السعوديّة ورّطت الخليج بكامله!!!

5 يناير 2016

يمكن الجزم أنّ قرار المملكة العربيّة السعوديّة بقطع العلاقات مع دولة إيران، يأتي (دون أدنى نقاش) في صورة «إعلان حرب» مباشر وصريح، ويمكن الجزم كذلك، أنّ هذا القرار بطبيعته وكما تريده الرياض، يشمل دول الخليج بأكملها، التي من المستحيل أن تبقى بمنأى عن هذه «الحرب» (القادمة)، مهما كان شكلها.

يمكن الجزم كذلك أنّ قرار قطع العلاقات يأتي في صورة قرار صدّام غزو الكويت (مع فارق الزمن والظرف)، أيّ أنّه لا يعدو أن يكون سوى «هروبًا إلى الأمام»، وسعي لتوريط «الجميع» رغبة (من صدّام حينها ومن السعوديّة راهنًا) في البحث عن «حلّ» (ما)…

 

يمكن الجزم أنّ المملكة العربيّة السعوديّة، رغم تعداد سكّانها البالغ قرابة 30 مليون نسمة، ومداخيل من البترول الأولى في العالم، عجزت عجزًا تامًا عن تكوين «جيش وطني» قادر على حماية الوطن والذود عن الحدود، بل يبقى هذا الجيش مجرّد «صورة» للتسويق الإعلامي، رغم مئات المليارات بالدولار من أحدث الأسلحة المكدّسة في المخازن، أو هي تحت «إمرة الجيش الأمريكي»، حين ثبت أنّ هذا «الجيش» (عماد قوّات التحالف في الحرب على اليمن) في حالة عجز تام سواء عن «التقدّم»، فما بالك بحسم الأمر…

تعلم السعوديّة (أو بالأحرى العائلة المالكة) وتدرك تمامًا أنّها دخلت لعبة قمار خطيرة جدّا، لعبة قمار تراهن فيها بالوجود قبل المال والجيش والشعب، ومن ثمّة يمكن الجزم أنّ المملكة أصبحت أو هي غرقت في «مستنقع الحمايات» التي كلفتها وستكلفها غاليا…

 

Saudia.Iran

الملك سلمان ـ الرئيس روحاني

تتكل قيادة المملكة ولا تزال منذ اللقاء الشهير على ظهر البارجة الحربيّة الأمريكيّة في نهاية الخمسينات من القرن الماضي، على «الحماية الأمريكيّة» وما هي قدرة واشنطن على وضع «خطّ أحمر» (بالبنط العريض جدّا) أمام «خصوم المملكة» (بمختلف درجاتهم)، لذلك لعبت السعوديّة «دور الهجوم» سواء اعتمدت «الوهابيّة» سلاحا أيديولوجيا للنشر في مناطق شتّى من العالم، أو دعمت بالمال والسلاح كلّ من يخدم مصلحتها، وبالمحصّل مصلحة «الحامي» (الأمريكي)…

أمن السعوديّة ووجدوها، يرتكز بالكامل ودون نقاش، على الدور الذي يعطيه «صاحب العقل والقرار» في واشنطن للمملكة ضمن خارجة «المصالح الأمريكيّة»، وثانيا (بل الأهمّ) قدرة «صاحب العقل والقرار» على المرور من «العقل» (المفكّر) إلى «القرار» (النافذ) دون مشاكل، علمًا وأنّ قدرة الولايات المتّحدة الأمريكيّة تراجعت إبان العشرية المنصرمة، ولم تعد اللاعب الوحيد أو حتّى الأقوى، حين قرّر الروس (في تحدّ لهذا الدور الأمريكي) تأسيس قواعد في الساحل السوري، جهّزها بأسلحة نوعيّة وبعتاد يغادر المجال الروسي لأوّل مرّة…

 

على العكس من السعوديّة، يأتي «النظام الإيراني» الأقدر على تصريف المصاعب واستغلال «العداء الخارجي» دعما لما يراه «وحدة وطنيّة». على شاكلة الروس حاضرًا والألمان إبان الحرب العالميّة الثانية، يأتي السؤال عن «العدوّ الخارجي» (مهما كان ومهما كان السبب)، حين تأسّس النظام الإيراني منذ سقوط الشاه المقبور على ركيزتين:

أوّلا: العقيدة الشيعية، القائمة على «عقدة المضطهَد» (بفتح الهاء)،

ثانيا: «المؤامرة الخارجيّة» التي يهون في سبيل صدّها أيّ «تضحيات داخليّة»،

نجح النظام الإيراني في صياغة شوفينيّة، غريبة، أشبه (مع قياس الفارق) بما هو عليه حال «الاخوان المسلمين» ضمن الواقع السنّي، حين يتمّ الفصل في الحالتين بين:

