مؤتمر النهضة: العجين والفرن والخبّاز…

29 مارس 2016

عندما قرّرت حركت النهضة، أو مجلس الشورى بها موعد المؤتمر القادم، يكون اليقين بأنّ الأمر لا يخصّ التاريخ فقط، بل يخصّ الضمانات وتأمين «شبكة أمان» بأنّ المؤتمر سيتراوح بين «حدود» لا يمكن تجاوزها. في جزم أنّ «نجاح الإعداد» أهمّ وأشدّ فاعليّة من المؤتمر ذاته، الذي يجب أن يكون (بمعنى الالزام) ضمن «ما هو مقدّر له»…

مؤتمر حركة النهضة

مؤتمر حركة النهضة

هو مؤتمر «الحسم» في أمور يريدها أو يترقبها «الجميع»، من قواعد (هذه) الحركة، وصولا إلى دوائر القرار في الدول العظمى، تراوحًا بين ماهيّة «اللبّ» (أيّ الدماغ الصانع للقرار السياسي)، مرورًا بما هو «الوقود» (الفكري) الذي ستسير به الحركة، وصولا إلى «القرار» (السياسي) في الأمور التي تهمّ البلاد والمنطقة والطيف الاسلامي، حين أصبح هذا «الشأن الاسلامي» شأنًا «عالميّا».

 

الترقّب والأمل والتطلّع بل هو الانتظار من جميع من يعنيه شأن النهضة من قريب أو من بعيد، متراوح بين الدرجات التالية:

أوّلا: المنتظر:

لا يمكن الحديث عن «ترقّب» واحد، بل عن طيف، أو هي «أطياف»، بدءا بما هو «داخل» الحركة، في تراوح بين من «أفنى حياته في السجن» في مقابل، من «انتمى» (بالهوى) وكذلك «ناضل» (بالدعاء)، وكذلك بين من «صار من الماضي» (أو من تاريخ «قديم»، مقابل من «يجلس» إلى جوار «الشيخ»، أيّ يملك «المال والسلطة والسلاح»…

كذلك تأتي الساحة (السياسيّة) التونسيّة، في حال ترقّب لما سيتمخض عنه (هذا) «الجبل»، حين يمكن الجزم دون أدنى نقاش، أنّ تفتيت النداء، أو (بالأحرى) تدميره، جعل من النهضة أو (هو) أعادها إلى «صدارة» المشهد السياسي، وحين الجزم كذلك بأنّ على وقع (موسيقى) النهضة سترقص الساحة السياسيّة، حين ثبت بالكاشف، أنّ هذه الحركة صارت تلقى من الغزل والمديح ما يوازي أو يزيد عمّا يصيبها من الشتم.

ثانيا: الممكن:

لفظ «الممكن» ستختفي خلفه جميع «القدرات السحريّة» لصاحب المطبخ الذي أعدّ المؤتمر، أو بالأحرى وضع السيناريو وهو من موّل التنفيذ، ولا يترقّب سوى «لحظة الصفر» لتدور ماكينة (التصوير)، بأقلّ ما يمكن من «الارتجال»، وفي جزم بأنّ لا أحد سيخرج عن «النصّ»، سوى بعض «الهفوات» أو ربّما «الشطحات» المطلوبة، لتجعل «المشهد طبيعيّا»، بعيدا عن «التمثيل الآلي» (بالمعنى المسرحي».

هو توازن بين سيناريو الإعداد من جهة مقابل «جرعة» من الارتجال، تأتي مطلوبة، بل ضروريّة لإضفاء ما يجب من «المصداقيّة» على مؤتمر حركة، عانت طوال حياتها من «التكذيب» ما جعل أقصى همّها أن تبدى «صادقة» في عيون الأخرين.

ثالثًا: المطلوب:

يتراوح «المطلوب» أو هو يتقاطع بين «سلعة» ترضي «الطامعين» أو هي الجهات التي تترقب «المنتوج» من جهة (من داخل تونس وخارجها)، وبين ما هي «الماكينة» (حقّا) داخل الحركة، حين تأتي (أو ستأتي) جميع «مخرجات» (المؤتمر) قادرة (لغويّا) على ارضاء «الجميع»، أيّ أنّ «اللعبة» (وهي فعلا لعبة)، تأتي أقرب إلى «التصريف اللغوي» وكذلك «البلاغة الخطابيّة» من «قدرة على الاثبات» أو هي «قدرة (الأخرين) على التثبّت»….

 

تعلم النهضة أو هي تدرك، أنّها (مهما كانت القراءة) تأتي التجربة «الإسلاميّة» الأفضل (أو الأقلّ سوءا)، ضمن «مشهد (دول الربيع) العربي» القائم، بين «إخوان مصر» الذين فقدوا السلطة بعد قراءة مغلوطة للمشهد وكمّ من الأخطاء، وبقيّة التجارب سواء في سورية أو اليمن، حيث الدماء تسيل أنهار، لذلك، يدرك «عراب الحركة» راشد الغنوشي (منذ سنوات) أنّه لم يعد «يلعب» (داخل تونس فقط)، وبالتالي تحوّل المؤتمر من «موعد تونسي» إلى «حدث إسلامي» وكذلك «ترقب دولي»…

 

أقصى ما هو مطلوب من النهضة أو هي تطالب ذاتها، سواء في البيان الأدبي، أو لوائح المؤتمر، هو أن «تنتج» خطابًا، يتحدّث عن أدلّة ويتكلّم عن براهين ترضي «السامع» أكثر منه تقديم الأدلّة وبذل البراهين ذاتها، لأنّ لا أحد (من داخل الحركة أو خارجها) قادر على ايقاف عجلة «الزمن» أو «التاريخ» أو «المؤتمر» للتثبّت من «القول» والحسم في «المقال» أو التحقّق من «الخطاب»، لذلك، ستقول النهضة ما تراه أو ما تريده أن «يرضي»، وسيقبل السامعون ما يتراوح بين «ما يرضي» آذانهم وما (قد) لا تصدّق عقولهم.

 

يقف المؤتمر أو هو يتمركز عند التقاطع التقليدي والمزمن للصراع بين «الاسلاميين» (الطيف بكامله) مقابل «الخصوم» (الطيف بكامله)، بدءا بما هو جار داخل الساحة التونسيّة وصولا أو هو بلوغًا إلى كامل «الساحة الاسلاميّة»، خاصّة وأنّ «حلفاء النهضة» في سورية يتراجعون وخسروا معركة مصر، ولا يبدو لهم نفس في اليمن، وجاؤوا في عجز عن حسم الأمر في ليبيا، لذلك ستعدّل النهضة خطابها القائم (والقادم) خصوصًا أثناء المؤتمر، بما يتوافق مع هذه «النشرة السياسيّة» حين تتقن «المدرسة الاخوانيّة» (التي تنتمي إليها النهضة بالغريزة قبل الفكر والفقه) لعبة الانكفاء من «التمكين» إلى «الحفاظ على الوجود». هذا «الحفاظ» الذي يأتي أرقى درجة «الغريزة» عن «جماعة» تفعل المستحيل من أجل البقاء…


20 تعليقات

  1. تعقيبات: discount Millet

  2. تعقيبات: jimmy choo shoes sale outlet

  3. تعقيبات: hunter outlet online

  4. تعقيبات: sergio rossi florence

  5. تعقيبات: canada goose online store

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي