الحاوي (الغبيّ) والحاوية (المفقودة) والمحتوى (المضحك)…

19 فبراير 2016

لا يمكن لأيّ غبيّ أو عاقل أن يصدّق أنّ الهالة الكبرى والاستنفار الضخم الذي صاحب ايقاف «الحاوية البلجيكيّة» سواء على مستوى الديوانة التونسيّة أو الإعلام بأشكاله، كان من أجل «لعب بلاستيكيّة» دون قيمة حربيّة، باستثناء سلاح واحد ويتيم…

«الدولة» ورطت نفسها عندما أعلنت أنّها لم تضع يدها على شاحنة تحتوي أسلحة فقط، بل أنّ الأمر «تحت المراقبة» منذ غادرت الحاوية «مأواها» في أوروبا، ممّا يعني أنّنا أمام «عصابة» تستهدف «عمليات» (كبرى) وليس «فرد» يحاول تمرير السلاح للإتجار فيه أو لغايات فرديّة…

 

تبيّن منذ اللحظة الأولى أنّ المسألة تتجاوز «الإرهاب التقليدي» (أي المرتبط بالإسلام السياسي) وكذلك «الجريمة التقليديّة» (أي السطو والسرقة)، إلى «لعبة (من ألعاب) المخابرات»، حين لا يمكن لهذه الأسلحة أن تكون للإرهاب أو للجريمة…

 

هذا الوضع الماثل أو هذه الوضعيّة القائمة أمامنا، تلزم بطرح الأسئلة التالية:

السؤال الأوّل: وهو الأهمّ الذي طرح نفسه منذ اللحظة الأولى: من هي «الجهة» التي تقف (فعلا) وراء (هذا) «المستثمر البلجيكي» حين لا يمكن بل يستحيل أن يتجاوز دوره مهمّة «حافظ المخزن» في انتظار قدوم «فريق الانجاز» لتسلمّ العتاد وانجاز المهمّة؟؟؟

السؤال الثاني: ما الذي دفع قيادة الديوانة التونسيّة إلى مثل هذه المسارعة في الإعلان، بل في التبنّي والتفاخر بالعمليّة، خاصّة (وهنا السؤال) اعلان أنّ الحاوية تحت «المراقبة» منذ أن كانت خارج البلاد؟؟؟

السؤال الثالث: من هي الجهة التي «دخلت على الخطّ» لتحاول «خلط الأوراق»، بل دفع المسألة نحو أن تكون «جريمة بسيطة» أو «غياب الجريمة» أصلا؟؟؟

يبدو التناقض جليّا بين ورقات الملف ويبدو الارباك أكبر سواء لسوء السيطرة على القضيّة أو للرغبة في الخروج بالملف من بعده «المخابراتي» (الجليّ) إلى «مجرّد» قضيّة عاديّة، لا تتجاوز «الخطأ» (الفردي)، بل (ربّما) هي «تمخضت جبال العالم مجتمعة لتلد فأرًا صغيرًا»…

 

يستحيل أن يكون هذا «المستثمر البلجيكي» من الغباء لإدخال «أسلحة بلاستيكيّة» بهذه الطريقة الأقرب إلى «أفلام جيمس بوند»، ويستحيل أن تكون العمليّة، مجرّد «شماتة» أو «انتقام» من امرأة (عاشقة)، ذهبت بكيدها إلى التنفيذ بمساعدة (كما جاء لدى البعض) ديواني…

 

العتاد المحجوز

العتاد المحجوز

تجاوزًا للقضيّة في بعدها المباشر وابتعادًا عن القضيّة في ذاتها، رغم خطورتها، ما هو أخطر من القضيّة يتمثّل في أداء «الدولة» التونسيّة، أمام محاولة ضرب للاستقرار فيها، حين أكّدت جميع المعلومات أنّ السلاح «نوعيّ» وكذلك «مختار» بدقّة شديدة، ممّا يلغي امكانية تورّط الإرهاب التقليدي أو الجريمة المنظمة…

أهميّة هذا «المستثمر البلجيكي» لا تكمن في ذاته (فقط) لأنّ دوره لا يتعدّى دور «حافظ العتاد»، بل في ارتباطاته الخارجيّة وعلاقاته الداخليّة، حين يمكن فقط عبر دراسة مكالماته الهاتفيّة والاطلاع على مراسلاته الإلكترونيّة من كشف «البلاء الكثير»، ممّا يدفع إلى اليقين، بل الجزم بأنّ الجهة التي أرسلت هذا «المستثمر» فعلت وتفعل المستحيل بغية أن يبقي «فمه مغلقًا» وكذلك (وهذا الأهمّ) فعلت وتفعل المستحيل ليخرج «معافى» ويعود إلى «قواعده» في بلجيكا أو أيّ بقعة في العالم «فرحًا مسرورًا» وربّما مع «اعتذارات القيادة التونسيّة» عن «سوء الفهم» (هذا).

 

يبدو جليّا ودون الحاجة إلى بحث كثير، أنّ «الجهة التونسيّة» (الممسكة بالملفّ) يهمّها «حلّ القضيّة» (بأيّ ثمن كان)، وليس (ضمن أولوياتها) الحفاظ على حدّ أدنى من التناسق أمام الإعلام، بل جاءت «التسريبات الإعلاميّة» (المتعمّدة والمقصودة) لتحدّ من «خطورة» القضيّة، بل لتجعلها مجرّد «مزحة» أو قد يقولون (ربّما) أنّها «الكاميرا الخفيّة»….

 

أسئلة مطروحة بإلحاح:

السؤال الأوّل: من هي الجهة أو الجهات المقصودة بالعمليّة أو العمليات التي كان ينوي هذا «الكوماندوس» تنفيذها في تونس؟؟؟

السؤال الثاني: ما هي الغاية من عمليّة الاغتيال أو الخطف، وما هي تبعات هذه العمليّة على ساحة سياسيّة متوتّرة أصلا؟؟؟

السؤال الثالث: ما هي الخطّة (السياسيّة) العامّة التي تأتي ضمنها عمليّة الاغتيال أو الخطف، خاصّة ما ظهور خبر لم تكذبه أيّ جهة ولم يتمّ تأكيده، يتحدّث عن تعرضّ رئيس الوزراء الحبيب الصيد إلى عمليّة «تسميم»؟؟؟

 

المقصود بالعملية أو بالعمليات، هو من الشخصيات التي لا يمكن للبوليس الدولي «الأنتربول» أو للبوليس الأوروبي «أوروبول» أو حتّى لقضاء أيّ دولة المطالبة بها، ممّا يعني أنّنا أمام عمليّة اختطاف أو تصفية، خارج نطاق «القانون» ضمن أوجهه العديدة.

 

سؤال يهزّ الرأي العام: كم من الحاويات مرّت، وما هي كميّة الأسلحة والمعدّات التي مرّت بسلام، وما هي المهام التي ستتولّى تنفيذها؟؟؟

 

من حجم الأسئلة التي تجاوزها الاعلام، نفهم أنّ القضيّة أكبر (بكثير جدّا) من «مجرّد سائح» استقدم بطريقة «غير قانونيّة» ما أراد من «أسلحة بلاستيكيّة»، وأوّل الأسئلة وأهمّها الكمّ الهائل من جوازات السفر التي تمّ العثور عليها في منزله، إلاّ إذا جاء الخبر «اليقين» أنّها أشبه بأموال «مونوبولي» أي للعب فقط ولا يجوز اعتمادها عند السفر…


error: !!!تنبيه: المحتوى محمي