أوّلا: نقد المنظومة وتبيان أخطائها وتعداد مكامن النقص أو حتّى الفساد داخلها

ثانيا: تفعيل هذه الأخطاء وهذه النقائص وتشخيص الفساد في اسقاط النظام

يفصل الإخوان ضمن الفضاء السنّى كما الشيعة ضمن النظام الإيراني، بين تعداد الأخطاء وتعرية النقائص وتشخيص المفاسد، وبين أي محاولة لتفكيك المنظومة، بل (وهنا الأهميّة) يعتبران الأمر (وهنا يبرع الإيرانيون أكثر من الإخوان) من سبل «تحسين الجودة داخل المنظومة الحاكمة»…

برع النظام الإيراني (قياسًا بالنظام السعودي) في بناء منظومة عسكريّة، قادرة (في الحدّ الادنى) على ضمان «قدرة ردع محترمة»، ربّما تتعاون أو هي تبحث عن «مساعدة خارجيّة»، لكنّها بالتأكيد وبكلّ المقاييس أرقى من نظيرتها السعوديّة، ومن ثمّة لا يمكن أن تكون «مفعولا بها» كمثل ما هو حال السعوديّة…

 

من ذلك يمثّل «قرار الحرب» (السعودي) تراوحًا بين «غباء قاتل» وكذلك «شرب السمّ على سبيل التجربة»، بل دفع «دول الخليج» (بأكملها) إلى الأمر ذاتها، حين بنت هذه الدول جميعًا، وجودها وأنظمتها وكامل «وجدانها» على:

أوّلا: الحماية الأمريكيّة المطلقة، أو الأقل الضامنة لوجود هذه الأنظمة واستمرارها،

ثانيا: منظومة استهلاكيّة، لا تفعل سوى مقايضة النفط بالسلع،

ثالثا: تشغيل اليد العاملة «القادمة من خارج الخليج»، حين اعتاد «المواطنون» حياة ترف أصبحت جزءا من الحياة اليوميّة

عجز دول الخليج عن تأسيس منظومة «حماية فاعلة ومستقلّة» وعجزهم عن تأسيس «اقتصاد محترم»، عاجز (كلّ عجز) عن الدخول في منطق الحرب، سواء بانقطاع تصدير النفط أو بمنع توريد السلع الأساسيّة، وكذلك اعتياد «المواطنين» حياة الترف والرفاهيّة جزءا من «الحقّ (الاجتماعي) المكتسب»، يجعل من الصعب (بل من المستحيل) على هذه البلدان «التفكير» (مجرّد التفكير) في دخول «حرب» تكون فيها «الفاعل» (بالهجوم)، كما «المفعول به» (بتلقّي الضربات)، لندرك حينها، أنّ (مجرّد) اغلاق مضيق هرمز سيخنق (فعلا وليس تشبيها) كلّ من قطر والإمارات العربيّة المتحدة (مثلا) ويمنعهما من التصدير أو توريد الحاجات، بل يجعلهما (وهنا المصيبة) تحت رحمة «العمق السعودي» (عن طريق البرّ)، وهما (أي قطر والإمارات) لا يريدان الاستجارة من الرمضاء (إيران) بالنار (السعوديّة)…

 

من ذلك لن يأتي المرور إلى الحرب العسكريّة، قرارًا سهلا، خصوصًا على الأمريكيين الذين يخافون على مصالحهم ألف مرّة ولا يخافون على السعودية وآل سعود بالمرّة، ممّا يجعل «القرار السعودي» بقطع العلاقات مجرّد «مناوشة» أو هي «نفخ صدر»، لكنّها بحساب ثقيل وبعواقب وخيمة…


170 تعليقات

  1. يا امة ضحكت (عليهاو) من جهلها الامم. كل باطل الى زوال وما بني على باطل فهو باطل. بصحتها امريكا والكيان الصهيوني وروسيا وفرنسا وانقلترا ووو… اللي لقالك زنبيلو عبيلو. لذلك كما قال الله في محكم تنزيله :”والله الغني وانتم الفقراء وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم”. وقد تولوا أهل الخليج بل تولينا كلنا بدرجات متفاوتة عن نصرة انفسنا واجيالنا القادمة بتأسيس اسباب الحياة الكريمة من حيث طلب العلم والفكر الحر والعمل البناء الناجع لفرض ثقافة المحبة الصافية والسيادة والاحترام والتصالح مع ذواتنا وبيننا قبل الآخر. ولا عاش في بلده من خانه ولاعاش من لم يكن سيدا.محبة

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي