فخّ الباجي و«سقوط» الاتحاد…

21 يونيو 2016

تعلم قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل علم اليقين، من هي الجهة التي تقف خلف أيّ وسيلة إعلام في البلاد، خاصّة المؤثرة منها، وتعلم علم اليقين كذلك، أنّ وسائل الإعلام هذه، لا تحركها المهنيّة ولا تعمل وفق أبسط أبجديات الحياد، بل هي «مأمورة»، تتعاطى مع «أيّ موضوع» وفق «تعليمات» تصدر عن مالك «القرار» (الحقيقي)…

لذلك تعلم قيادة الاتحاد من باب الاستخلاص وقراءة الواقع، أنّ وسائل الإعلام المؤثرة، قد تبنت بخصوص «اضراب البريد» موقفًا «معاديا للاتحاد»، وعملت على استدرار التعاطف مع «جموع الواقفين» وخاصّة «الواقفات»، في طعن مباشر (بدرجات متفاوتة) للإضراب ومن ورائه (وهنا الخطورة) قيادة الاتحاد.

 

تعلم قيادة الاتحاد، أنّ الهدف والمهمّة (أيّ مهاجمة الاضراب والاتحاد) أهمّ (بكثير) من «الاضراب» (ذاته)، بمعنى أنّ هذه «ماكينة الاعلاميّة» كانت ستجد فرصا أخرى وتتذرّع بأحداث أخرى، لمهاجمة الاتحاد وقيادته، علمًا وأنّ اضرابات سابقة (في زمن سابق) وجدت التعاطف والتبرير وحتّى التشريع…

لماذا هذه «العدوانيّة» تجاه الاتحاد وقيادة الاتحاد؟

 

وجب الرجوع إلى الحوار/الحدث مع الباجي قائد السبسي لفهم المعادلة وتفكيك المشهد. الطبقة السياسيّة والاعلاميّة وحتّى النقابيّة ومجامع الفايسبوك، اهتمت بما هي «حكومة الوحدة الوطنيّة» على مستوى «اقالة/استقالة» الحبيب الصيد، مع مراهنة أقرب ما تكون بسباق الخيول، على الأسماء الذي يطلقها الاعلام أو هي تكتري من يرفع أسهمها، دون البحث في نقطتين على قدر كبير من الخطورة:

أوّلا: توقيت الحوار/الحدث، أيّ لماذا قرّر الباجي أن يفرج عن هذه المبادرة في ذلك اليوم بالذات وما هي مراميه من وراء ذلك؟

ثانيا: أصرّ الباجي إلحاحا وألحّ إصرارا على مشاركة كلّ من «الاتحاد العام التونسي للشغل» و«الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليديّة»، بل اعتبر الأمر من «فرائض الحكومة» أيّ لا وجود للحكومة بدون هذه المشاركة.

abassi-essebsi

الباجي ـ العباسي

حين نعتبر (تاريخيا) اتحاد الأعراف، مجرّد تابع للنظام حين لم يكلّف مرّة واحدة نفسه الوقوف ضدّه (أيّ النظام)، بل كانت جميع «تحركاته» ذات «صبغة تكتيكيّة» في علاقة بالمصالح الماليّة المباشرة، بقي اتحاد الشغل منذ تأسيسه وعلى مدى مسيرته في تراوح بين «تماه» كامل مع النظام (زمن الحبيب عاشور عضوا بالديوان السياسي) إلى «رافعة للمعارضة» (الخميس الأسود وانتفاضة الخبز)، أيّ أنّ النظام الحاكم، يعلم ويدرك بل هو اليقين، أنّ «الاتحاد» يلاعب ويناور في تراوح بين النقيضين….

 

حكومة الوحدة الوطنيّة التي يريدها الباجي (وجوبًا ولزامًا) بمشاركة «الاتحادين» لن تكون «حكومة سياسيّة»، حين يمكن للباجي (بمعيّة جليسه راشد الغنوشي) تشكيل «حكومة» سياسيّة (حقيقيّة) ذات أغلبيّة برلمانيّة، في حين أنّ شرط (وجود) «الاتحادين» تحيل الحكومة على «صفة» أخرى، أو بالأخرى «وظيفة» بديلة، بمعنى أنّ هذه الحكومة، حين ضمنت «مال الأعراف» وضمنت أفضل من ذلك «سيطرة» على الشارع، حين يمكن الجزم، أنّ لا طرف خارج «الثلاثة» (النهضة، نداء تونس، اتحاد الشغل)، قادر على تحريك الشارع، وتحويله إلى «تهديد حقيقي» للحكومة.

أيّ أنّ الاتحاد «داخل الحكومة» سيكون «شريك» في أيّ «جريمة» ترمي بها «قواعد الاتحاد» (المتضرر الأوّل من سياسة التقشّف) «حكومة الوحدة الوطنيّة»….

 

اضراب البريد (القائم على مظلمة حقيقيّة)، ودون الذهاب في «استنطاق النوايا» شكّل «هديّة» مجانيّة للباجي (ومن معه) للشروع مبكّرا في «مشروع تركيع الاتحاد»، حين جاء المزاج العام أقرب إلى «لوم» الاتحاد (إن لم نقل كلمة أخرى)، وقد ذهبت وسائل الإعلام (بدرجات متفاوتة) في «بكائيات» من أجل «الأرملة»، ليفهم الساذج قبل الغبيّ، أنّ «الماكينة» انتهزت الفرصة للشروع قبل الأوان في عملية «التركيع»…

جمعيّة القضاة، في بيانها، أرادت بل هي «جهلت فوق جهل الجاهلين» أيّ أنّها رفعت السقف ودفعت بالصراع نحو الصدام، حين لم يعد أمام قيادات الاتحاد سوى اتخاذ أحد الموقفين:

أوّلا: التصعيد أكثر والانتقال إلى خطوة «جديدة» لا يمكن أن تنزل تحت سقف «الاضراب الأوّل» أو سقف «جمعيّة القضاة»

ثانيا: التراجع والقبول بالهزيمة.

 

سامي الطاهري (الناطق الرسمي بإسم اتحاد الشغل) رفع من ناحيته السقف أعلى من الأخرين، وذهب في «مزايدة استباقية» حين صرّح «أنّ النقابة متمسكة بمطلب إطلاق سراح عون البريد الموقوف وإلا فإنّها ستواصل الاحتجاج بالامتناع عن العمل في مختلف الجهات»، دون أن ينسى ترك منفذا للخروج «أنّ كلّ مصالح البلاد تتعطّل إذا تم تعطيل القانون وأنّه لا بدّ من نظرة استشرافية من أجل مصلحة البلاد»، ممّا يعني أنّ الاتحاد مستعدّ للحوار تحت سقف «إطلاق السراح» دون غيره….

تتكل «الدولة العميقة» على عنصر الزمن وما له من فعل في شعب «عديم الصبر» وكذلك على «التجييش الاعلامي» ليكون الاتحاد «الشيطان الأكبر»، ممّا يعني أنّ الدولة ليس لها مصلحة في «التنازل»، بل جاءها «الاضراب» هديّة من السماء، لتعيد ترتيب الأوراق، ومن ثمّة جرّ «الاتحاد» ليس فقط إلى «بيت الطاعة» بل أن يكون «العصا» عند الحاجة….

 

معادلة «تونسيّة» تجري وتدور وتتطوّر بل (قد) تنفجر تحت «أعين إقليمية» وكذلك «رقابة دوليّة» ساهمتا في «تقزيم النداء» وجعلت النهضة تقزّم ذاتها، وها هي «تهتمّ» باتحاد الشغل….

 

لا يملك اتحاد الشغل أوراق كثيرة، حين سقط في «فخّ الباجي»، حين يسعى أعداء الاتحاد إلى:

أولا: الرفع من الغضب الشعبي، ومن ثمّة تحويل «الاتحاد» إلى «الشيطان الأكبر»

ثانيا: تفكيك الاضراب من الداخل، حين ستسعى «جهات» إلى دفع مزيد من «الافراد» إلى كسر الاضراب

ثالثًا: إعادة ترتيب الأوراق في علاقة بالمؤتمر القادم للاتحاد، وهو لبّ المسألة وقلب الصراع…

 

صرامة الدولة، التي شربت حليب السباع فجأة، سيجعلها على أهبة واستعداد لإعادة سيناريوهات (سابقة) «مؤلمة» أسوة بما كان ذات 26 جانفي، لكن هذه المرّة، يأتي العمق الشعبي طرفًا في «المعادلة»، وكذلك، حين تذكر قيادات الاتحاد المخضرمة كلمة محمّد مزالي (ذات يوم) حين ربط بين «التعدديّة السياسيّة والتعدديّة النقابيّة»….

من سيصمد؟؟؟ من سيصبر؟؟؟ من سينتهز فرصة المؤتمر القادم؟؟؟

من هو أو من سيكون «يهوذا»؟؟؟؟


332 تعليقات

  1. قبل كل شيء يجب فهم الاتحاد على انه حزب سياسي يميل الى الشيوعية في اغلبه اذا سوف لن تغريه حكومة الةحدة الوطنية ليتحمل تبعات فروض الصندوق الدولي وتنهار معه الجبهة الشعبية بالاساس. من ناحية اخرى فالاتحاد هو عصا المخابرات الفرنسية التي تضرب بها كل حكومة تونسية غير طيعة. الصندوق الدولي من جهة والاتحاد من جهة اخرى حتى تذعن لفرنسا. من اول الاواءل التي اتخذتها الحكومة الفرنسية هو الحوار مع النهضة الذي سيتوج باتفاق خلال زيارة الغنوشي لباريس وعلى ضوء ذلك سيتصرف الاتحاد واجتماعات الباجي والنهضة تدفع في هذا الاتجاه. حين تركع النهضة لشروط فرنسا سيتخذ الانحاد القرار النهائي ومسالة سجن عون البريد الا فىصة للجميع ليبرز فدراته لا غير اما ذئاب الاعلام ففي يد اامخابرات الدولية التي تدفع للصحفيين ورؤساء التحرير لتوجههم لما تحب وترضى.

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي