما هي فلسطين، كلّ فلسطين، من النهر إلى البحر، أو «الإخوة الأعداء» (سلطة رام الله) الذين عاشوا يحملون «عقد الخيانة» وكذلك «ذنب التطبيع»، مقابل «حماس» الطوباويّة الغارقة (في نظر «سلطة رام الله) ضمن «الغلّو الفكري» مرفودًا على «عدم الواقعيّة»…

Frèresمن حقّ حركة «الفتح» أن ترى وتعتبر وتعلن بل تصرّ وتصرخ، أنّ «حماس» نزلت من «عليائها» (الجهادي) لتمارس «الرقص» معها في ملعب «التطبيع»، ضمن منطق، أنّ «الوثيقة» تأتي (وفق القراءة الفتحاويّة) «الخطوة الأولى» ضمن مسيرة ألف ميل، التي بدأها الراحل عرفات، من لاءات الخرطوم (الشهيرة) إلى التسليم للولايات المتحدة وربيبها الكيان الصهيوني، بكامل أوراق الصراع.

 

السياسة، تكمن في تأويل الفعل الذي تحدثه «الوثيقة» وليس «النوايا» التي تصعّد في صدور من حبّروا هذه «القنبلة»، وبالتالي ينحصر السؤال/البحث عن الدوافع التي جعلت «عقل الحركة» يتمخّض عن هذا «المنطق» الذي لا يتوافق، لا مع العقيدة المعلنة عند التأسيس أو ما هو سار ضمن مناهج السياسة الغالبة على مدى (ما يسمّى) «الشرق الأوسط»…

 

وجب الولوج إلى عقل حماس الجمعي، لفهم «الماكينة» التي حبّرت هذه «الحيلة الفقهيّة»، أيّ كلام يعني «نصف المعنى» غير الملزم بفعل النفي الاستطرادي. تقع حماس أو هي ترقص فوق نار متناقضات عدّة، أوّلها المسؤوليّة السياسيّة المباشرة عن إدارة قطاع غزّة، بمعنى توفير الأمن وتأمين مستلزمات الحياة الكريمة (أو الحدّ الأدنى منها) لقرابة مليونين نسمة، عانت الكثير بحكم الحصار والعدوان وكذلك (وهذا الأخطر) تسليم العالم (أو يكاد) بتردّي الأوضاع في غزّة، في صورة «الأمر الواقع» أو هو «المشهد المألوف»… دون أن ننسى (وهذا لا يقلّ أهميّة) أنّ «رعاة الحركة» (قطر وتركيا على وجه الخصوص) يتقاطعان «عقائديا/روحانيّا» (بدرجات) معها، إلاّ أنّ هذا وذاك، لا يمكن بل يستحيل أن يجعل نفسه رديف «الوجه الجهادي» لهذا التنظيم المسلّح…

حاولت حماس وفق إرثها الإخواني أنّ توزّع بيضة في كلّ سلة، ومالت نحو قطر وتركيا، عند اندلاع الأزمة السوريّة، حين غلب «الهوى الإخواني» (الدولي)، على «الهوى الجهادي» (في غزّة)، ليثبت لدى قيادات (الداخل العسكريّة/الأمنيّة خاصّة)، أنّ كلّ من تركيا وقطر، قدّما ويقدّمان (ما أمكن) من المال السائل والمساعدات العنيّة، ويبقيان أعجز عن تقديم «رصاصة واحدة»، وثانيا (والأخطر) أنّ هذا «الاختلاط» مع «النفس الاخواني» (البرجوازي)، أولد «طبقة» داخل الحركة أبعد ما يكون عن شظف العيش في غزّة، وعن الأنامل التي تحفر الصخر وتمشي حافية في أنفاق غزّة…

صعود يحيى السنوار، وغلبة الداخل على الخارج والعسكري/الأمني على السياسي، لا يعدو أن تكون سوى «غريزة انقاذ» (قبل الآوان) للحركة من «برجوازيّة الخارج»، لكنّ «قيادات الداخل» (العسكريّة والأمنيّة) تدرك بما هو اليقين، أنّ «للصبر (الشعبي) حدودًا»، وأنّ الصمود أفضل وسط حياة أفضل، فيكون من الأفضل إطلاق «طعم» نحو الخارج (للاستهلاك) الاقليمي والدولي، حين تمّ تقديم «الوثيقة» في الدوحة (خارج فلسطين) من قبل «خالد مشعل» البعيد عن «القيادة العسكريّة/الأمنيّة»، التي تفضل التقوقع في الداخل… كلمة أبو عبيدة عن الأسرى والتصعيد يزامن صدور «الوثيقة»، ولم يأت الأمر «صدفة»…

 

الخلاصة:

الوثيقة (بمعنى التسويق) لا تعدو أن تكون «سلعة تجاوزها الزمن»، حين يعلم القاصي والداني، سواء ترمب أو الإجماع الصهيوني، أنّ الجميع (دون استثناء) تجاوز «دولة 67»، لتكون حماس باعت «حبرًا» مقابل «كلام»، أو هو ذلك التاجر، الذي يبيع معاطف الفرو في عمق الربع الخالي… أيّ كلام لا يعنيه الكاتب (كاتب الوثيقة) لقارئ (صهيوني أو فتحاوي ومن ورائهما الأمريكي) لن يصدّق الكلام…


2 تعليقات

  1. تعقيبات: buy Lafuma

  2. تعقيبات: cole haan canada outlet

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي