جدل مع نصر الدين بن حديد
يمكن الجزم أنّ تصنيف حزب الله في صورة «التنظيم الارهابي» لن يكون «عظيم التأثير» على المعادلات المتداخلة في الشرق الأوسط أو في شرق المتوسّط، ولن يقلب «موازين القوى» من النقيض إلى النقيض، ولن يجعل «العالم» (الذي يتعامل مع هذه المعادلة) يقلب مواقفه (هو الآخر) من «نقيض» (سابق) إلى «نقيض» (لاحق)…
أبعد من تلبية بعض «الشحنات» العاطفيّة، وإذكاء ما هو قائم من «صراع مواقف» وكذلك «حرب مواقع»، لن تتغيّر المعادلة، بل لا يعدو القرار أن يكون سوى «موقف» يبحث بل يفتّش في لهفة عمّن يحوّله إلى «رأسمال» نافذ في الصراعات القائمة وأساسًا القادمة.
النظام العربي الرسمي مريض، بل على درجة من العلّة السابقة لهذا القرار، الذي سيبقى (هو الآخر) مجرّد «اعلان نوايا» أو (هو) «تفريج عن كبت» أصاب «أصحاب الفخامة والسموّ» من أمير وعاهل وجنرال وكذلك من هم حولهم…
صار الجمهور العربي يتعامل مع السياسة، كما يتعامل مع «كرة القدم»، يريد أو هو يبحث (من الكتاب والصحفيين و«النخب» عامّة) عن ثلاث أمور:
أوّلا: مع أيّ فريق أنت، ليحدّد على أساسه «علاقة الانتماء»، بمفهوم «الولاء» الذي يقطع مع «البراء»…
ثانيا: أيّ موقع لك «هجومي/دفاعي» ضمن «الحرب» (الكلاميّة)…
ثالثًا: ما هي القدرة على تقديم «خطاب» يرضي نرجسيّة «الفرد» الذي صار بفعل وسائل التواصل الاجتماعي يعتبر نفسه «مرجعًا» بل «المرجع»…
قرّاء هذا المقال، جاؤوا في سوادهم الأعظم يبحثون عن إجابة عن هذه «الأسئلة» لأنّ «المعادلة» الانتماء (عندهم) تأتي بل تتأسّس وتقوم حصرًا وعلاقة «الولاء/البراء» وثانيا على «التلذّذ» بخطاب «معاكس» وثالثًا التفصيل في الموضوع من «زاوية الانتماء»… بل (وهنا الأخطر) سيأخذ الكثيرون المسألة من «العنوان» (أي عنوان المقال) على اعتبار أنّ المسألة «المعرفيّة» محسومة ليكون «التذكير» أو هو «تسجيل الموقف الأخلاقي» (لا غير)…
أيّ توسيع للرؤية أو أي عمق في التحليل يبتعد عن هذه «الثوابت» (التحليليّة) يعني (بصريح العبارة) عدم ملاءمة أو هو خروج عن «الصورة المرجع»…
لسائل أن يسأل ويطرح الأسئلة المنطقيّة التي تزعج «الثالوث المقدسّ»:
أوّلا: لماذا تستثني «عداوة» حزب الله (دون التفصيل) في دواخلها، «عداوات» أخرى لا تقلّ أهميّة من المنظور (الرسمي) للنظام العربي (الرسمي) الذي لا يزال (رسمّيا) في حال «عداوة» (قانونيّة) مع «العدوّ الصهيوني…
ثانيا: ما الذي جعل «النظام العربي» (الرسمي) أشبه بالعجائز، حين يتّكل على «البيانات» التي تأتي أشبه بالأدعية، دون القدرة أو هي الإرادة، أو ربّما «السماح له» بالذهاب إلى «تطهير البلاد» (أي بلد عضو في الجامعة) من أيّ «خطر» (مهما كان)…
من الأكيد وما لا يقبل الجدل أن «العقل المدبّر» بالمفهوم الفلسفي أي «المنطق الحاكم» ضمن النظام العربي الرسمي، مريض وعاجز، بل يتعاظم مرضه وتتزايد علّته، ليصير هذا «النظام» ليس فقط في مأزق، بل في حال تتهدّد الكيانات القائمة، ليس فقط (وهنا المصيبة) بسبب (هذا) «العدوّ» (الخارجي) أو ذاك «الخطر» (حزب الله أو غيره)، بل لما نراه ونشهد من تآكل هذا النظام من الداخل، ممّا أحدث «ثورات» تحوّلت (حين غاب الوعي وتمّ تغييب العقل) إلى «محارق» بدأت تلتهب الأخضر وستأتي على اليابس.
من منظور علم السياسة، وبعقل ماكيافلي بارد، وحين نبسط المعادلات جميعها دون الرجوع إلى أيّ عاطفة:
ما هي «الإضافة» المترقبة من تنصيف حزب الله في زاوية الإرهاب، كما يكون السؤال عن «نفع» طرد النظام السوري من جامعة معلولة أصلا؟؟؟
لا إجابة (من الرعاع والعوام أو حتّى (بعض) «النخب») خارج ثالوث «الانتماء/الأداء/التلبية» ولا تفسير دون الرجوع إلى «التأويلات» أو هي «التفسيرات» التي تشترط الذهاب خارج «منطق العقل المجرّد»….
في المحصّل ودون الحاجة إلى دليل، انحصر الردّ العربي في عجز مزمن وهوان خطير، وها هو «النظام السعودي» يغرق في وحل اليمن الذي غرق فيه عبد النّاصر قبل ذلك، وها هو هذا النظام السعود يعربد ويصرخ ويطلب منّا أن «نصدّق كلامه»…
أيّ اعلان «نوايا» سواء تعلّق الأمر بحزب الله أو بالتغيّرات المناخيّة في العالم دون أن ننسى الانحباس الحراري، لا يرفده فعل يستند إلى مشروع حقيقي، هو أشبه بالنواح أو بالبكاء أو بما هي «الضحيّة» التي «تعدّد» صولات خصمها….
النظام العربي يعيد على «مستوى الدلالات اللغويّة» ما كان يقول (أيّام زمان) عن الكيان الصهيوني، أيّ «تشخيص» (الخطر الارهابي) كما يفعل راهنًا أمام حزب الله، لنجد (هذا) النظام العربي (الرسمي) انتقل «رويدًا رويدًا» من «لاءات الخرطوم» وما نتج عنه من «مكتب المقاطعة» (للتطبيع والبضائع الصهيونيّة) إلى ودّ «مفتوح/مفضوح» مع الصهاينة….
المرض الأخطر يمسّ «العمق الشعبي» (الأعمى) الذي، نراه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي (مثلا)، حين يبارك (أحدهم) «القرار العربي» (هذا)، ولا يسأل عن قرار مماثل تجاه الصهاينة، ثمّ يمرّ ليفاخر بالمقاومة الفلسطينيّة المسلحّة، كأنّ للفاعل (أي كان) نصف عقل يبارك ما يرفضه النصف المقابل: إنّه الانفصام العام والشامل، إلاّ من رحم ربّك…
من طرف 
