16 ديسمبر 2015

photo 50 site«كلّ المياه عذبة في عينها وماء أعذب في طولها»، هكذا صاحت العنقاء في قطعان عشقت عينها وراحت تنادي في البوادي بقيام الساعة وركود العيون الضائعة. كم من فرات تراجع ونيل انزوى ودجلة سكنت إلى ليلى العراق تؤانسها، حين همّت عينك بالحديث عن طول الأيّام ومدى الأحلام وكم من ساعة هامت العنقاء على مدى الرموش المرتعشة.

«هو سؤال عن ماء زلال، ومن فجّر العيون عند سفح البحار وأشباه المحار وما جادت به الأيّام من دهرها»، هكذا أعادت الرسائل ما كان من قيم بعد أتت النار على مائنا الصامدة وجردتها من أسلحة صرخت بمن أضاء الأنوار على أنهارنا، وراح يؤلّف من مياه لها عماد لها، ألف موّال عن علاقة العنب بما فاض من خمرنا. تعلّة هي أم سبب؟ ما الفوارق بين الصورتين، حين رفض النحاة شفاء حروف علّة هرمة، وراحوا يبشرون بدواء يشفي الحروف جميعها، إلاّ ما سقط في العين الطويلة يراود الأسماك في عرينها.

«قبّرة أنت، في يد جندي قديم تتداوله الأيدي»، علت الأصوات تستبيح هذا الصدر وتبحث له عن عجز أو عن مؤخرة. ما الفوارق حين جاءت هذه الصورة مزواجة والأخرى تراقص الخمور وتسقي العابرين بما فاض من وفاضها. هي الرأس ولا رأس لنا غيرها، بل هي التاج في مزابل عيوننا. هي ما كمن في أعماق أشواقنا وهي ما كان في أشواق أعماقها.

عاد الأعراب إلى عينهم يقيسون الطول وصوت الحادي ضاع في أربعاهم العامرة، ولا عزاء لمن أضاع النبع وكانت التماسيح تذرف دمعها.

«سؤال هو فقط، عن طول العيون حين جاءت رموشها قاتلة؟»…

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي