يوسف الشاهد وتطاوين: التيفاف ومعامع الثيران.

28 أبريل 2017

لا أحد، بما في ذلك (سي) يوسف الشاهد ذاته، كان يأمل «معجزة» من وراء الزيارة التي أداها (دولة) «رئيس الوزراء» إلى ولاية تطاوين، فقط وحصرًا، تمثّل الهدف الأوّل في أن يقول (بل يثبت) أنّه «فاعل» وليس «مفعول به» من قبل بقيّة «الفاعلين» ضمن المشهدين السياسي والمجتمعي، وثانيا، أن تنبت بعد الزيارة (وإن كان بعد أجل)، ذلك «الفسيل» الذي قد (يقول يوسف الشاهد قد) يؤتي أكله، وإن كان بعد حين…

هي زيارة «رفع العتب» وكذلك هي زيارة «الأمل» الشبيه بمن يعمّر قصاصة ممّا هي «ألعاب الحظّ»، حين يأتي الحلم كبيرًا والأمل (الفعلي والفاعل) أقرب ترقّب «المعجزة» تكون «رحمة» من السماء…

 

غادر يوسف الشاهد «قصر القصبة» وعاد إليه، بعد أن أدّى زيارة إلى «تونس الأخرى». تلك التي «عسكرها» الاستعمار الفرنسي، وكرهها بورقيبة علانيّة، وهمشها بن علي في وقاحة، ولم تذكرها «دولة ما بعد 14 جانفي» سوى من باب الشعارات الجوفاء، أو هم (سكّان الجهة) ذلك «المعين الانتخابي»…

 

وجب الاعتراف أنّ لا جهة في تونس تحوّلت إلى «الجنّة» (الموعودة)، بما في ذلك الشريط الساحلي الشرقي، «الأفضل» (نسبيّا) على مستوى مؤشرات التنمية وفق المعايير المعروفة، لكنّ «المفاضلة» بين الجهات، لم تعد (منذ بداية القرن الواحد والعشرين) على مستوى «الانجازات القائمة»، بل ضمن «سلّم سوء الحال». إضافة إلى الأرقام والنسب والمؤشرات، بل أخطر منها جميعها، تلك «المرارة» في الحلق والإحساس بما هو «غبن»، كأنّ تونس «الفوقانيّة» [العليا] جغرافيّا، تأتي «فوق» تونس «التحتانيّة» [السفلى] فعلا..

بلغة الهاتف المحمول» [التي يفهمها الجميع] يأتي يوسف الشاهد في تطاوين، أقرب إلى من «نفذ رصيده» وهو عاجز عن «الشحن»، بل لا يملك القدرة على «الرنّ» (أصلا)، أفظع من ذلك، هو يقينه بأنّ «الرصيد عال» وأنّه يملك قدرة «إقناع» قد (ونقول قد) تتحوّل إلى «كرة ثلج» (في صحراء)، تجعل منه «المنقذ من ضلال» الصائدين في المياه العكرة…

 

أيّ «تلبية» (مهما كانت سطحيّة» لأيّ مطلب لأهل تطاوين، سيجعل الجهات الأخرى تتأهب هي الأخرى لنيل «حقّها» من خلال «التحرّك الشعبي»، لأنّ بن علي «جونب» المناطق الداخليّة، أيّ جعلها في فقر «الجنوب»، حين ترسم خارطة الفقر بؤرًا تتوزّع على البلاد بكاملها، بما في ذلك أحزمة الفقر في المناطق (المسمّاة) «محظوظة»…

 

جاء يوسف الشاهد أو هو وقف خطيبًا في تطاوين وهو يعلم أنّ من أمامه، ليسوا أشدّ قسوة عليه ممنّ يأملون منه عثرة يصعدون على إثرها إلى «قصر القصبة»، أو هم يتأهبون للصعود فوق «جثته» (السياسيّة)، مزايدين عليه في الخطاب. لذلك لا يمكن لمعالي رئيس الوزراء أن يقنع بأمرين:

أوّلا: أنّه يملك من الزمن والعمق الاستراتيجي (المستقبلي) ما يجعله يضمن أيّ وعد، مهما كان بسيطًا، حين يأتي «مفهوم الزمن» (السياسي) شديد التقطيع.

ثانيا: أنّ (سي) يوسف الشاهد» يمثّل «الدولة» وأنّ وعوده باسمها «صكوك مضمومة، على تلزم من معه ومن سيأتون بعده.

Chahedلم تفهم الطبقة السياسيّة، على الأقل التي تداولت على السلطة منذ «تهريب» (سيء الذكر) زين العابدين بن علي، أنّ لا وعود لها فعل ولا خطابات جوفاء فاعلة، في غياب شيئين: خطاب جامع شامل، يؤسّس لمنظومة جديدة، وثانيا ذلك المشروع المجتمعي القائم على عقد اجتماعي ومن ثمّة سياسي، أساسه الاحترام، سواء للفرد أو الجهات أو حتّى الوطن بأكمله. لذلك لا يجب (من باب الأخلاق) تفريغ شحنة الغضب في هذا «الطريّ» الذي لم تلامس يداه معولا، أو لم يعان شظف العيش. هو «درويش» من جملة «الدروايش» الذين تراوحوا على حكم «تونس» (المحروسة)، منذ أن صارت «ديمقراطيّة» (افتراضيا). لا فرق بين يوسف الشاهد «بائع الوعود» و(سي) علي العريض (ابن الجنوب مولدًا) الذي سجّل أهالي منطقته، ضمن سجلات «دفتر خانة» [السجّل العقاري].

 

من السذاجة أو هو الغباء، إن لم تكن الخيانة (الأخلاقيّة) أن نجعل الأمر في تقابل بين «جنوب» مضطهَد (مفعول به)، مقابل «شمال» مضطهِد (فاعل)، لأنّنا نرى منذ الاستقلال (أغلب) «نخب الجنوب» بين ولاء لسلطة العاصمة (الشمال) أو هي «مهادنة»، إن لم نقل «متاجرة» بمآسي «الجهة»، حين نستثني من انتبذ مكانًا فوق «الربوة»، إن لم يكن ذلك «الفرد» المفكّر أكثر منه «فاعلاً»….

 

ما نراه من حراك شعبي في الجنوب وسعي لتقاسم «الثروة» (النفطيّة وغيرها)، محكوم بسقف تاريخي وكذلك بواقع تفاوت القوى والتباين على مستوى «العمق الفاعل»، مقارنة مع «الدولة العميقة»، التي شكّلت الإطار «الشرعي» لنهب (هذه) «الثورات» لفائدة أفراد وجماعات وشركات.

هذه الجماعات المناوئة لمنظومة توزيع الثروة القائمة حاليا، عاجزة أو هي دون القدرة على تغيير «مفاهيم» الدولة وتعريفاتها لمبادئ توزيع الثورة، ومن ثمّة (وهنا الخطر) تريد دفع (هذه) «الدولة» لتغيير «الفعل» دون مسّ بما هو «ذات الدولة»!!!! لا يمكن بل يستحيل أن تغيّر «دولة» (ما بعد الاستقلال) قواعد فعلها دون تبديل في مرجعيات تفكيرها، لذلك تأتي «المعركة» من أجل تحصيل تغيير في «الفعل» [توزيع الثروة] «أشبه» بما هي معارك دون كيشوت مع «طواحين الريح». دون أن ننسى أنّ الفاعلين في «عجز» (نسبي) عن مراكمة الزمن.

 

«دولة» (ما بعد الاستقلال) منذ تحقيق «الاستقلال الداخلي» إلى «وقفة» يوسف الشاهد خطيبًا في جماهير تطاوين، عاجزة عن إحداث أيّ «قراءة نقديّة» خارج منطق «نقد» أساليب «العنف الرسمي» وكذلك «ارتشاء» بعض النخب. إضافة (وهذا الأخطر) تأتي «الدولة» (القائمة راهنًا) أقرب إلى «الوسيط» (الطفيلي) من «صاحب الملك»، حين نزح السلطان (في خطورة) إلى أيدي «مافيات» شعاراها «أسرق ما استطعت ثم أهرب عند الخطر»..

 

نصيحة:

إلى الشاهد: كان عليه أن يسأل رعاة الإبل من أهل الجنوب، ليدري أنّه صدى كلامه في قلوبهم، أشبه بما هو نبت «التيفاف» أما ثيران جائعة، علمًا وأن «التيفاف» (هذا) عاجز عن إشباع بعض البقرات..

إلى أهل تطاوين: «جغرفة المطالب»، أي حصر «الحقّ» (حقكم) في نفط الجهة، يمثّل سقوطا في «فخّ» الدولة العميقة، التي «تعشق» هذه «التجزئة» للحراك، بأن تطالب كلّ «جهة» في حقوق لا تتجاوز (هذه) «الجهة». حقكم هو ذاته، سواء في النفط أو الفوسفاط أو قمح الشمال وزياتين الساحل، أسوة بكامل المواطنين الذين يملكون في كامل الوطن.


25 تعليقات

    1. تعقيبات: buy Lafuma online

    2. تعقيبات: marmot store

    3. تعقيبات: cheap parajumpers

    4. تعقيبات: where to buy barbour

    5. تعقيبات: ugg boots online

    error: !!!تنبيه: المحتوى محمي