من يحيي عظام «جيش الدفاع» وهي رميم؟؟؟؟

15 أكتوبر 2023

العنف الشديد الذي يمارسه الصهاينة، بمباركة صريحة ومعلنة ومكشوفة، تجاه غزّة على وجه الخصوص، يمكن تفسيره بأمرين اثنين على الأقلّ :

أوّلا : شدّة الوجع الذي أحدثته عمليّة «طوفان الأقصى»، سواء جرأة الفكرة أو حسن التدبير وبالتالي دقّة الإنجاز. وجع اختلط فيه البعد المعنوي حين انكسر وتمّ قهر هذا الجيش الذي ردّدوا طوال عقود أنّه لا يُقهر، وكذلك هُزال مردود الجندي الصهيوني، الذي على خلاف صورة «الصبّاريم» أيّ اليهودي البطل (أشبه ما يكون سوبرمان) أظهر جبنًا لم يكن أحد يتخيّله.

ثانيا (وهذا الأمر لا يقلّ أهميّة) : الولايات المتّحدة متورطة في ملفّات أخرى مفتوحة على مصراعيها، لا تقلّ أهميّة عمّا يدور في غزّة، مع يقين أمريكي بأمرين : العجز عن مجابهة ملفّ أوكرانيا (ومن ورائها روسية) وملفّ تايوان (ومن ورائها الصين)، وأساسًا يقينها المطلق بعدم قدرتها مواجهة الملفّات الثلاث في ذات الوقت.

القريحة الأمريكيّة تفتقت على حل «بسيط» : بقدر سرعة الردّ ومدى العنف، بقدر ما يكون تخلّي حركة حماس عن مكاسبها ومن ورائها حلف المقاومة.

 

لم تكن الولايات المتّحدة تعتقد أن يسقط الجيش الصهيوني من «البرج العاجي» الذي صنعه لذاته، فكان عليها أن تمسك بزمام الأمور بذاتها، لتهوّن من الهزيمة النكراء التي أصابته، وفي الآن ذاته تمكين هذا الجيش الكسيح من «انتصار» ما، تصنعه دماء مئات من الضحايا في غزّة خاصّة، أغلبهم من الأطفال والنساء…

مشكلة أمريكيا هي التالية : كيف يمكن جعل الجيش الصهيوني يستردّ عافيته ويسترجع كرامته أو أقصى ما يمكن منها، وفي الآن ذاته يتمّ غلق هذا الملفّ في أسرع وقت ممكن، أو في الأدنى وضع المشكلة في الثلاجة، والعود إلى الملفّين الأوكراني والصيني؟؟؟

مصيبة واشنطن في هزيمة الجيش الصهيوني، رغم النقائص التي تشقّه، كان إلى حين اندلاع «طوفان الأقصى»، الجيش الحليف الأوحد الذي يمكن التعويل عليه، حين بقيّة الجيوش الحليفة ضمن المنطقة، إمّا أنّها جيوش من ورق أو هي غير مأمونة الولاء بالكامل أسوة بالجيش المصري، ليثبت أنّ (ما يسمّى) «جيش الدفاع» هو في حاجة إلى من يدافع عنه، ويوفّر له الحماية.

 

من ذلك تحوّلت «الجيوش الرديفة» التي من المفترض أن تمثّل «قيمة مضافة»، إلى حمل ثقيل يستوجب الدفاع عنها.

إذا كان بقدرة الولايات المتحدة التخلّص في رمشة عين، من جميع جيوش الدول الصديقة، إلاّ أنّ الجيش الصهيوني يمثّل حالة جدّ خاصّة، لا يجب التفريط فيه ولا يمكن تركه ينهار، على الأقلّ قبل تجربة جميع أصناف العلاج الممكنة.

العقل السياسي الأمريكي الذي كان يأخذ وقته في التفكير والاعداد ومن بعد ذلك التنفيذ، مع تأمين ما برى من شروط النجاح، وجد ذاته (أيّ العقل السياسي) أمام «ساعة رمليّة» بدأت منذ لحظة اقتحام السياج في العدّ التنازلي.

 

هي مغامرة أو بالأحرى مقامرة، وفق «عقيدة لاس فيغاس»، حيث الولايات المتّحدة مجبرة على تجربة الحلول الممكنة، والمخاطرة بالغرق في مستنقع، تأتي التجربة فيتنام أقرب إلى نزهة ربيع رائقة، لأنّ لا تراوح بين النجاح التام أو الفشل الذريع.

هو النجاح في جعل الجيش الصهيوني يبدو معافى ومكتمل الصحّة، خاصّة وهو يسيل أنهارًا من الدماء في غزّة… خسارة الكيان الصهيوني سيجعلها تصاب بالانهيار أو في أقلّه يحدّ من قدرتها على الردع، وما يعني ذلك من كوارث على مستوى علاقاتها الدوليّة سواء تعلّق الأمر بكلّ من الصين وروسيا، أو «الحلفاء» أسوة بالأوروبيين وعديد الدول في شرق آسية مثل اليابان وكوريا الجنوبيّة، وغيرهما.

AA1dWyBUليس رحمة بالفلسطينيين الذين يموتون بفعل قنابل أمريكيّة، تريد الولايات المتحدة تحقيق ما يمكن تصريفه في صورة «انتصار»، في سباق الوقت، مع ساعة رمليّة انطلقت في العدّ فجر السابع من أكتوبر/تشرين الأوّل، وتكاد تنقضي دون قدرة على تمديد الوقت أو الحصول على أيّ امتياز، دون دفع الثمن على مستوى الملفّات الأخرى.

 

اللجوء إلى حاملات الطائرات لا هدف من ورائه سوى اقناع أوسع قطاع ممكن من العمق الصهيوني أنّها باقية ما يكفي من الوقت حماية للكيان وجيشه، وكذلك افهام أعداءها وأعداء الكيان، أنّها تملك النيّة والمقدرة على البقاء أو بالأحرى الإبقاء في المنطقة على ما يلزم من القوّات، مع ما يعني ذلك من سقوط (حتمي) في دوّامة جلب المزيد من القوّات إلى منطقة، خاصّة وأنّ لا دولة في العالم، تملك جرأة إرسال جندي واحد إلى أرض غزّة…

حانت ساعة الصفر، إمّا النزول من الشجرة، وإمّا هو «تسونامي الأقصى»…


error: !!!تنبيه: المحتوى محمي