27 نوفمبر 2015

Photo 31

تنادت القبائل إلى مولد زهرة، حينّ عزّت الأزهار في صحرائنا القاحلة، بل قالت عجوز أنّها المعجزة، تأتي مع كرامات لا عهد للأعراب بها. عجوز أخرى أقسمت أنّها النبوءة وما قالت الأسفار أنّه قادم. يعيد المجد ويقيم العدل وتصير معه الصحراء جنّة خالدة. علا اللغط كعادة الأعراب حين نقاشهم، وصارت الصرخات غالبة. كلّ قبيلة قالت: «مولده عندي» حين يصير هذا المولود ملك الأعراب قاطبة. قامت الحرب على حين غرّة، بل سالت من الدماء أنهار لا عدّ لها، فقط لنبوءة قالت عجوز أنّها صادقة وقالت أخرى أنّ التصديق بها من أصول الإيمان بالدين وبالآخرة.

عندها أفاق برعم الزهرة من غفوة لذيذة عابرة، بين ندى الصباح وقيلولة حارقة، تنفّس برهة وأمعن النظر، ليجد الأعراب عنده بين ترقّب حارق وصبر لا وجود له. تراجع قيد أنملة علّه يمنع الأيادي الممتدّة إلى قطفه أو ينجو بنفسه بين الأشواك المانعة… جاءت الصرخة من بين السحب، أنّ قطف البرعم يفسد النبوءة ويلغي مولد الصبيّ ويجعل الكوابيس غالبة. تراجعت الأيادي إلى ما كانت، بل اختفت خوف السيوف القاطعة، وتطلعت بدلا عنها الأنظار إلى لحظة بلوغ البرعم مقام الزهرة الينعة.

مرّ الزمن كمثل دهر أو هي دهور قاطبة، فكان أن جاء شعاع من السماء أنّ النبوءة صادقة، وأنّ البرعم سيصير زهرة تجعل طلق النساء من الأمور يسيرة الممكنة. عندها اتخذت الحوامل مكانًا قصيّا، تحت جذع أشواك ثاقبة، حين غاب النخل بل اختفى بفعل القبائل العابرة.

لحظة الميلاد جاءت فجأة، فكان الشذى أبلغ ممّا في الكلام من كلمات معبّرة، وكان طلق النساء دفعة واحدة، فنزل ألف صبيّ إلى الدنيا الفانية. حينها صاحت القبائل أنّ لا جدال، كلّ تدّعي وصل بالصبيّ الموعود دون فائدة.

أفنى الجميع كلّ الصبية وعادو إلى انتظار النبوءة القادمة….


error: !!!تنبيه: المحتوى محمي