النداء نداءات، وبقية الأحزاب على الطريق!!!

1 نوفمبر 2015

بقطع النظر عن الجهة التي تقف خلف العنف الذي جدّ أثناء اجتماع نداء تونس لهذا الصباح في مدينة، الحمّامات، يمكن الجزم أنّ هذا الحزب تجاوز (دون رجعة) مرحلة «القطيعة»، ليدخل مرحلة «الانتقام» أو هي «التصفية» (السياسيّة).

سال الدم بين الجانبين، وكعادة العرب في جميع معارك «الاخوة الأعداء»، يصبح الانتقام غاية في حدّ ذاته، وليس سببا أو وسيلة لتحصيل أصل الخلاف أو العلّة التي قامت من أجلها هذه «المعركة».

كثرة الشامتين من أعداء نداء تونس وكذلك بلوغ هذه الشتامة حدّا من الكراهيّة المفرطة، يعبّر هو الأخر عن «طاقة» عنف خطيرة هي الأخرى، والأخطر أن «يرتقي» (أي ينحدر) القادة والزعامات إلى هذا المنطق، أي التشفيّ مع ما يلزم من عبارات لا يمكن ذكرها.

مشهد من اجتماع نداء تونس بالحمامات

نداء تونس

ينسى الجميع أو يتناسى أنّ «نداء تونس» ومن معه من فيه، من قيادات سياسيّة ومن «مناضلين» (حملة العصيّ) لم يأتوا من كوكب المرّيخ، بل نبتوا في هذه الأرض وساروا فوق ترابها وأكلوا من خبزها وشربوا من مائها.

الأغبياء والسذج وحتّى المغفلين (ولكلّ أن يختار ما يليق به من الصفات) من يكتفي بالشماتة ولا يعبّر (عن رأيه) سوى عبر عبارات التشفي.

الحرب الأهليّة في لبنان عرفت هي الأخرى نفس هذا المنطق، حين حمل (الدكتور) سمير جعجع مجرميه ومن معه من القتلة وقصد زغرتا وقضى على جزء من عائلة فرنجية، حينها هلّل أعداء الكتاب والقوّات اللبنانيّة وصاحوا صرختهم الشهيرة «فخّار يكسر بعضو»…

فخّار الحمّامات أشدّ رهافة وأكثر حساسيّة، وتونس عاجزة عن قبول العنف، لهشاشة اجتماعيّة أكيدة ووضع اقتصادي سيّء وتوترّ في البلاد يأتي أقرب إلى «نادر تبن» (أي كومة كبرى من التبن) في عزّ الصيف، على طريق مارّة يدخنون واعتادوا رمي أعقاب السجائر دون مبالاة..

 معقول (بل مقبول) من العمق الشعبي والرعاع والدهماء الذين يدّعون الثقافة ويقدمون أنفسهم في صورة «ناشط سياسي» أو «ناشط حقوقي» النزول إلى منطق الشماتة ولغة التشفّي، لكن مطلوب من أهل «العقد والربط» أن يذهبوا بالبلاد بعيدًا عن العنف. ليس المطلوب أن تتحوّل البلاد إلى جنّة ويقبّل حافظ محسن في حبّ وعشق، فقط أن يترفّع الجميع فوق العنف وألاّ تكون العصا أو تشكّل المحدّد الأول لفرز النخبة السياسيّة في البلاد.

مخاطر العنف داخل النداء عظيمة، وأخطار هذا «الارهاب» (المكشوف وعلى الهواء) أخطر على البلاد من «الإرهاب» (الذي يسوّق في سوق الإرهاب على وسائل الإعلام) لأنّ «الإرهاب» (الذي يسوقه الإعلام) يأتي عنفًا مجهول المصدر وغير معروف الفاعل، في حين أنّ وسائل الإعلام شهدت «غزوة الحمّامات» وسجلت بالصوت والصورة من فعل ماذا ومن اعتدى على من؟؟؟

من الأكيد أن يتدخّل القضاء (الذي من المستبعد أن يتدخّل) ومن المطلوب أن يتدخّل الأمن (الذي لم يتدخل بحسب عديد الشهود) لأنّ السكوت القضائي والصمت الأمني، سيدفع المواطن العادي للسؤال: لماذا يبلي هذا الأمن وهذا القضاء «البلاء الحسن» أمام معركة «باندية» في «ربوخ» شعبي، وتبقى «العنف السياسي» ممنوعا من الصرف…

خطورة ما جدّ في الحمّامات أن يحتكر السياسيون العنف عوضًا عن الدولة، ممّا يعني ليس وجود «ميليشيات مسلّحة» (كما أكّد محسن مرزوق)، بل أن تظهر هذه الميليشيات في الشوارع وتمارس «دورها» في تأديب أو القضاء على المنافسين…

الحرب الأهليّة في لبنان بدأت وانطلقت واشتعلت هكذا…


error: !!!تنبيه: المحتوى محمي