محسن مرزوق وحسن الزرقوني: الأوّل ينافق والثاني يبتزّ

20 نوفمبر 2015

عندما يستشهد أمين عام حركة نداء تونس محسن مرزوق [النصّ موجود على صفحته الرسميّة]

عندما قلنا بعد عملية باردو ان الحرب على الاٍرهاب هي حرب فعلا وليست حربا مجازية، ضحك البعض وقالوا انها مبالغة. وعندما قلن…

Posté par ‎Mohsen Marzouk – Officiel محسن مرزوق‎ sur mercredi 18 novembre 2015

بأقوال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وأفعاله، في المطلق ويعتبرها «الفتوى» القادرة على كسر «الاختلاف/الخلاف» في تونس بخصوص «مكافحة الإرهاب»، فذلك يمثّل الدليل الأقوى والبيان الذي لا يُناقش على أنّ الرجل لم يغادر (على مستوى العقل والفكر والممارسة) وضعيّة «القابليّة للاستعمار»التي فصّل فيها وحلّلها في إبداع المفكّر «مالك بن النبي» وكذلك كتبت عنها المفكّرة اليساريّة «هنّا أرانت» Hannah Arendt، ومن ثمّة يأتي استشهاده بضرورة أن يكون «قطار الأمن» أمام «قاطرة الرخاء/الحريّة»، من باب الاستغلال والانتهازيّة (بالمعنى السياسي الذي لا علاقة له بالأخلاق) لسببين:

أوّلا: الرئيس فرنسوا هولاند ليس نبيّا وكلامه ليس مقدّسا، وقد نهض العديد من الساسة والمفكرين في فرنسا، سواء لرفض المفهوم أو للتنسيب فيه، أو حتى اعتباره مدخلا لديكتاتوريّة جديدة، وبالتالي لا يمكن (سوى في تونس لدى محسن مرزوق) أن يذهب قول الرئيس الفرنسي مجرى القول «المقدّس» الذي لا يقبل النقض ولا يكتمل المساءلة.

ثانيا: لا يمكن بأيّ حال، الجزم ومن ثمّة نسخ «رأي الرئيس الفرنسي» (مهما كان الموقف منه) واسقاطه على الواقع التونسي. قد (ونقول ونصرّ على قد) يكون هذا الرأي وهذا الموقف وهذه السياسة (التي نطق بها فرنسوا هولاند) أمر صالح لواقع مثل فرنسا ولبلد مثل فرنسا ولمنظومة مثل فرنسا، وتكون عديمة الفعل أو يحمل فعلاً عكسيًّا في تونس مثلا.

اللعبة ليست لعبة «موضة» أو «نظريات فلسفيّة»، بل سياسة دول في مجال مثل مجال «الإرهاب»، وما يمثله من خطورة.

كذلك خرج علينا حسن الزرقوني على حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي بجملة أسئلة تحيل كلّ منها على خيارات عدّة (مثل عادة الأسئلة التي تطرحها شركات سبر الآراء) تخصّ (في مجملها): أوّلا تقدير المواطن للحالة الأمنيّة في البلاد، وثانيا (وهنا الخطورة) مدى القدرة أو الاستعداد لمقايضة «جزء من الحريّة» بما (ينقص من) «الأمن»…

دون السقوط في «نظريّة المؤامرة» بل لا حاجة للسقوط فيها أصلا، والبحث عن رابط أو واصل أو اتّفاق بين الرجلين، وهل جاء الأمر كلّه ضمن خطة محكمة أم في أمر «توارد أفكار»، يمكن الجزم أنّ هذا وذاك «حفظ الدرس» عند نفس «المدّب»، أيّ أنّ الأوّل يستشهد بالرئيس الفرنسي والثاني يذهب ما ذهبت إليه (قبله) عديد مؤسّسات سبر الآراء في فرنسا، من باب تزكية القرار السياسي ووضع «المواطن الفرنسي» أمام «ابتزاز» يتحوّل إلى «إقرار» وربّما (وهنا اللعبة الكبرى التي يريدها (سي) هولاند ويعمل من أجلها (سي) مرزوق، ويساعد فيها (سي) حسن)، الحصول على «صكّ على بياض»، من أجل «سلطة دون سؤال» و«سلطان دون محاسبة»….

محسن مرزوق - حسن الورقوني

محسن مرزوق – حسن الورقوني

وجب الوقوف عند هذا الحدّ في التناظر بين الحالتين الفرنسيّة والتونسيّة، لأنّ الاختلاف عميق والفوارق شديدة جدّا:

أوّلا: الإرهاب في فرنسا، سواء صدقنا «نظريّة المؤامرة» التي تزعم أنّ كلّ الإرهاب من فعل «أجهزة فرنسيّة» أو أخذنا الأمر كما هي الرواية الرسميّة بحذافيرها، فالثابت والذي لا يقبل الجدل، أنّ فرنسا تعيش «إرهاب الآخر» الذي أتى وقدم وجاء من خارج «الفضاء الغربي المسيحي» رغم مولد الغالبيّة العظمى لهؤلاء الشباب (أو جميعهم) ضمن هذا الفضاء «الغربي المسيحي»، ومن ثمّة يمكن الحديث والتفصيل في نظريّة «الاستيعاب» وأيضًا «الاندماج» وليس في مسألة «الانتماء» حين لا يزال السواد الأعظم من أحياء البؤس (المادّي) والتعاسة (الفكريّة) والتصحّر (الحضاري) في فرنسا يرى نفسه في تناقض أو هي القطيعة، مع هذه الحضارة «الغربيّة»، في حين (وهنا المصيبة التي لا يدركها (سي) محسن أو (سي) حسن) أنّ الإرهاب في تونس، هو (سواء ضمن «نظريّة المؤامرة» أو بدونها) هو فعل «أصيل»، أي من فعل من «ينتمون إلى الحضارة ذاتها والثقافة ذاتها والعمق الفكري ذاته»، أيّ أنّ أحد أقارب (سي) محسن أو (سي) حسن غير معصوم من التحول إلى «ممارسة الإرهاب»، في حين أنّ «الكتلة الفرنسيّة ذات الثقافة الغربيّة المسيحية» لم تمارس «الإرهاب» بعد (تحت شعار مسيحي طبعًا)…

بالمحصّل تتعامل فرنسا (حضاريّا) مع «إرهاب» (خارج عن حضارتها) وإن كان نتاج مجتمعاتها، في حين أنّ (سي) محسن وكذلك (سي) حسن، يتعاملان مع إرهاب يجتمعان معه في «جذر ديني واحد وأصل حضاري واحد»…

من ذلك تأتي مقاربة الأوّل وسؤال الثاني من باب الابتزاز السياسي والانتهازيّة التي (قد) نختلف معها أخلاقيّا، لكنّها عديمة الجدوى على المستوى النفع أو المحصّلة الاستراتيجيّة…

ثانيا: قد نختلف مع الحضارة الغربيّة وقد نخالفها في القراءة وقد ننقدها وقد ننتقدها، لكنّها أسّست (بدون أدنى نقاش) لديمقراطيّة أفضل ممّا هو في فضائنا (العربي الاسلامي)، ومن ثمّة يمكن الجزم أنّ ما يخاف عليه سكّان فرنسا من «الضياع تحت ضربات الارهاب» هو «أمر واقع» يعيشه المواطن الفرنسي «على مدار اليوم والساعة»، بل ترسّخت هذه «الديمقراطيّة» (في نسختها الفرنسيّة) في صورة «المكوّن الأساسي» لنمط العيش الفرنسي، لذلك من حقّ الفرنسي أن يخاف وأيضًا من الطبيعي أن يخاف.

على خلاف تونس، حيث الديمقراطيّة تأتي تسمية نبحث لها على مسمّى، حين نتّفق جميعًا (دون الحاجة إلى نقاش) أنّ «الديمقراطيّة التونسيّة» تتلخّص حصرًا في «الاسهال في التعبير (الاعلامي)» وكذلك «المعارك الساخنة (داخل النداء خاصّة)»… أمّا ما تجاوز ذلك، لا وجود لنعمة الديمقراطيّة أو للذّة الديمقراطيّة. لذلك يأتي الخلاف بل القطيعة: قول (سي) فرنسوا، من جهة، يقابله قول (سي) محسن، دون أن ننسى (سي) حسن. الأوّل يحادث شعبه عن «واقع ملموس» في حين يتحدّث الثاني ويعني الثالث مجمل «النوايا» وكذلك «الشعارات» دون أن ننسى «أقوال المثقفين» وأيضًا «الوعود الانتخابيّة»…

على المستوى الاقتصادي كذلك، حقّقت فرنسا قفزات هامّة جلبت «الرخاء الاجتماعي» لشعبها، رغم التراجع في المؤشرات على مدى السنوات الفارطة، سواء نسبة النموّ ذاتها أو ارتفاع البطالة، إلاّ أنّ (وهنا ما لا يفهمه (سي) محسن ولا يفقهه (سي) حسن) «الفئة المهمّشة» (في فرنسا) لديها من الحقوق والامتيازات ما يمنعها عن «ممارسة العنف» (بمعنى الارهاب) للحصول على نصيب من «كعكة الرخاء»، في حين أنّ الواقع التونسي يؤكّد (والاضرابات الراهنة أفضل دليل) أنّ «الطبقة العاملة» (في تونس) لا تحسّ نفسها (في استثناء نسبة قليلة جدا) معنيّا بما تراه من «كعكة الرخاء» هذه…

 

الخلاصة: محسن مرزوق قارئ سيّء جدّا للتاريخ، أو عديم النظر، يريد أن يمارس سياسة يمارسها فرنسوا هولاند، الرئيس الفرنسي الذي يدرك أنّ «الخوف ممكن» في فرنسا، في حين أنّ مرزوق لا يرى أنّ تونس «البلد الأوّل على مستوى تصدير الارهابيين» والبلد «صاحب المرتبة المحترمة» في «تصير الحرّاقة»، بلد صار فيه «الخوف» «سلعة (غير) مطلوبة» بل هو (كما سلعته) «سلعة مضروبة»….

إلى حسن الزرقوني: Faites du copier-coller… قالتها بشرى بالـــ Français تعبّر خير…


26 تعليقات

  1. تعقيبات: cheap birkenstock sandals

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي