حافظ ونبيل: الوسّادة والولاّدة و«الأبّ الحنون»….

28 يونيو 2016

من الأكيد وما لا يقبل الجدل أنّ حرب «الشقوق» الذي اندلعت أو هي خرجت إلى العلن داخل «نداء تونس» منذ «انتفاضة» محسن مرزوق ضدّ «دكتاتوريّة» الباجي الأبّ والابن، ستتواصل بل تستمرّ في تفتيت النداء وبالتأكيد، تضرّ بهذا الحزب الذي جاء إلى الدنيا على عجل، وكبُرَ في سرعة كبيرة، وتحوّل بفعل الانتخابات التشريعيّة والرئاسيّة الفارطة إلى «الرقم الصعب» بل «رأس السياسة» في البلاد، لتقود هذه الحروب (كما هو الحال) إلى انشطاره، وتراجع مكانته.

هناك (حسب ما يبدو للمراقب العادي) عديد «جبهات الصراع» داخل النداء، أو هي «طبقات» عراك عديدة، بعضها دائم ومتواصل مثل صراع حافظ قائد السبسي ونبيل القروي، وبعضها الأخر «ظرفي» بحسب الظروف السياسيّة والواقع القائم أساسًا على مستوى الطبقة السياسيّة بكاملها، التي تدور بل تطوف، حول «محاور» حكومة الوحدة الوطنيّة، سواء من باب البحث عن موقع أو هو تعطيل الأخرين، أو حتّى رفض المشروع برمته، سواء من باب التظاهر والمناورة أو الموقف الحاسم.

 

حرب «الإخوة الأعداء» أيّ بين كلّ من حافظ قائد السبسي ونبيل القروي، تأتي في الآن ذاته:

أوّلا: مواصلة لحرب المواقع التي لا تزال تعصف بالحركة، حين غابت عن الحركة «تقاليد العمل الجماعي»،

ثانيا: حرب الزعامات داخل الحزب، سواء سعيا للسيطرة على الحزب ومفاصله أو (وهنا الأخطر) احتلال المواقع داخل الدولة، ووزاراتها الأهمّ.

من ذلك يأتي الباجي قائد السبسي، الشخص والرمز والمؤسّسة (الرئاسيّة)، الرقم الأهمّ، أو هو «الجوكر» الذي يريد كلّ لاعب الحصول عليه، سواء من خلال القرب (أيّ المواقع) أو (وهذا لا يقلّ قيمة) الحصول على «مباركة» الرئيس، الذي وجب التأكيد أنّه لم يعد (وفق القانون) رئيسا للحركة، لكن «كاريزما» الرجل وكذلك غياب البديل جعله رئيسا برغبته أو رغم أنفه.

 

حرب الأخوة الأعداء، هدفها أو هي «تصفيات» (بالمفهوم الكروي) لأنّ من يسيطر على الحركة أو على الأقل يرتقي إلى مكانة «محترمة» داخل الهياكل، لتكون حظوظه أفضل ضمن سباق «حكومة الوحدة الوطنيّة»….

أخطر من هذه «الحرب» ذاتها، والتي تمثّل فعلا «طبيعيّا» ضمن أيّ «ديمقراطيّة» حقيقيّة أو شكليّة، شكل هذه الحرب، وذهابها (من خلال الإعلام) حدّا يطعن الحركة ذاتها، ومن ثمّة يقدّم صورة سلبيّة عن الحزب، تنضاف إلى ما تراكم من صور سيئة سابقة، صارت أقرب إلى «تراث» يتداوله رجالات الحركة دون خجل أو حتّى حياء…

 

ضمن الواقع السياسي القائم (في البلاد) تنفتح المساحات شاسعة أمام الراغبين في الوصول إلى أعلى هرم السلطة (أو الاقتراب منه)، خاصّة من هم دون «ماض سياسي» (محترم وعريق) أمثال حافظ ونبيل، وفي الآن ذاته تتكاثر أمامهما الحواجز وكذلك الموانع، بحكم أنّ من هبّ ودبّ في هذه البلاد، صار «السباق» أشبه بما هو «سوق ودلاّل»، أين يلعب الإعلام (مدفوع الأجر) دور «صانع الأوهام» أو بالأحرى «مرسّخ الحقائق» (الواهمة)…

لذلك يسعى نبيل القروي (صاحب القناة وشركة الاعلانات) إلى استغلال هذه «الطاقة»، من باب «صناعة الصورة» التي (قد ونقول قد) ترسّخ عنه صورة «مشرقة»، في حين يتّكل حافظ قائد السبسي على كواليس السياسة بدرجاتها، ليتقدّم ويرفع من أسهمه.

 

هو صراع قابيل وهابيل (في صورة أخرى) بين «ابن» من صلب الباجي مقابل من جعل وعمل وسعى ليكون «الابن» الروحي ومن ثمّة «الوريث» الوحيد، أو الأرفع مكانة والأوفر حظّا…

هي «الغيرة» في بعدها العائلي المباشر، أسوة بأيّ عائلة عاديّة، بين الابن (البيولوجي) الذي يعوّل على رابط الدم ومن ثمّة «العصبيّة» التي جعلت السياسة وراثة أسوة بأيّ رأسمال، مقابل هذا «الدخيل» على العائلة الذي جعل من الكفاءة وما قدّم من خدمات وبذل من أجل «المشروع» قيمة يذكّر بها ورأسمال يقايض به ما يضمن مكانته ويرفع من حظوظه.

 

ضمن هذه «السوق» (بالمعنى الشعبي الشائع» تأتي النهضة أشبه (كما يقول المثل الشعبي) «يبيع القرد ويسخر من الشاري»، حين يتلذّذ هذا «الشريك» بما يرى من «تفتّت» شريكه، ممّا يرفع من أسهم هذه الحركة (أي النهضة) التي تأتي «أفضل» (قياسًا) في فضّ ما تشهد من «توتّر» بفعل ذات السعي وراء المناصب، وما يخلّف أو هو يتطلّب من «اقصاءات»…

nabil_karoui_hafedh_sebsiمن الأكيد وما لا يقبل الجدل، أنّ كلّ نبيل القروي وحافظ قائد السبسي، يحلم أعلى من سقفه ويراود أبعد من «رصيفه»، حين لم يفهم هذا ولم يع ذاك، أنّ جدليّة اللعبة في بعديها الاقليمي والداخلي، جعلت من «رؤوس السياسة» في تونس، أي من هم أرفع منهما، مجرّد «أدوات تنفيذ» ضمن مشروع «حكومة الوحدة الوطنيّة» التي ستكون بالتأكيد «حكومة املاءات صندوق النقد الدولي»، ومن ثمّة لا دور ولا قيمة ولا مكانة ولا مجال أمام «رجالات» هذه الحكومة، سوى الطاعة الكاملة والامتثال الكامل، وبالتالي، يمكن الجزم بل هو اليقين، أنّ كلّ من نبيل القروي وحافظ قائد السبسي، لا مكانة لأيّ منهما في صلب هذه «التشكيلة» السياسيّة، أقصى ما يحلم به هذا ويتمناه ذاك، أن يكون «على الحواشي» (الخارجيّة)…

 

هي لعبة (السياسة في تونس) أشبه بما هو «السيرك» عادة، هناك من يصارع الأسود، ومن يلاعب الثعابين، في حين يأتي أخرون دور المهرّج العاجز عن إضحاك العامة….


22 تعليقات

  1. محمد الناصر الفرجاني - تونس

    أكثر ما أعجبني من مقالك أخي Nasreddine Ben Hadid، هو قولك الصّحيح، الثّابت، و الموثّق: صار “السّباق” أشبه بما هو “سوق و دلاّل”، أين يلعب الإعلام (مدفوع الأجر) دور “صانع الأوهام”، او بالأحرى “مرشّح الحقائق” (الواهمة)!؟ نعم، فبوادر تشظّي حزب نداء تونس إنطلق علنا منذ خريف 2013، و إستمرّ لما بعد إنتخابات 2014!؟ و من يومها كنت نشرت مرارا بأنّ النّداء سيتشظّى، و جداري موجود و يمكنكم التّثبّت من قولي، بل اقوالي من يومها. و قد أعلمت الباجي شخصيّا بكوارث ما قام، و يقوم به إبنه الأهوج “حافظ”، فهو لم يحافظ على مكانة من كانوا معهم من البداية مثل أخي “نورالدّين الفرجاني”، الذي، و رغم دعم أغلب “أشباه رجال رموز نداء/عفوا داء تونس” له سريّا، فهم و الإعلام المأجور عتّموا على كلّ ما حصل معه، و غيّبوا الكلام عن تلك البداية طمعا في الحصول على بركة الباجي، و إبنه. أمّا الآن، فالخلاف أصبح بين الباجي، و إبنه مسنودا بالولاّدة، و الوسّادة كما قلت أنت، و مستهدفا آخرين هم ليسوا كنورالدّين الفرجاني، رجال أشراف أحرار يخافون كفائته، بل هم بيادق لبارونات الفساد، و المصالح الصّهيو-غربيّة من بيادق رئيس مجلس يهود أوروبا Pierre Besnainou، الذي كان أسّس لهم “الرّابطة المغاربيّة من أجل الدّيمقراطيّة L’Alliance Maghrébine pour la Démocratie، منذ 24 أفريل 2006 بباريس حسب قانون الجمعيّات الفرنسي 1911 تحضيرا لموسم الهيجان، و الفوضى العربيّة!؟ و من يريد أن يعرف هؤلاء، ما عليه سوى كتابة إسم الرّابطة بالفرنسيّة على “قوقل”، و سيجد ميثاقها، و قائمة أعضائها عملاء الصّهيو-غرب، ليصدم بهم يصولون، و يجولون بالسّاحة السّياساويّة بكلّ وقاحة، و دون خوف، أو خجل، فهم متأكّدون أنّ كلّ البقيّة مثلهم، و من نفس طينتهم القذرة. هذه هي الحقيقة. الله يحفظ أولادنا، و بلادنا من شرورهم كلّهم، آمين، سلام.

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي