المصالحة الشاملة: فخّ الغنوشي لذبح «الدساترة» أم تقزيمهم؟؟؟

29 أبريل 2016

الغنوشي أو بالأحرى عقل الغنوشي العابر للتجارب القوميّة والبعثية مرورا بالصراع مع «دولة» بورقيبة وكذلك «نظام» بن علي، استطاع في «مكر» (سياسي) شديد، أن يرتدي «جبّة» الأوّل وأيضًا «سطوة» الثاني، حين بدأت حبّات «السبحة الدستوريّة» تكرّ بين أصابع «الشيخ» الذي يتمتّع بملامستها دون أن يكون طلب شيئا (لنفسه) أو وأصدر وعدًا خارج «التمنيات» الناقصة وأيضا «الأماني» المنقوصة….

فعلها محمّد الغرياني حين عاد الشيخ وعاد إليه، كما كان يعود بن علي ويعود إليه، وها هو كمال مرجان يفعلها في العلن، مع الجزم بأنّ مقابلة «سيدي الشيخ» راشد، صارت أقصى منى أيّ دستوري يبحث عن مكان له تحت شمس السياسة التونسيّة…

 

العائلة «الدستوريّة» (علمًا وأنّ «المافيا» ينادونها «العائلة» في صقليّة) تسمية صارت في حاجة شديدة إلى مسمّى، ليكون السؤال:

هل لا يزال رابط يشدّ (هذه) «العائلة» (إلى بعضها) حين نستثني ماض تنكر معظمه، وحاضر قائم على المنافسة القاتلة فعلا، بين «بارونات» (هذه العائلة)؟؟؟

 

واقع سياسي اقليمي ودولي يسعى (ما استطاع) إلى محاصرة الاسلاميين واستعمالهم وقودًا للصراعات القائمة من سورية إلى مصر، مرورًا باليمن وليبيا، وأمام واقع داخلي شهد عودة «الدساترة» إلى الواجهة، بين من يقبّل الأيدي (كما كان يفعل زمن بن علي) وبين من يطالب بل يزايد بالمطالبة بما يراه «محاسبة» (الآخرين) كما كان يفعل زمن بن علي عن سنين «الجمر» (أيّ منذ رحيل زعيمهم بن علي)…

وجهان للعملة ذاتها ومطالب تكمّل بعضها، حين ينحني «الأضعف»، في حين يعربد من يرى نفسه في صورة «الأقوى»…

 

خلافًا لما يتمّ التسويق له في ضجّة كبرى وترويج أشبه بما هي «حفاظات نسائيّة» (ذات استعمال واحد)، لم يتغيّر الدساترة ولم يعتبروا من التاريخ، لأنّهم (مع استثناءات قليلة جدّا، بل مجرّد أفراد) لم يقدموا على «قراءة» ماضيهم والاعتراف بما هي «أخطاء» (حين يكون المرء رحيمًا)، بل وهنا الخطورة التي ستدمّرهم، أرادوا «التغاضي» عن الماضي في مقابل «نيل» الحقّ من الحاضر…

حين يكون الحديث عن الماضي ينقلبون إلى أفراد، كلّ «يتحمّل» مسؤوليته، وحين الحديث عن الحاضر، ينقلبون «كتلة» واحدة تريد نيل حقوقهم، مع التفريق (وهنا الخطر) بين كتاباتهم الانشائيّة ومواقفهم الأقرب إلى الأدب من الواقع، مقابل ما يتخذون من مواقف وما هي تصرفاتهم في السرّ والعلن.

 

لم يبق الدساترة «كتلة» واحدة، حين كان يجمعهم زمن «بطل التحوّل» واجب الطاعة والخوف من العصا، ليكون السؤال الأهمّ سواء تعلّق الأمر بمستقبل هذه «الكتلة الهلاميّة» أو علاقتها بالمنظومة الحاكمة راعيا:

إلى أيّ حدّ يمكن أن تصل «النيران الصديقة»؟؟؟

RCDمن مثال «نداء تونس» والذي كان «صرحًا» وهوى، يتأكد المراقب العادي قبل القارئ الفطن للتاريخ، أنّ «ما بالطبع لا يتغيّر» قيادات تبحث عن مصالحها «الشخصيّة» وقواعد يحركها الحنين مع بعض المنافع، مع وجود «طبقة وسطى» على مواقع التواصل الاجتماعي (خاصّة) قادرة على «قلب الفيستة» في أيّ لحظة، سواء بين هذا «الأبّ» الدستوري أو ذاك، أو حتّى الانتقال إلى أقصى اليمين أو اليسار إن دعت الحاجة.

 

أزمة (ما يسمّى) «العائلة الدستوريّة» أشبه ببائع ماء لا رأسمال له سوى قالب من الجليد في عزّ الصحراء، لا هو قادر على التباهي به، ولا هو قابل لبيعه كاملا، ولا هو قادر على المحافظة عليه.

 

دون (ما تبقّى من) الدولة العميقة ودون (بعض) رجال المال والأعمال، سيصير الدساترة بعض سنوات، أشبه بالخلّ والعنقاء والخلّ الودود، حين عوّضوا بن علي بابتسامة الشيخ وجعلوا الدولة العميقة تركبهم وهي التي تملك من «حبّ الانتقام» تجاههم ما يفوق العقل والخيال…

يعلم راشد الغنوشي، بل هو يعمل جاهدًا ودون هوادة، على كسر قالب «الجليد» هذا وجعله «مجرّد خيال» يباهي به المرجعيات الاقليميّة والدوليّة، ويريده كما أراده بن علي، في خصام (داخلي) دائم وفي حرب دون هوادة لمن يبذل الأكثر.

 

الإعلام وحده وكذلك رجال المال والأعمال، أبقى وأرفع وأذكى من أن يتركوا على جباههم «طابع الدساترة»، فقط السؤال: هل التقزيم أجدى كما يفعل الغنوشي أم الذبح كما يريدون ببعضهم وتريد بهم الدولة العميقة…

 

لم يفهم أباطرة «العائلة الدستورية» أنّ حاجة الغنوشي إلى النداء (أي الصورة الأرقى للعائلة الدستوريّة) أقرب إلى الحاجة إلى «تيّاس» غير قادر على الفعل، بل فقط للتصريف الإعلامي والتسويق السياسي، وبالتالي استغلّ فيهم وما في دواخلهم من حبّ (فردي) للأضواء ورغبة «غرائزيّة» لضرب بعضهم ليجعل كبيرهم قبل صغيرهم يدفع (ما يدفعون) نظير الجلوس في هذا «الجوق» المطلوب من دول الإقليم والمرجعيات الدوليّة…

أمام «الرغبات» الدوليّة والاكراهات الاجتماعيّة، صنعت النهضة لذاتها «ممتصّ للصدمات» airbag من «العائلة الدستوريّة» وجزء متزايد من «الدولة العميقة» لكنّ هذا «الذي يمصّ» (الصدمات) حسب أنّ له دور المحرّك، أو هو هامش (أشبه بما كان زمن بن علي) للثراء (الفردي) وممارسة «سطوة» (على العباد) أقرب إلى ما هو «تفريج عن العقد».

 

انتهى زمن «قداسة الدساترة» بذاتهم، ولن يعود أبدًا إلى «أندلسهم الضائع» بل هم أقرب إلى «اليهود» (مع حفظ المقامات طبعًا)، حين ينشدون «العام القادم في أورشليم» في صلواتهم… فقط راشد الغنوشي يعدهم «العام القادم في قرطاج»….

يعد من؟؟؟؟ سؤال مبهم بقدر ابهام ضحكة راشد ذاته….


342 تعليقات

  1. خلافا لما قيل،، العيئلة الدستورية كتلة واحدة عندما يكون التاريخ هو الامر و عدة كتل عندما يكون المستقبل او لنقل الطموح هو الامر،
    ان ما يظهر للعموم من وجوه حاضرة في الاعلام او احزاب لا تعدو ان تكون الا الواجهة الدستورية الانتهازية التقليدية سواء مع بورقيبة او مع بن علي
    الدستوريون لهم عقيدة مكتسبة عبر العقود و موروثة عبر الأجيال ،، و الذين يؤمنون بهذه العقيدة لم يظهروا على الساحة الا جزء منهم اثناء انتخابات 2014 و دونها لا تراهم الا في المحافل او المآتم و لا تراهم في طوابير السياسة
    و ما يتوهمه الغنوشي او زائروه من الدستوريين غير واقعي لان الانتخابات الاخيرة مسحت كل اوهام صانعي الوجهات ، و ما اختيار الغنوشي نشر صور سوى الدستوريين ممن استلطفوه الا مناورة لمزيد تقسيم و تشتيت الدستوريين و جعلهم فتاة انتخابية قابلة للاستقطاب الانتخابي بمثل هذا السلوك الناعم
    و ليدرك الجميع ان الأغلبية الساحقة للدستوريين ترفض هذا التقارب المغشوش لأنهم بعد ثلاثون سنة من شيطنة قياداتهم للاسلاميين لا يمكن ان يقبل هذا الجيل ان يأتمن جانب الإسلاميين لان رفض المشروع الاسلامي السياسي تمرس في العاملة و في المدرسة و الفضاء العمومي

  2. يعني ان الصراع (أو دعنا نقول ما يحدث) بين الدساترة (أو العائلة كما سميتها اي المافيا) و راشد الغنوشي و حاشيته، وقوده الناس و الثورة..

  3. جمال عبدالرحيم

    السيد نصرالدين لا أدري لماذا عناوين مستفزة كثيرا
    لماذا أغلب كتاباتك عن النهضة و مواقف النهضة أليس هناك أحداث أخرى تستحق منك الإهتمام
    هل أصبحت النهضة محور السياسة بتونس

error: !!!تنبيه: المحتوى محمي